مبادرات لمساعدة المعنّفات عن بُعد .. بعد كورونا كلفة التنقل تحجز النساء

تشتدّ وطأة الانهيار المالي الذي يشهده لبنان، ويشتدّ معه تهميش النساء والعنف الموجه ضدهن.

وباتت تقف هذه الأزمة الخانقة، التي تزامنت مع ظهور وانتشار فيروس كورونا والحجر الذي فرضه، في طريق وصول النساء إلى كثيرٍ من الخدمات، وحتى إلى حقّهن بالتقاضي.

وعلى الرغم من تراجع الجائحة إلا أن الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار بشكلٍ جنوني ما زالت مستمرة، وتعرّضهن اليوم أكثر إلى العنف وتجعلهنّ أقل قدرةً على مواجهته.

وقد سجلت جمعيات نسوية مختلفة ارتفاعاً في جرائم تزويج الطفلات والتحرش والاغتصاب.

دفع الحجر الصحي بعددٍ من هذه الجمعيات للبحث عن سبل تمكّنها من الوصول إلى أكبر قدرٍ ممكن من النساء المعنفات ودعمهن. واستمرت في اعتمادها، حتى بعد تراجع الجائحة، بسبب عجز كثير من المعنّفات عن تحمّل تكاليف التنقل.

تطبيق ذكي لمساندة النساء

منذ انتشار الجائحة، تعمل منظمات “كفى” و”أبعاد” و”التجمع النسائي الديمقراطي” على التواصل مع النساء المعرّضات للعنف عن بعد، بهدف مساندتهن وضمان استمرار وصولهن إلى الخدمات المتاحة. وتُعدّ السلامة أساساً لمساعدة النساء على حماية أنفسن.

وفي 11 أيار/مايو، أطلقت “كفى” تطبيقاً للهواتف الذكية يهدف إلى المساعدة في حماية ضحايا العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي من نساء وأطفال/طفلات.

واعتبرت الجمعية أن التطبيق طريقة جديدة، آمنة وسرية للمساعدة في تأمين الحماية لضحايا العنف من خلال الإبلاغ عن أي جريمة مشهودة، وطلب التدخل في حال الطوارئ، والحصول على معلومات وإرشادات وفق الحاجة عبر الضغط على زر الطوارئ.

يحتوي التطبيق أيضاً على معلومات وإرشادات للتعامل مع حالات العنف، كخطط السلامة وكيفية التدخل بشكلٍ آمن وسري وفعال لمساعدة الضحية.

كما يضم نظام دردشة حية يتيح طرح تساؤلات إضافية للإجابة عليها. ويسمح بالحصول على الخدمات الاجتماعية والقانونية والنفسية مجاناً لضحايا العنف من نساء وأطفال.

ويمكن لأي سيدة تحميل تطبيق “KAFA” على هاتفها للاطلاع على خصائصه واستخدامه عند الضرورة، من خلال الضغط على الرابط التالي: http://onelink.to/n2xz2p.

ولَحظ التطبيق ضرورة العمل على مساعدة الرجال المُعنِّفين على التخلّص من سلوكهم العنيف ضمن برنامج “الاختيار للرجال”.

ويهدف هذا البرنامج، بجسب “كفى” إلى العمل الفعّال مع الرجل المشارك من أجل تعديل مفاهيمه واكتساب مهارات جديدة تمكّنه من اختيار سلوكيات غير عنفية، في إطار بيئة مساندة ومؤاتية لتطوّره.

وبإمكانكن/م معرفة المزيد عن هذا البرنامج من خلال هذا الرابط: https://kafa.org.lb/ar/node/498

إكراه النساء على الزواج في ازدياد

بدورها، عملت “أبعاد” خلال الجائحة، على خطة بديلة للاستمرار بإدارة الحالات عن بعد، وتأمين الدعم النفسي.

فاستمرت بالتواصل مع النساء عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي. وتحوّل تطبيق “واتساب” أيضاً مساحةً للتوعية والتثقيف.

وفي حديثٍ خاص لـ”شريكة ولكن” لفتت المسؤولة عن إدارة الحالات في “أبعاد” جيهان إسعيد، إلى أنهن “بدأن يلحظن ارتفاعاً في شكاوى الإجبار على الزواج من فتيات تتراوح أعمارهن بين 18 و24 عاماً”.

وأضافت أن “بعض الأهالي يضغطون على بناتهن لتزويجهن بالإكراه بهدف التخلص من الأعباء المالية. وامتدت هذه الظاهرة إلى بيروت وجبل لبنان”.

اليوم، ومع حؤول الكلفة المالية دون قدرة نساء على التنقل، تركت “أبعاد” لكل سيدة الحرية لاختيار التواصل عن بعد، كما كان معتمداً خلال الجائحة، أو التوجه إلى المركز.

فعلى الرغم من مساهمتها بجزءٍ من تكاليف التنقل، غير أن العائق المالي يحول دون توجه بعض النساء إلى مركز الجمعية بشكلٍ مستمر.

ما هو دور مراكز الإيواء؟

مع ازدياد الجرائم بحق النساء، وتراجع قدرتهن المالية، يُطرح السؤال عن مراكز الإيواء الآمنة، وقدرتها على استقبال الحالات الطارئة.

وعن هذا الأمر، أكدت إسعيد أن “لدى أبعاد قدرة على استقبال النساء عند الضرورة، إذا وافقن على شروط ونظام الإقامة في مراكز الإيواء”.

كما أوضحت كيف نجحت حملات التوعية التي أطلقتها المنظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في الفترة السابقة، في حثّ عدد هام من النساء على إيلاء أهمية لحماية أنفسهن.

وقالت: “مرّت فترة أَهملت خلالها نساء كثيرات مسألة سلامتهنّ لصالح السعي لتأمين أساسيات الحياة. لكن، بعد حملة التوعية أدركن أهمية الاهتمام بسلامتهن”.

من جهتها، لفتت مديرة الحالات في مكتب بيروت في “التجمع النساء الديمقراطي” غاييل مشعلاني، كيف عَمِل التجمّع خلال الجائحة وما زال لمساعدة النساء وهن في منازلهن، فتمّت متابعتهن عبر الهاتف.

وأشارت إلى أن “وجود المعنِّف في المنزل لفتراتٍ طويلة فرض تحدياتٍ إضافية. فكان يجري الاتفاق مع الضحية/الناجية من العنف على تحديد الوقت الأنسب للتواصل معها والاستماع إليها. وبناءً على المعطيات، يجري تقدير المخاطر وتحديد الأهداف والخطوات الأفضل وخطة السلامة التي تناسب كل حالة. فكانت خطة السلامة أبرز ما عملنا عليه. ورغم إقفال الدوائر القانونية استمر التجمع بتقديم الاستشارات القانونية للنساء”.

ومع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، يستمر العمل مع النساء عن بعد. ويقدم التجمع في حالات الضرورة مبلغاً يساعد في تغطية كلفة التنقل.

كذلك قد يغطي كلفة الاستحصال على تقرير طبيبٍ شرعي، بعد أن باتت كلفته مرتفعة جداً. بينما لا تُؤخذ الدعاوى على محمل الجد في حال لم ترفق بتقرير طبيب شرعي يثبت وجود آثار عنف على جسد النساء المعنّفات.

لا يملك التجمع أماكن آمنة لاستقبال النساء في حالات الطوارئ. لكنه يعمل على مساعدتهن في تأمين مكان مؤقت بالتنسيق مع جمعيات أخرى.

وعلى الرغم من سعي الجمعيات وجهودها وفق الإمكانات المتاحة، يبقى غياب القوانين التي تحمي النساء عائقاً يرمي أكثرهن تهميشاً في التهلكة، ويجعل الآلاف منهن عرضةً لخطر الموت قتلاً.

وللنساء اللواتي تمنعهن الأزمة الاقتصادية من الوصول إلى المساعدات، يمكنكن اليوم الاستفادة من سبل الدعم المتاحة التي تقدمها المنظمات عن بعد لتلبية احتياجاتكن.

كتابة: مريم سيف

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد