جريمة اغتصاب فتاة من ذوات الإعاقة في مخيم عين الحلوة
بعد اكتشاف أنها حامل انتشر أمس خبر اغتصاب فتاة من ذوات الاعاقة، على الرغم من محاولة الجهات الامنية في مخيم عين الحلوة في صيدا من التستر عن الفضيحة التي وقعت منذ خمسة أشهر. وبعد تداول الخبر ومحاولة تكذيبه خرجت عائلة الضحية لتأكد على الجريمة عبر بيان رسمي، والتي توارد أن عناصر من الأمن الوطني الفلسطيني التابعين لحركة “فتح” هم المتورطين فيها.
ونقلت صفحة “مخيمات لبنان نيوز” عبر فيسبوك الخبر الذي جاء فيه ” اغتصاب فتاة مريضة عقلياً في مكتب الأمن الوطني الفلسطيني في مخيم عين الحلوة. أكدت مصادر فلسطينية أن نحو ٩ عناصر من الأمن الوطني الفلسطيني اقدموا على اغتصاب فتاة مريضة عقلياً في أحد مكاتب الأمن الوطني الفلسطيني بحي الطيرة في مخيم عين الحلوة. وسلمت قوات الامن الوطني المدعوين عدنان نمر العلي وفادي عناني الى مخابرات الجيش اللبناني، بعد التحقيق معهما، وثبوت تورطهما في هذه الجريمة البشعة”.
تدخلات أمنية لمساعدة المجرمين
وبعد انتشار ما عبرت عنه فتح في بيانٍ لها بالشائعات سلّمت قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا المجرمين فادي عناني وعدنان العلي إلى مخابرات الجيش اللبناني بعد اجراء التحقيق اللازم. ولكن في المقابل، نكر الأمن الوطني في منطقة صيدا أن المتورط مدرج على قيود الأمن الوطني وأن القضية تندرج في اطار العائلية إذ زعموا أن المعتدي هو عم والدها.
وبعد مضي أسبوع على الشكوى المرفوعة من أهالي الضحية، لم تصل الدعوى حتى الآن إلى مخفر صيدا. وعلى الرغم من أن التحقيقات مستمرة في هذه القضية، يبدو أن التدخلات الامنية تلعب دورها هذه المرة أيضا في طمس الجريمة والتستر عن الفضيحة ومساعدة المجرمين على الافلات من العدالة، في الوقت الذي تتعرض فيه النساء والفتيات من ذوات الاعاقة للاغتصاب والاستغلال الجنسي داخل المخيمات، في ظل تواجدهن في مناطق خاضعة لنفوذ عسكرية تفرض هيمنة ذكورية وسلطوية تمنح المحيطين بهم خصوصاً الرجال عدسة تمكنهم من النظر إلى أجساد هؤلاء النساء كأماكن لتفريغ عنفهم ورغباتهم.
في مقابل الانكار ومحاولة التملص، عاودت صفحة “مخيمات لبنان نيوز” نشر تفاصيل حول المجرمين وكشفت بالأدلة أن المجرم المسؤول هو فادي العناني وينتمي لحركة فتح والمكتب الإعلامي لشعبة فتح في صيدا، وكذلك لقسم الإعلام للأمن الأمن الوطني الفلسطيني في مخيم عين الحلوة. كما توعدت الصفحة من فضح المتورطين قريباً عبر الحمض النووي لمعرفة الأصل.
بيان المجموعات النسوية حول إطلاق سراح المجرمين
بالاضافة إلى النظرة الجنسية البحتة للنساء، لا يمكن أن ننسى تواجد لجان بإسم الأمن في المخيمات وهي على استعداد دائم لحماية الرجال بغض النظر عن نوع الجرم، وهذا ما عبرت عنه مجموعة ناشطات نسويات نشرن نهار الخميس الماضي بياناً استنكارياً طالبن فيه محاسبة المجرمين ” نطالب بتحرك النيابة العامّة بصورة مباشرة وسريعة، والكشف في أسرع وقت عن ملابسات الاعتداء، وإنزال أشد العقوبة بالمعتدين، والسعي الجدّي للكشف عن أسماء المتورّطين الآخرين. ونطالب بتواصل الجهات المعنية مع الضحية لمعرفة حاجاتها ومطالبها، وتوفير الدعم الصحي والنفسي اللازمين، مع تأمين حمايتها وحماية عائلتها من خطر أي جهة أمنية تسعى إلى الضغط عليهم بهدف التستر على المجرمين.
إذ أكد البيان المعلومات المتوافرة حول جريمة الاغتصاب والذي أفاد أنّ المجرمين ينتمون إلى “الأمن الوطني الفلسطيني” وهو جهاز تابع لحركة فتح. ومع أنّ حركة فتح في لبنان سارعت إلى إصدار بيان تؤكّد فيه عدم انتماء المجرمين إلى حركتها، الّا أنّ المعطيات تُظهر عكس ذلك تماماً. فقد تمّ اعتقال المتّهمين يوم الثلاثاء في 14 حزيران قبل أن يتم إطلاق سراحهما في اليوم ذاته بعد تدخل أمني وسياسي. وتوارد نهار الخميس 16 حزيران/يونيو شائعات عن إعادة تسليمهم لمخابرات الجيش اللبناني، مما يطرح تساؤلات خطيرة عن كيفية التعاطي مع الجريمة بهدف التستّر على الفضيحة”
وعبّر البيان أن هذه الجريمة ليست حديثة العهد على المجتمع الفلسطيني في لبنان، بل جرت العادة أن تمرّ هذه الجرائم وغيرها بلا حسيب أو رقيب وبغطاء كامل من جهات فصائلية دون إنزال أي عقاب يرقى لمستوى الجريمة. واعتبر أن ما حصل ما هو إلا نتاج استغلال بعض الفصائل الفلسطينية لقوّتها وموقع سلطتها لتمرير الجرائم وإخفاء حيثياتها بأقل الخسائر الممكنة دون أدنى اعتبار للضحايا النساء.
ولفت البيان الصحفي عن مسارعة المدافعون للدفاع عن براءة المجرم عبر الاستشهاد بتصرفاته “الخلوقة” لنفي التهمة عنه، وكأنّما هنالك سلوكيات واضحة ومتعارف عليها تميّز المغتصِب. وإنّ هذه الطريقة في التعاطي مع القضية، إن كان من ناحية اتباع أسلوب الترهيب والتسكيت والدعوة إلى التستر بحجة الشرف والسمعة، أو المسارعة لإغلاق الملفّ والتركيز على مصير الجاني والتهليل “لبراءته” المزعومة على حساب حياة الضحية ومصيرها وحاجاتها، فما هي إلّا سلسلة من ممارسات النظام والمجتمع الأبوي الذي يعمد إلى تسكيت النساء وإغفال الجرائم المرتكبة بحقهن، وتسليع أجسادهنّ، من التحرش والاغتصاب وحتى القتل.
وبعد التغاضي عن الاجرام الذي يطال النساء والفتيات في لبنان خصوصا بعد جريمة انصار التي لم يتحاسب بعد المسؤولين عنها، نقل البيان إن حماية النساء وتصديقهنّ، ومحاسبة المعتدين من دون مساءلة الضحايا أو التشكيك بمصداقيّتهن، في المخيّمات وخارجها، فلسطينياتٍ كنّ أو لبنانيات أو سوريّات أو أجنبيّات، هو ما يجب أن يكون من البديهيّات. وأن المجموعات النسوية لن نقف مكتوفات/ي الأيدي أمام ممارسات تهميش النساء الضحايا في المخيّمات وقمعهنّ المستمرّ وترهيبهنّ من قبل المجموعات الأمنية المسيطرة على المخيّم والتي لا تتردّد في حماية الرجال المعنّفين والمغتصِبين والمتحرّشين. فهذه الواقعة ليست فرديّة، وليست الأولى ولن تكون الأخيرة.
تدخل مخابرات الجيش
وضح البيان الصادر عن بعض المجموعات النسوية عن دور مخابرات الجيش إذ بحسب البيان يثير تدخّل مخابرات الجيش في قضية تقع بصورة واضحة لا تحتمل التأويل ضمن صلاحيات القضاء العدلي، مخاوف لجهة ضمان حق الضحية بالادعاء ضد مغتصبيها وتأمين الحماية اللازمة لها، لا سيما لجهة تطبيق قانون الحماية من العنف الأسري في ظل أن أحد المتهمين هو عمّ الفتاة.
تتحمل النيابة العامة مسؤولية التحرك وإعطاء الإشارة للضابطة العدلية المختصة لإلقاء القبض على المتهمين والتحقيق معهم، وإحالة الملف أمام القضاء العدلي واستبعاد أي احتمال لتدخل القضاء العسكري أو الشرطة العسكرية او اي جهاز تابع للمؤسسة العسكرية في هذه القضية. إن أي محاولة لإحالة القضية هذه أمام القضاء العسكري، هي تجريد للضحية من ممارسة حقها بالادعاء ومتابعة قضيتها، ويحولها إلى مجرد شاهدة أمام القضاء.
وانتشار الخبر يعتبر إخباراً للنيابة العامة ويوجب تحركها بصورة مباشرة وسريعة. في حال غياب أي إشارة من قبل النيابة العامة لملاحقة المتهمين، يعتبر تقاعساً من قبلها. وتكون بذلك النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، متقاعسة للمرة الثانية عن التحرك واتخاذ الإجراءات بالسرعة اللازمة في قضايا مرتبطة بالنساء، بعد جريمة أنصار.
أهلية الضحية
وبحسب البيان الصادر، تكون السلطات القضائية وفي سياق تحريكها للحق العام، هي الجهة الوحيدة القادرة على التدخل لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من أهلية الفتاة واحتمال حاجتها للتدخل القضائي لتأمين حماية خاصة من قبل جهة يعينها القاضي العدلي المختص، دون غيره، و بالاستناد إلى رأي خبير
وإن احتمال أن تكون الضحية تعاني من أي مرض أو إعاقة عقلية ليس إلا سبب لتشديد العقوبة على المرتكبين عند محاكمتهم، ولا يمكن أن يصب في أي حال من الأحوال في الحد من حق الضحية بالحماية والانتصاف والتعويض، ولا يؤدي بأي شكل من الأشكال لفتح المجال أمام التشكيك بادعاءاتها بهدف تكذيبها.