لماذا لا يسأل الرجال عن واجباتهم الرعائية؟

بمجرد أن تختار امرأة ما الجمع بين العمل الرعائي  -غير المأجور- داخل المنزل، والعمل خارجه، حتى تنهال عليها أسئلة ونصائح حسن تنظيم الوقت للتنسيق بينهما.

تنطلق هذه الأسئلة والنصائح جميعها من النقطة ذاتها، أن جوهر كينونة المرأة في العمل الرعائي؛ الطبخ، والغسيل، والتنظيف إلى حين الإنجاب فالاهتمام بالأطفال.

وتصبّ جميعها أيضًا عند تقديم العمل الرعائي على أيّ طموح أو مهنة، فيصبح المطلوب هو التفرّغ للمنزل وأعماله مقابل التخلي عن كل ما هو خارجه، وليس فقط فيما يخصّ العمل، بل حتى الترفيه أو التسلية.

في المقابل، لا يُسأل الرجل عن مهاراته في تنظيم الوقت، ولا في حسن إدارة الموارد وإنجاز كل شيء بمثالية تامّة؛ يكفي أن يستمرّ في عمله ويجني المال اللازم للإنفاق والتحكّم، ثم ينسب الفضل في ذلك بشكل كامل له.

 

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Sharika wa Laken – شريكة ولكن (@sharikawalaken)

الصبيّ يتعلّم مواجهة الحياة، والفتيات يجب أن يعشن على هامشها

يكبر الصبي وهو يراكم خبرات من اللعب في الحيّ، يتعلّم أنه يمتلك مساحة لارتكاب الأخطاء، لا بأس أن يقع فيجرح ساقه، ستشفى.

لا بأس أن يتشاجر مع الصبية الآخرين فيضربهم أو يضربونه، سيشتدّ عوده ويتعلّم الدفاع عن نفسه. ورغم أن الدفاع عن النفس والتأقلم مع الإصابات هما مهارتان في صلب غريزة النجاة التي من شأنها ضمان استمرار الجنس البشري، إلا أن التربية الصارمة المفروضة على الفتيات تجرّدهنّ منها.

فاللعب في الحيّ يصبح امتيازًا تفقده الطفلة قبل بلوغها سن العاشرة، وتحبس داخل المنزل معزولة عن أيّ تجربة طفولية أو تفاعلية مع التشديد على أنه مكانها الطبيعي، فركوب الدراجة قد يتسبب بفقدان “البكارة”. أما الانخراط في الألعاب الطفولية سواء كانت بريئة أم عنيفة قد يؤدي إلى إصابة تكشف “عورة” معينة من جسدها.

بالإضافة إلى برمجتها على أنها ستكون ربة منزل في المستقبل، ومهما اختارت من مهنة فستكون -بحكم دورها الاجتماعي- مجبرة على أداء العمل غير المأجور إلى جانبها.

يركّز هذا التنميط على تحويل جميع مواهب الفتيات وقدراتهنّ نحو استغلالها في العمل الرعائي، فإذا أظهرت الطفلة اهتمامًا بالأطباق وتزيينها فسيخبرونها أنها حتمًا ستصبح أمًا وزوجة تسعد زوجها وأطفالها بطعامها. بينما الصبي الذي يظهر الاهتمام نفسه فسيكبر وهو يطمح بانه يصبح واحدًا من أمهر وأشهر الطهاة في العالم.

هذه السلسلة التميزية الظالمة يجب أن تكسر هنا

فككت المدارس النسوية هذه الأدوار الجندرية النمطية التي يبدأ بناؤها من مراحل ما قبل الطفولة، وأكّدت على ضرورة التوازن وترك المجال مفتوحاً للخيار الحرّ دون الاضطرار إلى دفع ضريبة الزواج والأمومة من الطموح الشخصي.

ففي كل مرة نفكر فيها بأمهاتنا وجدّاتنا والنساء اللواتي ضحين في سبيل العائلة، ثم كبرن مفقّرات مضطرات للاعتماد على الجميع ما عدا أنفسهن، نتذكّر أن سلسلة الأدوار النمطية يجب أن تكسر عندنا.

ويجب أن نفسح المجال للطفلات كي يخضن تجاربهن في الحياة، أن يرتكبن الأخطاء ويتعلمن تجاوزها، أن يكبرن وهنّ موقنات أن ارتكاب الخطأ والتعلّم منه جزء من الطبيعة البشرية.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد