في وداع الطفلة نايا حنّا.. ضحية السلاح المنفلت والرصاص الطائش
بعد معركةٍ استمرت 23 يومًا للبقاء على قيد الحياة، توفيت الطفلة نايا حنّا (7 سنوات)، مساء السبت الماضي. وذلك نتيجة إصابتها برصاصة “طائشة”، استقرّت في قاعدة جمجمتها.
وبتاريخ 3 آب/أغسطس الجاري، وبينما كان حملة السلاح المنفلت يطلقون رصاصاتهم في الهواء ابتهاجًا بنتائج الامتحانات الثانوية العامة، كانت نايا تشارك في مخيّمٍ صيفيّ نظّمته مدرستها في منطقة الحدث، في جبل لبنان.
وعلى أثر إصابتها تم نقل نايا إلى المستشفى. فدخلت في غيبوبة من الدرجة الرابعة بعد عجز الطبيبات/الأطباء عن إنقاذها جراحيًا. وتم وضعها على أجهزة التنفس الاصطناعي، لكّنها لم تستطع الصمود أكثر ثمّ رحلت عن عالمنا.
فيما ما يزال مرتكبو الجريمة أحرارًا طلقاء، خرج علينا الساسة اللبنانيون مرّة جديدة لإطلاق وعودٍ كاذبة بـ”محاسبة الفاعلين”. في حين لم يتخذوا أيّة إجراءات استباقية جدّية من شأنها أن تحدُّ من جرائم السلاح المنفلت.
وكانت عائلة نايا، أكدت في بيانٍ سابق، أنّ “ابنتهنَّ/م فتاة قوية، وهي ما زالت تحارب لتعود إلينا”.
وقد شكرت العائلة في بيانها “جميع الأشخاص اللواتي/الذين أظهرن/وا لنا تعاطفًا كبيرًا ومحبّة على أفكاركنَّ/م الطيبة وصلواتكنَّ/م”.
أثارت أنباء وفاة الطفلة نايا موجة غضب عارمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وسط دعوات الناشطات/ين لاتخاذ خطوات صارمة تتفادى فيها البلاد وقوع جرائم مماثلة في المستقبل.
وعبّرت الإعلامية كريستين حبيب عن استيائها عبر موقع “أكس” (تويتر سابقًا)، من المصير المجهول الذي تعيشه اللبنانيات/اللبنانيين في “وطن الصدفة”، وفق وصفها.
نايا قاومت الرحيل أكثر من أسبوعين، لكنّ قلبها استسلم اليوم.
أبشع ميتة لأجمل ملاك 💔 رصاصة طائشة أطلقها مجهول يحتفل بنجاح في شهادة رسميّة… نال شهادة في القتل من دون أن يعرف ربّما أنه القاتل!
هذا وطن الصدفة الذي نخرج فيه من بيوتنا صباحًا، مع صلاة بأن نعود مساءً سالمين…#نايا_حنا pic.twitter.com/lsCj0otAUZ— Christine Habib (@Christine_Habib) August 27, 2023
وفي تغريدة أخرى ودّعت الناشطة منى رسلان الضحية، معبّرة عن حزنها وغضبها الشديديْن للعيش فيما أسمتها “اللادولة”.
نستودعك #نايا_حنّا طفلة بهية مع الملائكة وفي حضن الله. تُسجّى البراءة على يد “جاهل”ورصاصة طائشة، كما سُجّي #لبنان لتقويض فاعلية العيش فيه باللا_دولة؛ ولن ينالوا منا. قلبك يا نايا يودِّعنا، وعيونك الضاحكات بريقها نوراً كونياً.(وإلى تُجّار الموت بالمجّان: كل ساق منكم سيسقى بما سقى) pic.twitter.com/jiIhGHR0Bb
— Mouna Reslan (@MounaReslan) August 27, 2023
كذلك عبّرت الناشطة ميسي، عن خوفها لدى التنقل مع أولادها من أن يلحقهنَّ/م المصير ذاته.
ما بقدر ابداً اتحمّل و لا بقدر إتخايل هيك اشياء بعدها عم تصير!
كل ما وصّل ولادي على المدرسة او الفوتبول بمنطقة اليرزة بعبدا بي ضل قلبي بإيدي من شي رصاصة طايشة هني و برا عم يلعبوا لأن هي المنطقة العالية المشرفة ع بيروتكيف بيكون راسو يلي بي قوّس تا يحتفل؟!
الله يرحمك #نايا_حنا 💔 pic.twitter.com/LkyA6kGzQ0— ✨MAYSSI✨ (@Mayssi_) August 27, 2023
كما رثى الناشط شادي منصور الضحية وعبّر عن تضامنه مع عائلتها في مصابها الشديد.
بَيّ مبسوط بنجاح ابنو أو ابنته
كان السبب بخسارة أهل لضَناهم،
نايا يلي كانت عم تحارب من ٢٣ يوم صارت بمطرح آمن .
من كتر الأنانيّة والجهل في أهل مكسور خاطرهم، الله يعطيهم الصبر😩 ولروحك الصلاة #نايا_حنا #لبنان pic.twitter.com/wMV1XGiJd8— Chadi Mansour (@chadiman) August 26, 2023
تنديدات غير مجدية!
كما جرت العادة لدى وقوع أيّة جريمة بالرصاص الطائش، أصدر وزير التربية والتعليم، عباس الحلبي، بيان استنكار في اليوم التالي لمقتل نايا.
ووصف الوزير الجريمة بـ”الطيش الذي تحوّل إلى جريمة نكراء”.
وتابع: “إن النجاح في الامتحانات الرسمية مدعاة للفرح وتبادل التهاني وتعزيز الأمل بالمستقبل. في ظل الآفاق المسدودة في السياسة”.
وبدلًا من اتخاذ ترتيبات ملموسة لها جدوى أكثر من الكلام، “أسف” الحلبي لعدم الاستجابة لـ”دعوات وزارته المتكررة إلى عدم إطلاق النار عند إصدار النتائج”.
ودعا حينها “القوى الأمنية والعسكرية إلى ملاحقة مطلقي النار وإحالتهم إلى القضاء المختص ليكونوا عبرة لغيرهم”. دون صدور معلومات لاحقًا حول تحقّق ذلك.
من جانبها، أصدرت بلدية الحدث بيانًا لترامي المسؤولية عن الجريمة. وقالت إن “دماء نايا برسم الأجهزة الأمنية والقضاء ورجال الدين والأحزاب وصنّاع الرأي والإعلام”.
وأطلقت البلدية ما أسمتها “صرخة في وجوههم جميعًا”. وطالبت “بتحمّل المسؤولية الإنسانية والأخلاقية لوقف هذه المأساة التي تتكرّر في أكثر من منطقة وأكثر من مناسبة”، حسب تعبير البيان.
تشير إحصائيات سابقة إلى أن حوالي 7 قتيلات/قتلى و15 إصابة يقعنَ/وا في لبنان بسبب الرصاص الطائش سنويًا.
ووفقًا لدراسة أجرتها شركة “الدولية للمعلومات”، بلغ عدد ضحيات/ضحايا الرصاص العشوائي في لبنان بين عاميّ 2010 و2021، 81 شخصًا، مع نجاة 169 آخريات/ين.