حملة “ضد الوصاية في الكويت”.. عن رحلة اليوغا التي هزت أركان المجتمع “المحافظ”

ضج الشارع الكويتي مؤخراً بالعديد من القرارات الصادمة والمقلقة، التي تمسّ بالحريات الإنسانية من جهة، ومن شأنها تقويض أدوار النساء والفتيات وقمعهنّ وتأطيرهنّ في قالبٍ نمطيٍّ ذكوري من جهةٍ أخرى.

فبعد رحلة نضالٍ نسويٍّ شاقةٍ من أجل النهوض بواقع الكويتيات، أتت بعض القرارات لتعيق تحقيق الإنجازات المأمولة في إطار تحرّر المرأة من سجن التطرّف الديني والعرفي، ما كشف “الوهن والضعف الحكومي أمام المساعي النيابية لخطف الدولة من النظام المدني الدستوري إلى الديني المتشدد”، بحسب التحالف الوطني الديموقراطي الكويتي.

وفي جديد الامتعاظات النيابية الكويتية من تحرّر النساء من القيود الذكورية وثورتهن على الأعراف البالية، دعا نائب كويتي وزارة الداخلية إلى وقف رحلة يوغا للسيدات إلى الصحراء لأنها “خطيرة”، على حدّ تعبيره. الأمر الذي خضعت له الوزارة، التي أوقفت الفعالية بذريعة “عدم استخراج ترخيص”.

وأثار قرار الداخلية غضباً واسعاً في الكويت، ظهرت معالمه على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً وأن إلغاء الرحلة صدر بعد طلب النائب “المتطرف”، كما وصفه مغردون على تويتر.

وقال النائب حمدان العازمي في تغريدةٍ إن “ما يتردد حول تنظيم شخص عراقي رحلة يوغا في نص البر للبنات فقط، مقابل 25 دينار، أمر خطير”، وشدد على “وزير الداخلية سرعة التحرك لوقف هذه الممارسات الدخيلة على مجتمعنا المحافظ”.

من جهتها، أشارت منظِّمة الفعالية إيمان الحسينان، وهي مدربة يوغا، إنها عندما أعلنت عن الفعالية “لم تكن تعلم بضرورة استخراج تراخيص، حتى طلبت منها وزارة الداخلية، مما أدى لتأجيل الفعالية”.

ولفتت، في مقطع فيديو نشرته على تويتر، إلى أنها تعرضت لحملة إعلامية شرسة طالت شخصها وعائلتها بسبب هذه الفعالية، وصورتها بصورة غير لائقة.

حملة “ضد الوصاية في الكويت”.. “قندهار” أم “عصر الجاهلية الأولى”؟!

رحلةُ اليوغا الترفيهية هذه، التي هددت أركان “المجتمع المحافظ في البلاد”، والتي تحوّل إلغاؤها إلى جدليةٍ اجتماعيةٍ واسعة، اعتبرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي إشارةً جديدة لزجّ المجتمع الكويتي بنظام الوصاية التمييزي ضد الفتيات والنساء.

وبالتوازي، انتشرت على تويتر حملة، كشفت عن حجم القلق من التوجه الراديكالي الذي تنتهجه الحكومة الكويتية في قراراتها الأخيرة، حملت شعار “ضد الوصاية في الكويت”.

وانتقدت هذه الحملة قرار الحكومة الأخير، إلى جانب القرارات المتطرفة السابقة التي تمّ اتخاذها في الآونة الأخيرة، والتي دقّت ناقوس الخطر حيال وضع الحريات الشخصية في المنطقة بشكل عام، وحرية النساء على وجه الخصوص. وليس آخرها فرض الحجاب على الراغبات بالانتساب للجيش الكويتي بالإضافة إلى شروطٍ إقصائيةٍ ذكوريةٍ أخرى، تجسّد تقديس الوصاية الدينية والأبوية على الفتيات والنساء.

في هذا السياق، اعتبر أحد المغرّدين أن مطالبة النائب حمدان العازمي أتت من “مبدأ السلطة التي تمنحه الحق في حرمان نفسه من الحريات الفردية، ومن مفهوم الوصاية الذي يتمتع به ويستخدمها من خلال دوره البرلماني”.

في حين انتقدت تغريدة أخرى التعدي على الحريات، متسائلةً “بعد منع دورة رقص شرقي، حجب نتفلكس، منع يوغا بالبر، منع كتب في معرض الكتاب، ماذا تبقى لنا من حرياتنا؟ وهل ستتحول الكويت إلى قندهار الخليج بسبب شرذمة متعصبة متشددة؟”.

وتخوّف آخرون مما اعتُبر بأنه ردّ “الكويت إلى عصر الجاهلية الأولى”، ومن أن “تكون هذه فقط البداية”. وأعربت تغريدة أخرى عن القلق من أن يُصار إلى “المطالبة بإلزامية الحجاب في المرافق الحكومية، وتفاقم الوضع أكثر”. وأضافت أخرى طمتى ما تمكنوا منا تمادوا، وسنتحول إلى طالبان قريباً”.

في سياقٍ متصل، رفض التيار التقدمي الكويتي، في بيانٍ، “المزاعم المتزمتة الهادفة إلى تقييد الحريات الفردية”. ودعا المجتمع الكويتي لـ”مواجهة هذا الواقع المفروض على الدولة والمجتمع والأفراد في الكويت”.

سجل ذكوري حافل

يُذكر أن سجل العازمي حافلٌ بالتصريحات المتزمّتة والمتطرّفة. ففي 1 شباط/ فبراير الجاري، حذّر الحكومة من السماح بإقامة الحفلات في الكويت بذريعة تعارضها مع المبادئ “المحافظة” للمجتمع الكويتي، معتبراً أنها “مدمرة للمجتمع وتفسد الأطفال”.

وتناقل روّاد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً أرشيفياً للنائب نفسه، يكشف عن ذكورية مقيتة ضد النساء، إذ اعتبر فيه أن “مكان المرأة هو المنزل”. وتمادى العازمي في آرائه الرجعية والتمييزية بحق النساء، خلال برنامجٍ تلفزيوني، إذ اعتبر أنه “لو بقيت المرأة في منزلها، لن نحتاج للخدم”. كما سخر من قيادة النساء للسيارات قائلاً “هنّ سبب الزحمة في الشوارع”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد