“الصوت الخادش للحياء” .. تهمة جديدة ضد الإعلاميات

صدّق/ي أو لا تصدق/ي! بتهمة الصوت الخادش للحياء، أُحيلت المذيعة المصرية منى العمدة إلى التحقيق، بعد أن تحرّكت أدوات المجتمع الذكوري ضدها.

إحالة الإعلامية منى العمدة إلى التحقيق

لم تكن المهنية المعيار الذي انتفض المجتمع المصري لأجله، فلبّت القناة دعوته.

كما لم يكن المحتوى الذي قدمته المذيعة محط انتقاد المهاجمين/ات. إنما معايير أخرى تستفز مواطن الذكورية لديهم/ن كـ”صوت الإعلامية وشكلها وملابسها”.

لا شك بأن الأداء الإعلامي أمام الشاشات، هو معيار رئيسي لتقييم كفاءة أي مذيع أو مذيعة. أما إحالة مذيعة إلى التحقيق بسبب نبرة صوتها، بما يشبه التوبيخ الذكوري، فالأمر يأخذ هنا منحاً لا يمت إلى المهنية بصلة.

من جهتها، طبّعت القناة مع “التأديب المجتمعي” للنساء، فوجب تصحيح مسارها ودورها الاجتماعي المطلوب، قبل المجتمع نفسه.

إذ أن “رصد بعض الأخطاء”، كما ادّعت القناة في بيانها، يستوجب التدريب بما ينسجم مع المعايير الإعلامية، وليس “التأديب”!

منى العمدة

موقف القناة جاء على خلفية تداول مقطع من برنامج منى العمدة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وهاجم/ت المنتقدون/ات نبرة صوت الإعلامية، واعتبروا/ن أنها “إيحائية ولا تليق بالعمل الإعلامي”!

فأعلنت القناة، إثر حملة الكراهية المنتشرة ضد منى كامرأة، عن “وقف البرنامج إلى حين إعادته إلى المسار الصحيح، أو إلغائه نهائياً”.

في حين أكدت “حرصها الدائم على تقديم محتوى وأداء مهني يليق بمشاهديها/مشاهداتها، وفقاُ لما تقرّه أخلاقيات العمل المهني والأكواد المنظمة للعمل الإعلامي”.

وأعلنت عن إحالة المذيعة وفريق العمل والمسؤولين/ات عن البرنامج إلى التحقيق الفوري!

“النهار” تغازل النمطية الذكورية.. هل تامر أمين “على راسه ريشة”؟!

يثير هذا التماهي السريع للقناة مع التعليقات الذكورية التنميطية العديد من التساؤلات.

في حين تفتح الهواء على مصراعيه أمام خطابٍ تحريضيٍّ ضد النساء والفتيات وكارهٍ لهنّ، من دون أن يرف لإدارتها جفن.

ليس بريئاً أن يخرج علينا الإعلامي تامر أمين مراتٍ عديدة بمواعظه “الأبوية”، محرّضاً على “تأديب الفتيات”.

فلا نجد موقفاً من إدارة القناة المذكورة لـ”تقديم محتوى إعلامي لائق”!

 

أليس الأجدى بالقناة مراقبة مضمون المواد الإعلامية المروّج لها، فتمارس على الأقل دوراً مسؤولاً تجاه المجتمع، وتضع حداً لبث خطاب كراهية ضد النساء والفتيات؟ أم أن تامر أمين وأمثاله/ مثيلاته ممن يدعون/يدعين إلى تأطير وتهذيب وتنميط النساء والفتيات “على رأسهم/ن ريشة”؟

وليس بعيداً عن امتيازات المذيع الذكر، في الإعلام الأبوي التي لا يطالها سخط الإدارات، نبرة عمرو أديب الذكورية المألوفة.

يخرج علينا أديب مروّجاً للصور النمطية الرجعية المسيئة بحق النساء. ويخبرنا متهكماً بأنه لديه “قناعة ثابتة بأن الستات مبتعرفش تسوق”، فلا نسمع صوتاً للإدارات الإعلامية أو حتى القضاء.

بعض القنوات الإعلامية تسلّع النساء ثم تستشرف على حسابها

لطالما دأبت بعض القنوات الإعلامية على استغلال النساء “صورةً وصوتاً”، وتسليعهن، للدخول في لعبة “الرايتنغ” وكسب المزيد من المشاهدات.

ولطالما فتحت بعض أدوات المجتمع الذكوري، ومن بينها الإعلام، الهواء أمام الأفكار التي تعيد تدوير الصور النمطية عن النساء والفتيات، وتضعهنّ في قالب الشكل على حساب المضمون.

تحديد معايير معينة لشكل النساء المؤهلات للخروج على الشاشات، تصويرهن على أنهن جسد وصوت وووجه جميل. وتقديمهنّ على أنهن وسيلات لجذب انتباه ذكور المجتمع، كلها أدوات خلقتها الأدوات الذكورية، وروّجت لها عبر قنواتها الإعلامية.

و”الصوت الشتوي عند النساء” الذي ذاع صيته مؤخراً، بعد الترويج له عبر قناة أم بي سي مصر، هو أحد هذه نماذج المسخِّفة لقضايا النساء واهتماماتهن.

ولمن لا يعرف ما هو المقصود بالصوت الشتوي، فهو نمط إلقائي يطلب من النساء جعل أصواتهن “أرق” لجذب انتباه الرجال، والحفاظ على ما يُعرف بـ”الأنوثة” لإرضائهم.

هذا ما روّجت له القناة المذكورة، وتحدّت من خلاله كل الأصوات المطالبة بوقف هذا النمط المحقّر للنساء.

في حين لم نسمع من إدارتها أي موقف مسؤول لوقف التنميط الجندري الذي تسوّق له.

النماذج كثيرة. وهذا قليلٌ من فيض التحيّز الإعلامي ضد النساء والفتيات، والتحريض والتبرير للعنف بحقهن، من دون أن نرى تحركاً قضائياً.

وبالعودة إلى المذيعة منى العمدة، التي طالتها انتقاداتٍ لاذعة وتنمر وسخرية ومطالباتٍ بوقفها، لمجرد أن “ملابسها ونبرة صوتها خدشت الحياء العام”، فهل الحياء العام لا تخدشه الأصوات المبرّرة لقتل أو تعنيف النساء أو تلك الداعية إلى تجييرهن لخدمة المنظومة الذكورية؟

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد