فنانة بكت بسبب عمرها.. لا تقبلي بأن تكوني مجرد رقم!

وأنا أتابع بالصدفة فيديو مباشر للفنانة أصالة عبر تطبيق إنستغرام، حيث تحدّثت عن بلوغها 51 عاماً ثمّ بكت متأثرةً بسنوات حياتها التي مرّت وهي تحمل خلف كل تصرفاتها “الخاطئة” كما أسمتها “عقدة العمر”، وأنا أتفرّج على أصالة نصري التي لطالما وصفها منتقدوها بأنها فنانة “معقَّدة”، وأنا أسمعها تتحدّث بطلاقة وأريحية عن كَمّ العقد التي “تراكمت وتراكبت فوق بعضها في شخصيّتها” كما قالت، وإذ لفتتني صراحتها وتصالحها الكبير مع ذاتها، واعترافها – دون أن تقول حرفياً أنها تخضع لعلاج نفسي –بأنها تحظى بمساعدة “ناس مختصّين” لتتعرف على ذاتها وتقدّر ما اعطاها اياه الله وما حققته من إنجازات في هذه السنوات الـ 51″.. وأنا أتابع أصالة نصري، تذكّرت كم هو ظالم مجتمعنا العربي بحق المرأة، إذ أن ذكوريّته، على سخافة مركّباتها وهشاشة أسلحتها، لكنها قادرة على تدمير حياة امرأة، مهما كانت ناجحة، بسلاحٍ فتّاك من نوع “رقم”!

نعم رقم!               

عمر المرأة رقم. وزنها رقم. مقاس جسمها رقم. ثمن ملابسها وأكسسواراتها ومساحيق تجميلها مجرّد رقم … واللائحة تطول!

كلّها أرقام لا يقيم لها الرجال اي اعتبار لأن أحداً لا يقيّمهم على أساسها. هي أرقام تتراكم في نفسيّة المرأة و”تتراكب” (على قول أصالة) مشكّلةً كمّاً من العُقد النفسية التي على أساسها تعبّر شخصية هذه المرأة عن نفسها بكلامها وتصرفاتها واسلوب تعاملها مع نفسها والآخرين، وعلى أساسها أيضاً يتم تقييمها وامتحانها!

ومن أجل ماذا؟ ومن المستفيد؟!

في مقياس العمر، والرشاقة والأناقة، تبدأ حلقة المستفيدين من صانعي ومروّجي عمليات ومساحيق التجميل والموضة وغيرهم، ولا تنتهي تحت زنّار رجلٍ مهووس بشبق أنثى توقّف الزمن فيها على عتبة العشرين!!! هل فكّرت النساء يوماً باعتماد المعايير نفسها في اختيار الرجال لوظيفة أو حبّ او شراكة حياة؟! طبعاً لا!

إذاً أيتها المرأة، آن الأوان لأن تقتنعي بأن ثمة من يريد لكِ أن تظلّي مجرّد رقم في قائمة زبائن الموضة، مجرد رقم في عَدّاد الأرباح المتراكمة لكبار التجار والشركات المصنّعة، وفي أحسن الحالات مجرد رقم في مرّات الإشباع العاطفي والجنسي لرجل أحلامِك!

تخيّلي أن حياتكِ كلّها متوقّفة عند رقم! تخيّلي أن العالم يريد اختزالكِ برقم!

واليوم، الآن، أينما كنتِ، قفي أمام المرآة ليس لتفقّد عدد التجاعيد، ونسبة السنتيمترات الزائدة أو الناقصة حول خصرك وأردافك هذه المرّة، لا!

إسألي نفسكِ: أين أنتِ من كل هذا “الغشيان” المجتمعي الباعث على الغثيان؟!

أينَ طاقتك كإنسان؟ أين خبراتك ومهاراتك الذهنية والبدنية والإبداعية؟

كيف تستثمرينها لتحبّي نفسك والحياة؟

إسألي نفسك كل يوم: ما الفائدة من التلهّي بالأرقام في مجتمعٍ ينتظرك على حافة غلطة، ليجعل منك مجرّد رقم إضافي في عداد ضحاياه تنمّراً وأحكاماً وتشويه سمعة، وفي أسوأ الحالات نكراناً أو تعنيفاً أو قتلا؟!

قفي أمام المرآة اليوم وكل يوم. تعرّفي على ذاتك وأحبّيها لذاتها بغضّ النظر عن جنس الأرقام. أحبّي نفسكِ لأنك تستحقين، كائناً ما كان ما أنتِ عليه اليوم.

أحبي نفسكِ، ليس كحبّ أصالة نصري السابق لنفسها يوم قالت جهراً “بحب حالي” فاتّهمها الجميع بالأنانية! بل كحبٍّ ينمو حديثاً في نفسها بعد أن تعرّفت على ذاتها الأعمق كإنسانة وليس كفنانة، وبعد ان غاصت في جوهرها الداخلي فتداعت أمامه كل المباهج الفارغة والأرقام الزائفة والإعتبارات المجتمعية التافهة، حتى غدا الاعترف بالعمر اعترافاً بكل القيم المضافة إليه، وبكل الإنجازات والنعم التي تحقّقت خلال أرقام سنواته المتراكمة!

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد