هدى الصدة .. الأرشفة الإبداعية: الجندر، الذاكرة، والأثر
نظّم المعهد العربي للمرأة في الجامعة اللبنانية الأميركية محاضرة تحت عنوان “الآرشفة الإبداعية: الجندر، الذاكرة، والأثر”.
وقدّمتها الأستاذة في اللغة الإنكليزية والأدب المقارن في الجامعة الأميركية في القاهرة، والناشطة النسوية، هدى الصدة.
وجاءت ضمن سلسلة محاضرات ترعاها الأستاذة الجامعية والأكاديمية النسوية سعاد جوزيف، بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس المعهد العربي للمرأة.
ما هي مهام المعهد العربي للمرأة؟
رحبت مديرة المعهد الأستاذة ميريام صفير بالحضور، وقدّمت الدكتورة سعاد جوزيف، التي عرّفت بدورها عن هدى الصدة.
وسعاد جوزيف، هي مُؤِسّسة مجموعة الشرق الأوسط لأبحاث الأنثروبولوجيا، والرئيسة المُؤِسسة لجمعية دراسات المرأة في الشرق الأوسط.
كما أنها مديرة ومُؤِسّسة جمعية بحث العلاقات الأسرية في العالم العربي.
وفي كلمتها، قالت ميريام إن “هذه المحاضرة تعتبر مهمة لنا اليوم لأننا نحتفل بمرور 50 عاماً على تأسيس المعهد”.
وأضافت أن “أفضل طريقة للاحتفال، هي عبر الاستماع إلى عالمتين ممتازتين، لا يمكن قياس مدى مساهمتهما في ميدان دراسات الجندر والنساء”.
كما عرّفت ميريام بالمعهد والمهام التي يعمل عليها.
وأوضحت أن “أهمها بناء جسرٍ بين العالم الأكاديمي والمعرفي، وبين عالم النشاط والحراك النسوي، لخلق تعاون استراتيجي هدفه معالجة اللامساواة الجندرية”.
ماذا قالت هدى الصدة في المحاضرة؟
هدى الصدة هي أستاذة اللغة الإنكليزية والأدب المقارن في الجامعة الأميركية في القاهرة.
وهي ناشطة نسوية، لديها إصدارت ومساهمات أكاديمية غنية وواسعة المجال.
كما أنها شاركت عام 1995 في تأسيس “منتدى المرأة والذاكرة”. وهي منظمة بحثية تركّز على إنتاج ونشر المعارف البديلة حول دراسات المرأة والجندر.
وسلّطت هدى الصدة، في المحاضرة، الضوء على دور النساء العاملات في توثيق التواريخ الشخصية لنسويات ورائدات عربيات، برزن في ميادين أدبية، وإبداعية، وسياسية، في بدايات القرن العشرين.
وأبرزت أهمية التوثيق الفني في سبيل بناء المعرفة وحفرها في التاريخ النسوي.
كما عرّفت بالمُوثِّقات اللواتي قالت عنهن إنهن “فنانات، لأنهن استطعن توثيق تاريخ ولحظات لنسويات ملهِمات لم ينلن تقديراً فعلياً بحجم إنجازاتهن”.
وأوضحت أن “أسباب ذلك ما زالت فاعلة حتى اليوم. وأبرزها ذكورية المجتمعات الناطقة بالعربية، والتحديات النفسية والاجتماعية، التي تخوضها النساء عموماً”.
بينما تحدثت عن 3 نسويات راحلات في المنطقة الناطقة بالعربية. هن: مي زيادة، ودرية شفيق، وعنايات الزيات.
إذ جرى العمل على توثيق تجارب هؤلاء النسويات الثلاث، في مجال الكتابة أو المراسلة أو الإبداع.
واستخدمت في ذلك وسائل فنية مختلفة اعتمدتها 3 نساء أخريات معاصرات. هن باسكال غزالي من لبنان، وراوية صادق وإيمان مرسال من مصر.
انطلقت كل من الموثقات الثلاثة لتحكينّ عن قصص وأثر كل من النسويات المذكورات على طريقتهن الخاصة، إن كان عبر الرسم أو الكاريكتور أو الكتابة الأدبية.
وذكرت هدى عدة شخصيات أخرى، لم يُحكى عنهن مثل عنايات الزيات صاحبة رواية الحب والصمت، والشاعرة العاملية زينب فواز، والروائية والناقدة لطيفة الزيات.
إعادة إحياء ذكرى مبدعات بعيون نسوية معاصرة
أعادت كل من باسكال وراوية وإيمان إحياء ذكرى مبدعات نسويات عربيات، لكن بعيون نسوية معاصرة وناقدة، وبطريقة إبداعية.
فكانت مثلاً أعمال الفنانة التشكيلية راوية صادق، عملاً بصرياً مركباً يضم لوحاتٍ فنية، ووثائق أرشيفية عن درّية شفيق.
ودرية شفيق هي إحدى رائدات الحركة النسائية خلال النصف الأول من القرن الماضي.
أما إيمان مرسال، فلحقت أثر عنايات الزيات في كتابها المعنون “في أثر عنايات الزيات”.
وذكرت هدى أن إيمان شعرت بأن هذا الكتاب هو بحث في حياة إيمان نفسها.
وقد استجمعت في هذا العمل كل إمكانياتها لتتبّع أثر عنايات في الأمكنة، والشوارع، والأصدقاء، وأي شيء يمكن أن يشكل لديها صورتها.
أما عنايات الزيات، فهي كاتبة مصرية انتحرت لأن دور النشر، رفضت نشر عملها، لتبقى روايتها “الحب والصمت” من دون ناشر.
فقررت كسر الصمت بالانتحار، تاركةً خلفها الكثير من الأسئلة التي تبحث عن إجابات.
وفي “رحلة البحث عن مي”، حاولت باسكال غزالي إعادة كتابة قصة مي زيادة من منظور نسوي شخصي، يختبر كيفية تشكيل الذاكرة الجماعية.
لذلك، تعيد القصة تركيب أحداث في أوقات مختلفة. وتقوم على مقاربة بزمنين.
أوّلهما الحاضر المزامن لكتابة القصة وللبحث، وثانيهما الماضي الذي يتمركز حول مي نفسها.
ويركّز المشروع على استعمال أدوات بحث نسوية، مثل كتابات النساء والتاريخ الشفهي والمذكرات، بهدف إعادة رسم صورة أشمل وأصدق للتاريخ.
ولفتت هدى الصدة إلى تقاطعية تجارب الموثّقات المعاصرات مع الرائدات اللواتي سعين نحو توثيق تجاربهن وتجارب رائدات أخريات سبقوهن.
واللافت في هذا التوثيق أنه غير تقليدي، بل اعتمد على نقد نسوي وإبداعي صوري.
وفي ختام المحاضرة جرى نقاش عن قضايا مثل اللغة الجندرية، وموقع التجارب الشخصية في الأرشفة النسوية. ودور هذه الأرشفة في تعزيز النضالات النسوية، وكيفية نقل هذه التجارب إلى عموم النساء.