كلنا نحتاج إلى سماعها.. لينا أبيض تستعيد أقوال نوال السعداوي

بهدف تعريف جمهورٍ أوسع بالكاتبة والمناضلة النسوية نوال السعداوي، تقدم المخرجة اللبنانية والنسوية لينا أبيض مسرحية “نوال”، التي انطلقت في شهر تشرين الأول/أكتوبر، وهو الشهر الذي ولدت فيه الرائدة النسوية المصرية.

المسرحية مستوحاة من نصوص نوال السعداوي، وجرى العرض الأول في مسرح “مونو” في بيروت.

وامتد من 13 لغاية 23 تشرين الأول/أكتوبر، وكانت مدته ساعة وربع الساعة، وجسّد العرض واقع وقصص نساء وراء جدران بيوتهن.

بينما تُعرض ابتداءً من 25 تشرين الأول/أكتوبر، في مهرجان “جسد” في المغرب.

وأكدت المخرجة لينا أبيض أن “عروضاً أخرى ستُجرى بعد عروض المغرب، في الجامعة الأميركية في بيروت، وفي بعض المدارس اللبنانية في مناطق عدة، كما نأمل عرضها في صيدا”.

المسرحية من إعداد جماعي ضم جنى أبي غصن، وسولين دكاش، وكلارا الهوى، ومريانة أبو جودة.

بينما مثّلت كل منهن شخصية نوال على طريقتها، من خلال نصوص مختلفة للكاتبة.

كلنا نحتاج إلى سماعها

جدارية نوال السعداوي في بيروت
جدارية نوال السعداوي في بيروت

 

لم تكد ترحل الدكتورة نوال السعداوي عن الحياة في 21 آذار/مارس 2021، حتى بدأت بعض الدعايات والحملات المشوهة لها.

كما تشويه مسيرتها، التي عملت من خلالها على دحض الخرافات المتعلقة بالنساء والفتيات.

وحاربت الأنظمة والخطابات الكارهة للنساء والفتيات، بقلمها الذي لم ينقل إلا الحقيقة، لذلك وُصِف بالـ”خطير”.

واعتبرت المخرجة لينا أبيض في مقابلة مع “شريكة ولكن”، أن “جميع الناس بحاجة إلى سماع ماذا تقول نوال السعداوي”.

فبالنسبة إليها “من المهم لنا نحن النساء في مجتمعنا العربي، أن نحيي دائماً ذكرى وأقوال من سبقونا، خصوصاً لما يعانيه هذا المجتمع من أزمات في ذاكرته  الجماعية”.

وعلى الرغم من مرور سنة على رحيل نوال السعداوي، إلا أن لينا أكدت أن “نوال ما زالت حاضرة في ذهني إلى حد اليوم”.

وأضافت: “ما كتبته طوال مسيرتها  مهمٌ جداً، ولا زالت نضالاتها موجودة وحاضرة، خصوصاً أن شيئاً لم يتغير في العالم العربي، بالتحديد في ما يخص حياة النساء والفتيات”.

مسرحية نوال للمخرجة لينا أبيض
مسرحية نوال للمخرجة لينا أبيض

وللتأكيد على ضرورة حفظ فكر نوال السعداوي في الذاكرة العربية، تستشهد لينا بالأخبار التي تصل عن تعداد جرائم قتل النساء والفتيات.

وقالت: “سمعنا اليوم عن وقوع 4 جرائم قتل نساء على يد ذكور لرفضهن الزواج منهم. وعليه فإن وضع النساء في عالمنا ما زال معرضاً لمخاطر شديدة. وهذا ما يجعل من نضالات نوال علامة فارقة في تاريخ عالمنا العربي”.

وهدفت المسرحية إلى خلق صورة حقيقية عن نوال التنويرية والمناضلة.

وفي هذا الصدد أوضحت لينا: “كثيرون وكثيرات لا يعرفن/ون نوال. وعند الحديث عنها، تظهر أفكار مشوهة ومغلوطة”.

وأشارت إلى أن “ذلك كله نتاج حملات التشويه والتكفير، مثل حملة اللائحة السوداء التي حللت هدر دمها”.

عن الصداقة والمسرح

لينا أبيض
لينا أبيض

وبينما حملت نوال السعداوي مشعل التنوير في عصرها، تعرضت بعد رحيلها لمحاولات الاغتيال المعنوي، والأخبار الكاذبة عنها، وعن الإنتاج المعرفي الذي أورثته.

وكانت هذه الحملات تشوّه كتاباتها وفكرها التنويري، وتسيء إليها.

وهذا ما دفع لينا، وهي صديقة نوال، إلى تكريس جزءٍ من إنتاجاتها للتعريف بحقيقة آراء نوال وكفاحها.

وعلى الرغم من أن لينا لم تعتبر المسرحية عملاً شاعرياً أو سياسياً، بقدر ما هو رسالة، لكن هذا العرض كان أيضاً بمثابة إهداءٍ إلى ذكرى ميلاد نوال، الذي يصادف في 27 تشرين الأول/أكتوبر.

وعلى مرِّ 90 عاماً، قادت نوال رحلة التنوير ضد القمع والتيارات المتشددة. فكانت في طليعة التنويرين/ات في مصر.

ومعظم من هاجمها لم يقرأ لها كتاباً واحداً. لذلك، أرادت المخرجة اللبنانية النسوية عبر هذه المسرحية أن تشجع الجمهور على قراءة كتابات الرائدة النسوية المصرية، بعد مغادرة العرض.

تجمع بين لينا ونوال صداقة عمرها 25 عاماً، بدأت حين التقتا عام 1998 في بيروت.
وذكرت لينا في مقابلتها مع “شريكة ولكن” أنها كانت تعمل حينها على تحضير مسرحية “مذكراتي في سجن النساء”.

وقد حضرت نوال السعداوي العرض، ولفتت لينا إلى أنه “منذ ذلك الحين، أثارت إعجابي وتركت شخصيتها تأثيراً كبيراً عليّ”.

بوستر مسرحية مذكراتي في سجن النساء
بوستر مسرحية مذكراتي في سجن النساء

 

وأضافت لينا أن “الأمر لم يكن متعلقاً بكتاباتها فقط، بل بشخصها. إذ كان لها تأثير إيجابي وكبير عليّ، وبقينا أصدقاء منذ ذلك الوقت”.

كما لفتت إلى أنه “في الوقت نفسه تَعمّقتُ في كتاباتها أكثر، واكتشفت هذا العام أثناء تحضيري لمسرحية نوال، كتابها “أوراق حياتي”، وهو من النصوص الشجاعة التي تروي بصدق مسيرة حياتها، وتفكيرها”.

“نوال” في مهرجان “جسد” الدولي

مسرحية نوال للمخرجة لينا أبيض
مسرحية نوال للمخرجة لينا أبيض

وأكدت لينا في حديثها لـ”شريكة ولكن” أنها “حضّرت هذه المسرحية وفي بالي مهرجان جسد في المغرب”.

إذ تستضيف مدينة الرباط النسخة الأولى من المهرجان الدولي للنساء المخرجات، من 25 إلى 30 تشرين الأول/أكتوبر، بمشاركة 7 دول منها لبنان”.

وأحد أهم أهداف “جسد” هو تعزيز ثقافة الاعتراف بالمبدعات في المشهد الثقافي والفني.

بينما كشفت لينا أنه “كان أول ما فكرت فيه حين دُعيت إلى تقديم مسرحية في المهرجان، هو نوال السعداوي. خصوصاً أنه مخصص للنساء المخرجات فقط. وأتصور أنه كان من الرائع أن نوجّه تحية من خلاله إلى كاتبة نسوية بامتياز، مثل نوال”.

وعن العروض التي جرت في بيروت، قالت لينا إنها “كانت امتحاناً لنجاح المسرحية في المهرجان الدولي”.

وأوضحت أنها “حين عملت على إخراج المسرحية، كنت أفكر بمهرجان جسد، فجعلنا العرض في بيروت امتحاناً لنا، وبالفعل قدمنا 8 عروض، لاقت نجاحاً كبيراً”.

وقد حقّق العرض هدفه الأول في إثارة الفضول لقراءة نصوص نوال واكتشافها، أكدت لينا.

وأضافت أن “الحاضرين/ات كنّ/وا يعبرن/ون عن رغبتهن/م بقراءة كتب نوال السعداوي، بينما أشار آخرون وأخريات إلى أنهن/م اكتشفن/وا هذه المناضلة، بعد خروجهم/ن من العرض”.

وبحسب لينا، فإن “نقل نصوص نوال إلى جماهير جديدة وتوثيق أهميتها كان هدف المسرحية، ولكن أيضاً التركيز على أهمية نضالات نوال وكيف بدأت.

إذ بدأت نضالها ونشر أفكارها عن وضع النساء في العالم العربي، من حياتها اليومية بين جدران منزلها.

ماذا بعد “نوال”؟

حالياً، تعرض المسرحية في مهرجان جسد في المغرب، ثم تعود إلى لبنان لإجراء عدة عروض منها في الجامعة الأميركية في بيروت، وفي بعض المدارس اللبنانية في مناطق عدة.

وأكدت لينا أنه “يسهل عرض هذه المسرحية في المدارس، وداخل بيروت وخارجها، فهي تحاكي الواقع، وتركز على دور النساء والفتيات ونضالاتهن، ونظرة المجتمع العربي لهن”.

تستعد لينا في المراحل المقبلة لتقديم عروض أخرى عن نساء عربيات ناضلن في مجالات السياسة والاجتماع.

إذ أعلنت “بدء العمل على إعداد عروض مسرحية توثّق نضالات النساء أمثال درية شفيق، وفاطمة المرنيسي، ولور مغيزل وغيرهن ممن تركن أثراً إيجابياً”.

إلى نوال في ذكرى ميلادها.. نحن محظوظات

نوال السعداوي

 

“نيالنا عليكي”، هكذا ختمت لينا أبيض مقابلتها مع “شريكة ولكن”.

وأضافت: “صحيح أن نوال واجهت صعوبات في حياتها بسبب كتاباتها وجرأتها، لكن السبب الحقيقي للصعوبات التي مرت بها، وخوف الناس منها، هي أنها امرأة حقيقية، لا تخاف من قول الحقيقة”.

وقالت: “هي امرأة مخيفة لأنها أطلقت مواقف وآراء سياسية واجتماعية على درجة من الشجاعة والجرأة”.

وأكدت أن “المرأة التي تكتب يخشاها العالم العربي، لذلك من الأهمية بمكان أن نكتشف معنى الشجاعة في حياتنا اليومية. هذا ما ميّز نوال، الشجاعة والقوية والجريئة. سأكتب ما لا يُكتب، هكذا قالت نوال وهكذا فعلت”.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد