في اليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم.. لا مشاركة متكافئة من دون مساواة كاملة

لا يمكن تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، من دون إفساح المجال أما الفتيات والنساء للمشاركة المتكافئة في كافة المجالات وضمان وصولهن العادل إليها، ومن ضمنها ميدان العلوم. ولا يعد السعي لتحقيق هذا الهدف ارتقاءً بواقع المرأة فحسب، وإنما من شأنه أن يكون عاملاً أساسياً من عوامل التنمية المستدامة. هذا ما ارتأته الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 22 كانون الأول/ ديسمبر 2015، حين قررت تخصيص يوماً دوليّاً للاحتفال سنوياً بالدور الهام الذي تضطلع به النساء والفتيات في ميادين العلوم والتكنولوجيا.

وحددت هيئة الأمم المتحدة يوم 11 شباط/ فبراير من كل عام، يوماً دولياً للمرأة والفتاة في ميدان العلوم.

ومما لا شك فيه أن الحد من استبعاد النساء والفتيات عن المشاركة في المجالات العلمية، لتحقيق الهدف المنشود من هذه المناسبة، لا يمكن إحرازه من دون تمكينه والوصول إلى مساواة حقيقية بين الجنسين. إذ تعدّ المساواة بين الجنسين وتمكين الفتيات والنهوض بتعليمهنّ وقدرتهن الكاملة على التعبير عن أفكارهنّ من العوامل الأساسية لتحقيق التنمية وبناء السلام، بحسب المنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

اليونيسكو: نسبة الباحثات في مجالات العلوم والتكنولوجيا تزيد قليلاً عن 33%

في هذا السياق، تعتبر أودري أزولاي، المديرة العامة لليونيسكو أن “مواجهة التحديات الهائلة في القرن الحادي والعشرين، ومنها التحديات المتعلقة بتغير المناخ وبالابتكارات التكنولوجية الكاسحة وغيرها، تتطلب الاستعانة بالعلوم وبكل القدرات والطاقات الضرورية. ولذلك لايستطيع العالم الاستغناء عن إمكانيات وذكاء وإبداع الآلاف من النساء بسبب استمرار وجود أوجه عدم المساواة أو الأفكار والأحكام المسبقة التي تعاني منه”.

وعلى الرغم من تزايد عدد النساء في المهن العلمية وإحرازهن تقدماً هائلاً للرفع من مشاركتهن في كافة المجالات العلمية، إلا أنه من الملاحظ أن هذه المشاركة ما زالت غير كافية. إذ أنه، وفقاً لتقرير اليونسكو للعلوم الذي نُشر في يونيو/حزيران 2021، فإن نسبة النساء الباحثات في مجالات العلوم والتكنولوجيا في جميع أنحاء العالم تزيد قليلاً عن 33%. كما مازالت تعاني الفتيات في العالم العربي من التمييز في المهن العلمية، فضلاً عن النظرة المجتمعية التقليدية المغلوطة بأن النساء غير قادرات على العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا.

14 عالمة عربية مكرّمة في إكسبو دبي 2020

وبالتزامن مع المناسبة، كُرمت 14 عالمة صاعدة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مهرجان إكسبو دبي 2020، تقديراً لأبحاثهن واكتشافاتهن المتميزة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بالإضافة إلى إلهام جيل المستقبل من النساء، 5 منهن من دول مجلس التعاون الخليجي و3 من مصر و6 من دول المشرق العربي.

إشارةٌ إلى أن المهندسة الكويتية والمخترعة العالمية جنان الشهاب، التي سبق أن حصلت على العديد من الجوائز العربية والعالمية تقديراً لانجازاتها وابتكاراتها في مجال العلوم والتكنولوجيا، كانت قد أعلنت اسنحابها رسمياً من المشاركة في معرض “إكسبو دبي”، في 2 شباط/ فبراير الجاري على خلفية نشر حساب المعرض دعوة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي من خلال الإعلان عن فعالية للاحتفال باليوم الوطني لـ”إسرائيل”.

بالأرقام.. الهوّة بين الجنسين تكشف مدى تهميش النساء

في سياقٍ متصل، تشير الأرقام والإحصائيات إلى وجود فجوةٍ كبيرةٍ بين الجنسين، لصالح الرجال، في مجالات العلوم، منذ بدء الإعلان جائزة نوبل.

وعلى الرغم من العقبات أمام النساء والفتيات، إلا أن العديد منهن تمكنّ في العقود الأخيرة من الفوز بجوائز نوبل تكريماً لابتكاراتهن في المجالات المختلفة. ولوحظ ازدياد في عدد النساء المكرمات بجوائز نوبل بين عامي 1961 و2020.

ففي حين حصلت 7 نساء فقط، بين عامي 1961 و1980، على هذا التكريم، ارتفع العدد إلى 11 بين عامي 1981 و2000، ليصل إلى 28 بين عامي 2001 و2020.

وبحسب ما نشر موقع Statista نقلاً عن مؤسسة نوبل، بلغ عدد جوائزها 876 بين عامي 1901 و2020، خصصت 58 منها فقط للنساء. وفازت 4 نساء في مجال الفيزياء مقابل 212 جائزة منحت للرجال.

بينما حصلت 12 سيدة على جائزة نوبل في الطب مقابل 210 للرجال. أما في مجال الكيمياء، ففازت 7 نساء مقابل 179 رجل.

وفي عام 2020، مُنحت الجائزة في الكيمياء بأكملها للنساء، للمرة الأولى في تاريخ جوائز نوبل. إذ فازت بها كلٌ من  الفرنسية إيمانويل شاربانتييه (51 عاماً) والأميركية جنيفر داودنا (56 عاماً)، وهما عالمتا وراثة طورتا “مقصات جزيئية” قادرة على تعديل الجينات البشرية، وهو إنجاز يُعتبر ثورياً في مجال الكيمياء.

من ناحية ثانية، تشير الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن عدد النساء العاملات في صناعة الفضاء الدولية يتراوح بين 20 و22% من القوى العاملة في هذا المجال، وهي تقريباً النسبة نفسها منذ 30 عاماً.

وتكشف هذه الأرقام حجم الهوة المتمثلة بالتمييز بين الجنسين، وتؤكد أن تهميش النساء وصل إلى عدم منحهن التقدير اللازم في المجالات العلمية.

رغم تمثيلهنّ الضعيف.. تألق النساء العربيات في ميدان الفضاء

بحسب الأمم المتحدة، فإن النجاح في معالجة أهداف التنمية المستدامة الـ17، يجب على العالم أن يضمن وصول فوائد الفضاء إلى النساء والفتيات، وأن تلعبن دوراً نشطاً ومتساوياً في علوم الفضاء والتكنولوجيا والابتكار والاستكشاف.

في هذا السياق، كشفت مديرة مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي سيمونيتا دي بيبو أن “أقل من 70  امرأة من أصل أكثر من 560 شخصاً سافرن إلى الفضاء، في حين قامت 15 امرأة من أصل 225 عملية سير في الفضاء”.

وتبلغ حالياً نسبة النساء رائدات الفضاء 11% فقط. في حين تراوح عدد النساء في صناعة الطيران بنحو 20% لمدة 30 عاماً على الأقل.

كما تمثل المديرات التنفيذيات 19% من القادة/القياديات في مجال الطيران والدفاع، على الرغم من أن الفضاء يميل إلى توفير وظائف عالية الدخل في قطاع سريع النمو ما يوفر للنساء مزيداً من الحرية المالية والتمكين.

وفي نهاية 2021، استطاعت كل من اللبنانية رنا نقولا والسعودية مشاعل الشميمري، بفضل خبرتهما وموهبتهما، التأهل ضمن  الـ3 الأوائل في برنامج “رائد الفضاء”، إذ وصلتا إلى الحلقة الأخيرة وتنافستا على اللقب مع الشاب الإماراتي الفائز باللقب محمد أهلي. وكانت الشابتان من بين القلائل الذين/اللواتي تم اختيارهم/ن من بين 500 مرشحٍ/ةٍ خضعوا/ن للتقييم تحت إشراف رائد الفضاء الكندي كريس هادفيلد. إذ تمكنتا من اجتياز معايير التقييم التي حددتها وكالات الفضاء، أمام لجنة التحكيم التي ضمت نخبة من الخبراء والمختصين في علوم الفضاء والاختبارات النفسية والجسدية.

وفي سياقٍ متصل، تولت الإماراتية مريم الشامسي منصب قيادة الأجهزة العلمية في الفريق العلمي لمشروع مسبار الأمل، الذي تضمن 34% من فريق العمل و80% من فريق البحث العلمي نساء.

“الطفلة المعجزة”.. مصرية تخرجت بمعدل كامل في العلوم البيولوجية بعمر 12 سنة!

وفي الإطار نفسه، أثبتت الطفلة المصرية سوسن أحمد، البالغة من العمر 12 عاماً، التي أسماها من يعرف تميّزها عن أبناء وبنات جيلها بـ”الطفلة المعجزة”، تميّز الفتيات في ميدان العلوم حين لا تُصادر طموحاتهن ويُمنحن الفرص المتساوية مع الجنس الآخر، بالإضافة إلى المتابعة والاهتمام المتكافئين من قبل الأسرة والمؤسسات التربوية والدولة على حدٍّ سواء.

وأصبحت سوسن أصغر خريجة في تاريخ كلية “بروارد” بولاية فلوريدا الأميركية، في قسم العلوم البيولوجية، في كانون الأول/ ديسمبر 2021، حيث لاحظ والداها منذ ولادتها امتلاكها لقدرات تعليمية خاصة، ولم تتأخر لإثبات توقعاتهم.

وحول تخرّجها من جامعة بروارد، نشر موقع الجامعة أن سوسن “استطاعت إنهاء المرحلة الثانوية في سن التاسعة، والتحقت بالكلية في العاشرة من عمرها، قبل أن تتخرج نهاية العام الماضي بعد حصولها على الزمالة في العلوم البيولوجية بمعدل 4 نقاط، وهي الدرجة الكاملة بالجامعة”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد