أميركا وبريطانيا تُرهبان اليمن.. هل تعاقباها على انتصارها لغزة؟

في تطورٍ جديدٍ لاستهداف شعوب المنطقة، قامت أميركا وبريطانيا بقصف اليمن عشية محاكمة الكيان الصهيوني على جرائمه بدعوى من جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية.

ففي الساعات الأخيرة، نفّذت طائرات حربية وسفن وغواصات أميركية وبريطانية ضربات في أنحاء اليمن.

جاء الهجوم بعد قرار مجلس الأمن القاضي بوضع عقوباتٍ على اليمن جراء وقوفها ضد الإبادة الصهيونية على غزة. وذلك من خلال وقف حركة الملاحة في البحر الأحمر، واعتراض وحجز البواخر المتجهة من وإلى الكيان الصهيوني.

بايدن يهدد: “لن نتسامح”

صباح الجمعة 12 كانون الأول/ يناير، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا وجّهتا “بنجاح” ضربات للحوثيّين ردًّا على هجمات على سفن في البحر الأحمر”، فيما تحدّث شهودٌ عن ضربات طالت مدنًا يمنيّة.

بوقاحةٍ استعماريةٍ معهودة، قال بايدن، في بيان: “اليوم، بتوجيهٍ مني، نفّذت القوات العسكرية الأميركية – بالتعاون مع المملكة المتحدة، وبدعمٍ من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا، ضرباتٍ ناجحة ضدّ عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها المتمردون الحوثيون لتعريض حرية الملاحة للخطر في أحد الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم”.

كما وصف الهجوم بأنه “رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة وشركاءنا لن يتسامحوا مع الهجمات على طواقمنا أو يسمحوا لجهات مُعادية بتعريض حرية الملاحة للخطر في أحد أهم الطرق التجارية في العالم”.

كيف عطّل اليمن تعطيل حركة الملاحة الاستعمارية؟

كان لوقف حركة الملاحة الاستعمارية التي تنقل السلع والسلاح لصالح الكيانات الإمبريالية كإسرائيل وأميركا وأوروبا تأثيرًا كبيرًا على اقتصاد هذه الدول، وقدرتها على التحرّك بحرية في البحر الأحمر. خصوصًا وأن حمولات هذه البواخر غالبًا ما تتضمن الأسلحة والثروات الطبيعية المسروقة من دول المنطقة، والمؤن الضرورية لاستمرار الكيان.

كما كان لتعطيل حركة الملاحة عواقب وخيمة على الشركات الرأسمالية التي تخدم الكيان وبنيته الاستيطانية. إذ ذكر موقع غلوبس المختص بالاقتصاد الإسرائيلي أن تل أبيب أصدرت تعليمات للموانىء الإسرائيلية بحجب بيانات سفنها القادمة والمغادرة، تجنّبًا لتعرّضها للهجوم.

ففي حين كان الكيان الصهيوني يعوّل على مزيدٍ من الدعم العالمي لمصالحه الاقتصادية، تمكّنت المقاومة اليمنية من تعطيلها. إذ احتجزت ناقلات نفطٍ صهيونية، في خطوةٍ يُشهد لذكائها وأهميتها كأداة نضالية فعّالة.

كما تم التصدي للبواخر التي كانت تزوّد الكيان بالمواد الكميائية التي يستخدمها في تسليحه، وذلك من خلال استهداف ناقلة كيمياويات نرويجية.

بهذا، جاء قصف اليمن منذ أمس كعقابٍ على مقاومته الفعّالة بوجه الكيان الصهيوني وحرب الإبادة على غزة. وهو يدفع ثمن تصدّيه لآلة حربٍ دموية ووحشيةٍ تبطش دون تردّد أو رادع، وسط تخاذلٍ عربيٍّ وعالميّّ مخجل. رسالةٌ من القوى الاستعمارية، مفادها أن الاستعمار فوق المحاكمة والمحاسبة، وأن ترساناتهم العسكرية ستعاقب كل من يريد أن يضع حدًّا لجرائمهم.

أميركا “فوق المحاسبة”

لأميركا دورٌ كبير في تأكيد ذلك، ليس عبر قصف بلداننا فقط، بل أيضًا عبر القانون الذي سنّته إدارة جورج بوش الإبن سنة 2002. قانونٌ يمنح أميركا الحق بغزو لاهاي عسكريًّا إذا تجرأت محكمة العدل الدولية على محاكمة أي قائد أميركي.


وقع الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش على هذا القانون لحماية أفراد الخدمة العسكرية الأميركية والرؤساء والقادة الأميركيين في عام 2002. وهو يحمل في طيّاته تهديدًا وتخويفًا للدول التي صدّقت على معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وثنيها عن التفكير بمحاسبة أميركا على أي اعتداءٍ تقوم به.

كما يسمح هذا القانون باستخدام القوة العسكرية لتحرير أي أميركي أو مواطن من دولة حليفة للولايات المتحدة محتجز لدى المحكمة التي يقع مقرها في لاهاي.

وأثار هذا البند، الذي أُطلق عليه اسم “شرط لاهاي للغزو”، رد فعلٍ قوي من حلفاء الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، خصوصًا هولندا. ما يفسّر اختيار أميركا وبريطانيا عشية اليوم الجلسة الأولى من محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية لقصف اليمن.

كما كانت المؤسسات الدولية التي تتبجح بالقانون الدولي وحقوق الإنسان في أهبة الاستعداد لتمهيد هذا العقاب. وذلك من خلال إدانة اليمن في مجلس الأمن، وإعطاء الضوء الأخضر لبدء إبادةٍ جديدةٍ في المنطقة.

هل يدفع اليمن ثمن موقفه الداعم للمقاومة الفلسطينية؟

تثبت المقاومة اليمنية بإصرارها على تحدّي الاستكبار الإمبريالي، أن شعوب المنطقة قادرة على تحدّي هذا الشر ومواجهته حتى الخلاص منه. لم تمتلك هذه الكيانات سوى استخدام قوتها العسكرية لعقاب الشعب اليمني، ولجم أيّ محاولة لوقف العدوان على غزة.

نؤكّد تضامننا مع الشعب اليمني في مقاومته للاىىىتعمار والإرهاب الأميركي والأوروبي، ومقاومته للكيان الصهىوني، التي يدفع ضريبتها اليوم، هو المنكوب بسنواتٍ من الحرب والتجويع والتآمر.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد