“شام” حكمة وطنية في بطولات الدراجات

“لم يبق عمل آخر في البلد غير هذا العمل!”

لا يستطيع الكثيرون إخفاء دهشتهم عندما يسألونني عن عملي حين أخبرهم بأنني حكمة درّاجات، بعضهم يقول ألم تجدي عملا مختلفا؟! والبعض الآخر يتساءل مستغرباً أتركضين خلف الدراجات؟!”

تقف شام حمشو 27 عاما على طريق أوتوستراد اللاذقية لتحكّم في بطولة الناشئين للدراجات الهوائية، إذ تعمل كحكمة وطنية في بطولات الدراجات منذ قرابة العامين.

من جانب آخر، تعمل شام في الهلال الأحمر العربي السوري في قسم التوزيع وتحمل شهادة في المعهد المتوسط للفنون الموسيقية، وطالبة في كلية الإعلام في جامعة دمشق.

أحبّت شام قيادة الدراجات الهوائية منذ صغرها وكانت تمتلك واحدة تقودها في الحي الذي تقطنه في مدينة دمشق، لكن لم تسنح لها الفرصة لتكون لاعبة أساسية في منتخب الدراجات.

في نهاية عام 2016 شاركت حمشو بدورة تحكيم وأحرزت المرتبة الأولى بين المشاركين والمشاركات وبعد مشاركتها في عدّة دورات لصقل مهاراتها وتمت ترقيتها لتصبح حكمة وطنية، وبدأت المشاركة في بطولات الجمهورية للدراجات وبطولات الأندية في المحافظات السورية.

تمنّت شام أن تكون لاعبة دراجات لكن عوائق كثيرة منعتها من ذلك، أهمّها عدم تقبّل المجتمع للفتاة التي تقود الدرّاجة قبل عدة سنوات، إضافة إلى المضايقات الكثيرة التي تتعرّض لها الفتاة التي تقود درّاجتها في الشارع.

تقول شام “تخيّلي كيف كان الوضع قبل سنوات عدّة لم يكن وجود الفتاة على الدرّاجة مستساغا جداً، ربما اليوم لم يتقبّل المجتمع وجود الفتاة التي تقود الدرّاجة بشكل فعليّ، إلّا أن العديد من الفتيات والنساء قمن بكسر الصورة النمطية وفرضن وجودهنّ كقائدات درّاجات في الشارع السوري”.

شاركت شام في العديد من الحملات لتشجيع الفتيات على قيادة الدراجات، ولتوعية المجتمع بضرورة تقبّل الفتاة التي تقود الدرّاجة وعدم مضايقتها كحملة “لا للكلام البذيء لقائدة الدراجة” و”يلا عالبسكليت”.

كفتاة تعمل في مجال التحكيم تواجه شام العديد من التحديات، ففي بعض البطولات يتمّ إغلاق طريق دولي “أوتوستراد” وتحويله إلى مسار دراجات فيأخذ الحكّام والحكمات دور حكّام الطريق يقف كل منهم في كل كيلومتر بمفرده، هنا تبدأ الصعوبات إذ تقف الحكمة بمفردها على الطريق ما يجعلها عرضة لمضايقات المارة “هم لا يعرفون أن لديك مهمة تؤدّينها أو أنك حكمة دراجات أنت بالنسبة لهم فتاة تقف على الطريق بمفردها، لو كنت شابّا لما تعرّضت لهذا النوع من المضايقات”.

لم تقتصر التحدّيات التي تواجهها الحكمات على مضايقات المارة إذ تعرّضت بعض الحكمات للمواجهات مع اللاعبين الرجال الذين لم يعجبهم وجود النساء كمحكمات في مبارياتهم. تقول شام: “بعضهم يستقلّ بقدرتك على التحكيم لكونك امرأة فقط، ولا يستوعبون وجود محكّمات في البطولات”.

على المستوى الشخصي، لم تتعرّض شام لموقف من هذا النوع لكنّها تعرف قصصاً مماثلة عن لاعبين اعترضوا على نتائج المباريات فقط لأن الحكمات شاركنّ في تحكيم المباريات، لكنّها تضيف بأن ازدياد عدد اللاعبات والمدربات والحكمات ساهم في تقبل اللاعبين للفكرة بل وفي اعتيادهم عليها.

من جانب آخر هناك صورة نمطية بأن الفتيات ليس لديهن اهتمامات بالرياضة وبأنهنّ لا يفهمن بأمورها، ما يجعل وجود النساء في ميدان الرياضة محدوداً جداً، لكنّ شام لا تتفق مع هذا الكلام فهي ترى أنه لا يوجد فرق بين امرأة أو رجل فيما يتعلق بالرياضة؛ الموضوع يتعلّق بالاهتمامات فقط هناك أشخاص تهتمّ بالرسم أو بالموسيقى فكلّ شخص لديه اهتماماته.

تضحك مضيفة “ربما الشباب لا يستطيعون تركيز اهتمامهم وتفكيرهم إلاّ على شيء واحد، على عكس الفتيات اللواتي يقمن بعدّة مهام في الوقت ذاته”.

حين سألتها عن ردّة فعل أهلها على رغبتها بأن تصبح محكّمة ضحكت قائلة “أهلي معتادون على مفاجآتي” وأردفت”عندما أخبرت والدتي برغبتي بالمشاركة في دورة تحكيم نظرت باستغراب قائلة أهي قصة جديدة من قصصك؟! فأخبرتها بأنني مصمّمة على الالتحاق بالدورة”.

في البداية استغرب أهلها القصة لكن على الرّغم من استغرابهم لم يعلّقوا على الأمر، وبالفعل بدأت شام بالنزول إلى الملعب لكن حين حان وقت المشاركة في البطولات خارج مدينتها لم يتقبّلوا فكرة ذهابها بمفردها بداية الأمر “لم يتقبلوا الموضوع كثيرا لكنّني لم أتوقّف، عندما شعروا بأنني أحرز تقدماً في هذا المجال تقبلوا الموضوع بشكل أكبر”.

وتردف “ربّما ساعد في تقبل أهلي للأمر وجود تجربة سابقة في العائلة في رياضة مختلفة، إذ أن ابنة خالتي وتدعى (عواطف الحلبي) حكمة دولية في كرة السلّة ومسؤولة عن فريق الشارقة بالإمارات، تلعب كرة السلة منذ زمن بعيد وهي لاعبة محترفة ومدرّبة وحكم”.

تتمنّى شام المشاركة في الدورة الآسيوية المقبلة وأن تصبح حكمة دولية وعالمية وتطمح إلى الاستمرار في هذا المجال، لأنه من الأشياء التي تجعلها سعيدة “أكون في غاية السعادة حين أحكّم أشعر بسعادة داخلية فأنا أفعل الشيء الذي أحبه،

ربما اضطر إلى إلغاء بعض الالتزامات كأن آخذ إجازة من العمل وأتغيّب عن الجامعة في أيام البطولات إلّا أنني في النهاية أفعل ما يحقّق سعادتي”.

 

 

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد