كارولين شبطيني .. “امرأة غينيس” التي صنعت من التحديات قوّة

في زمن المصاعب والتحديات على كافة الصعد، هناك نساء ينسجن خيوط أمل، يكافحن يومياً ويقاومن بسبلٍ مختلفة لإثبات قدرتهن على الإنجاز. كارولين شبطيني واحدة من هؤلاء النساء اللواتي لم تكسرهن هذه التحديات.

الاحتفال بهؤلاء النساء وإصرارهن ونجاحهن، كما أن رفع الصوت لأجل أخريات يواجهن العنف والتمييز حتى الموت، واجب.

في هذه السطور نحتفل بامرأة “غينيس” اللبنانية كارولين شبطيني. “الأم العزباء” التي صنعت من التحديات قوّة وساهمت ولو بجانب بسيط في حماية لبنان من مواد بلاستيكية كانت ستضاف إلى بحر الملوثات التي تفتك ببيئته وصحة مواطناته ومواطنيه.

شبطيني أو أم صوفي (11 سنة) تعزي السبب الأول في نجاحها إلى المصاعب التي واجهتها كامرأة كافحت من أجل أمومتها، وإلى صوفي التي لأجلها ومعها تعمل أكثر من 10 ساعات يومياً لتحصيل لقمة العيش.

كما تصل الليل بالنهار للقيام بعملها البيئي والإنساني، والقيمة الأهم لهذا العمل بحسب شبطيني يكمن في نظرة الفخر التي تراها في عيون صوفي عند كل إنجاز، خصوصاً أنها كانت الأم والأب والرفيقة الدائمة التي قررت أن تجابه الحياة بقساوتها لأجل ابنتها التي تمدّها بقوة الاستمرار والحلم.

لا تعرف شبطيني عن نفسها كناشطة بل كامرأة عادية كانت ترفض رمي العبوات البلاستيكية حباً بالبيئة وخوفاً عليها. فبعد أن كانت تتناول كمياتٍ كبيرة من المياه للتخلص من الوزن الزائد في منطقة البطن الذي خلّفته عملية الولادة القيصرية، صارت تجمع العبوات الفارغة تحت الدرج في منزلها.

وحين أصبح عدد العبوات 500 حاولت البحث عن كيفية الاستفادة منها، فوقعت على فكرة استخدامها لصنع شجرة عيد الميلاد لابنتها صوفي.

من هنا، لاحظت أنه بإمكانها صنع الكثير من البلاستيك بدل رميه، فبدأت رحلة التجميع عبر صفحتها على إنستغرام فلاقت هذه الخطوة دعماً وتفاعلاً كبيراً من قبل أشخاص عاديين ومؤثرين\ات.

الاستثمار الأول الناجح للبلاستيك أدخل شبطيني إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية، عبر إنجاز أطول شجرة ميلاد (29 متراً) في العالم، صنعتها خلال 227 يوماً باستخدام أكثر من 120 ألف عبوة مياه بلاستيكية.

كارولين شبطيني

تسعى كارولين شبطيني إلى تسجيل إنجازها الثاني في الموسوعة العالمية من خلال أكبر هلال رمضاني في العالم مكوّن من مليون غطاء لعبوات مياه بلاستيكية.

هذا الإنجاز الذي اقتربت من تحقيقه قبل أن تجري رياح العاصفة الأخيرة عكس سفنها وتطير عمل ليالٍ طوال. لكنها عادت وأكدت إصرارها على إعادة بناء هذا المجسم الضخم لوحدها على مساحة 240 متراً مربعاً. في الوقت الذي تحتفظ اليابان بهذا الإنجاز العالمي عبر صنع هلال على مساحة 108 متراً مربعاً، احتاج تحقيقه سواعد 1200 شخص!

وعلى الرغم من العناء الكبير الذي تتكبّده شبطيني عند كل إنجاز، فالمرأة الكادحة لأجل بقائها وإبنتها، لم تأبه يوماً لأي مكسب مادي لعملها. ففي إنجازها الأول عاد ريع إعادة تدوير البلاستيك الذي عملت على تجميعه إلى الصليب الأحمر اللبناني.

أما ريع أغطية العبوات البلاستيكية التي صنع منها الهلال فستقدّمه هذه المرة إلى جمعية تُعنى بمعالجة سرطان الأطفال في منطقة جبيل.

وأكدت شبطيني لموقع “شريكة ولكن” أنه “بإمكانك أن تكوني امرأة بسيطةً وأن تنجحي في كسب ثقة ومحبة الناس عبر فكرة مفيدة للمجتمع أو للبيئة. فلولا مساعدة الناس لها لما كانت نجحت في جمع هذه الكمية الكبيرة من البلاستيك لتحقيق إنجازاتها”.

وأوضحت في هذا الإطار أهمية تضامن ودعم النساء لبعضهن. ففي حالتها مثلاً لولا دعم صديقتها ماري شدياق عبر تقديم أرض منزلها لتصميم مجسم الهلال عليها في فترة الحجر المنزلي لما كان هذا الإنجاز ليتحقق.

وأشارت “امرأة غينيس” إلى أن “الإنجاز ساعدها على حب نفسها في كل مرة تنظر فيها إلى المرآة والثقة بقدراتها أكثر بعد سنواتٍ من التعب كانت خلالها “مثل دويك، ما بعرف شي بالحياة، ما بعرف الطرقات، ما بعرف المناطق، ما بعرف كثير بالتكنولوجيا” على حد تعبيرها.

من هنا وجهت رسالة من القلب إلى كل امرأة، خصوصاً النساء المطلقات والأمهات العازبات، “حطي إجرك بالأرض وإمشي وما تطلّعي لا شمال ولا يمين، كوني قويّة وحبّي حالك لأن إذا حبّيتي حالك ولا حدا بيقدر عليكي. إنتِ قادرة تعملي شو ما بدك وتنجحي إذا بتكسري حاجز الخوف”.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد