مبادرة “لاها” وأهمية الحديث عن الصحة الجنسية والإنجابية للنساء والفتيات

تشكل الصحة الجنسية والإنجابية للنساء والفتيات، قضية معقدة تتداخل فيها العوامل الاجتماعية والطبية والثقافية. كما أنها في صلب النضال النسوي لتحصيل الحقوق والحريات للنساء والفتيات على مختلف انتماءاتهنّ وخلفياتهنّ الاجتماعية أو الثقافية.

وتتسبب المنظومة الأبوية بمعاناة النساء والفتيات من نقص حاد في المعلومات الطبية، ما يجعلهن عرضة لانتهاكات صحية، سواء من خلال الإهمال الطبي، أو بسبب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بهذه المواضيع، خصوصًا للفتيات غير المتزوجات.

في هذا السياق، تبرز مبادرة “لاها” المنصة الرقمية التي تسعى لتوفير المعلومات والدعم في بيئة آمنة، لمواجهة هذه التحديات.

التحديات الطبية والاجتماعية للصحة الجنسية والإنجابية

يؤدي نقص التوعية الصحية إلى تداعيات خطيرة على صحة النساء، مثل سوء التشخيص، أو اللجوء إلى ممارسات طبية غير آمنة.

وفقًا لدراسة أجرتهامنظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2022 فإن 35% من النساء في الدول الناطقة بالعربية يفتقرن إلى المعلومات الكافية حول الصحة الجنسية والإنجابية، مما يزيد من احتمالية التعرض للأمراض المنقولة جنسيًا والمضاعفات أثناء الحمل والولادة.

كما أظهرت دراسة أجرتها الجمعية اللبنانية للصحة الإنجابية (LARSأن 40% من النساء في المناطق الريفية اللبنانية لا يحصلن على رعاية صحية نسائية منتظمة بسبب نقص المعلومات أو الخوف من الوصمة الاجتماعية.

الوصمة الاجتماعية والخوف من زيارة العيادات النسائية

تعاني الفتيات غير المتزوجات من وصمة مجتمعية عند محاولتهن زيارة طبيب/ة نسائي/ة، حيث يمنعهن الخوف من الوصم الاجتماعي بما يعرف بـ “فقدان العذرية” من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

وفقًا لدراسة أجرتها الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB) عام 2021، فإن 60% من الفتيات بين 15-24 عامًا في لبنان يخشين زيارة العيادات النسائية بسبب المفاهيم المجتمعية.

وتمنع الوصمة الاجتماعية النساء من الحديث عن مشاكلهن الصحية أو الاستفسار عن طرق الوقاية والعلاج.

وفقًا لشهادات تم توثيقها في مبادرة “لاها”، أعربت العديد من الفتيات عن شعورهن بالخوف من طرح الأسئلة حول صحتهن الجنسية، حيث قالت إحدى المشاركات: “لا يُسمح لنا بمعرفة أي شيء، ولكن بمجرد أن نتزوج، يتوقعون منا أن نعرف كل شيء.”

كيف تساهم “لاها” في مواجهة هذه التحديات؟

تعتبر “لاها” منصة رقمية مبتكرة توفر فضاءً آمنًا للنساء والفتيات يساعدهن على الوصول إلى المعلومات حول الصحة الجنسية والإنجابية، مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومحو الأمية الرقمية.

ومن خلال تصميم يراعي احتياجات الفئات الأكثر ضعفًا، تسهم المبادرة في توفير الخدمات التالية:

  • منتديات تفاعلية: حيث يمكن للفتيات والنساء طرح الأسئلة دون خوف.
  • تشات بوت تفاعلي: يوفر معلومات دقيقة حول الصحة الجنسية والإنجابية.
  • إمكانية الوصول إلى الخدمات القريبة: لمساعدة النساء في إيجاد المراكز الصحية المناسبة.
  • خيار الخروج السريع: الذي يتيح لهن مغادرة الموقع بسرعة إذا كن في بيئة غير آمنة.

وتشير الإحصائيات إلى وصول “لاها” إلى أكثر من 350 ألف مستخدمة خلال 12 شهرًا في دول مثل لبنان، العراق، وفنزويلا.

وأظهرت البيانات أن المواضيع الأكثر بحثًا تتعلق بالدورة الشهرية، والخدمات الصحية، والعلاقات العاطفية غير الصحية، ما يدل على الحاجة الملحة لمثل هذه المبادرات.

وتبرز أهمية هذه المبادرة في أن الصحة الجنسية والإنجابية ليست مجرد مسألة طبية، بل هي قضية اجتماعية وإنسانية تتطلب تغييرًا ثقافيًا عميقًا.

ويساهم تعزيز الوعي وكسر التابوهات في تمكين النساء والفتيات من اتخاذ قرارات صحية أكثر وعيًا. وتلعب “لاها” دورًا هامًا في هذا التحول، من خلال توفير فضاء آمن يتيح للنساء الوصول إلى المعلومات التي يحتجنها بشكل آمن وبسيط.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد