ليندا مطر (1925- 2023) .. مناضلةٌ نسوية حتى الرمق الأخير

عاشت مناضلة ورحلت أيقونة لن تنساها نساء لبنان

رحلت أمس، في 1 شباط/ فبراير الجاري، عميدة المناضلات اللبنانيات ليندا مطر عن عمرٍ ناهز 98 عاماً. بعد عقودٍ من رفع راية النضال لأجل قضايا النساء والفتيات، وإلغاء كافة أشكال التمييز ضدهن.

لجنة حقوق المرأة تنعي أيقونة العمل النسوي

شكّل غياب الأيقونة النسوية ليندا مطر خسارةً وطنيةً وإنسانيةً كبيرة.

ونعت “لجنة حقوق المرأة اللبنانية” رئيستها السابقة ليندا مطر، واصفةً إياها بـ”أيقونة العمل النسائي اللبناني الهادف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين”.

وتطرقت اللجنة، في بيانها، إلى مراحل نضال ليندا، منذ توليها رئاسة اللجنة حتى رحيلها.

وقال البيان إن اللجنة بقيادتها “عرفت وضوحاً في الرؤية ودينامية استثنائية في النضال النسائي”.

وأشارت إلى أنه “كان لها الفضل في نقل اللجنة من مرحلة التأسيس النوعية، إلى مرحلة التأثير الجذري، والفعالية في التغيير في واقع النساء اللبنانيات، وفي نشر ثقافة حقوق النساء”.

كما ساهمت في “التقدم المحرز في تعديل أو استحداث القوانين الرامية إلى تحقيق العدالة للنساء”.

 

جمانة مرعي: “واجهت كل السلطة الطائفية والطغمة السياسية الحاكمة”

وأعربت مديرة المعهد العربي لحقوق الإنسان الناشطة الحقوقية جمانة مرعي عن “فداحة هذه الخسارة في زمن القحط الفكري، والتراجع النضالي، وانهيار القيم الأخلاقية”.

وقالت إن “لبنان خسر قامة شامخة، كانت مدرسة نضالية تربط النضال النسوي بالنضال الوطني والديمقراطي. فأبدعت في ربط قضايا النساء بقضايا الوطن”.

وعن نشاطها النسوي، أكدت أنها “طرحت كل وسائل مناهضة التمييز ضد النساء والفتيات، لا سيما الأكثر هشاشة منهن، من منطلق علماني ويساري”.

ولفتت إلى أنها “قضت عمرها تناضل من أجل قانون مدني للأحوال الشخصية، لحمايتهن من العنف والتمييز على مستوى الأسرة”.

وشددت على أنها في معركتها “واجهت كل السلطة الطائفية، والطغمة السياسية الحاكمة”.

وفي كل المواقع التي شغلتها “كانت تدافع عن الوطن وعن النساء”. فكانت، بحسب جمانة، “مقاتلةً شرسة من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين، بقدر ما كانت مقاتلة شرسة لتحقيق المساواة بين المواطنات/ين”.

وبالرغم من رفعها راية النساء وتكريس حياتها لأجل إنصافها، إلا أنه “لم يغب عنها النضال عن حقوق اللاجئات/ين بغض النظر عن جنسيتهن/م”.

زويا روحانا: “علامة مضيئة في تاريخ الحركة النسائية

من ناحيتها، قالت مديرة منظمة كفى عنف واستغلال زويا روحانا إن ليندا مطر “علامة مضيئة في تاريخ الحركة النسائية”.

ولفتت إلى “تفانيها في سبيل قيم المساواة والعدالة والسلام”.

وأشارت إلى أنها “بتمرّدها على التقليد وكسرها القيود الاجتماعية، أعطت لنضالها بعداً حقوقياً وطبقياً أيام كانت الأنشطة النسائية مقتصرة على الأعمال الخيرية”.

وأكدت أن “بصمتها النضالية على مسار الحركة النسوية لم تنحصر في لبنان، بل تعداه إلى الساحة العربية والدولية”.

محطات من حياة مناضلة النسوية ليندا مطر

المناضلة النسوية الراحلة ليندا مطر

ولدت أيقونة النضال النسوي ليندا مطر في 25 كانون الأول/ ديسمبر 1925، وعاشت أغلب سنوات حياتها مكافحةً لأجل تحقيق العدالة للنساء والفتيات اللبنانيات.

في بداية الخمسينيات، انتسبت إلى لجنة حقوق المرأة اللبنانية. حيث تدرجت من عضوة ثم أمينة سر، إلى أن عُينت رئيسةً لها عام 1987.

منذ ترأسها اللجنة حتى استقالتها عام 1996، ساهمت ليندا بتحقيق إنجازات تاريخية للنساء والفتيات اللبنانيات، أسست لبداية تحقيق المساواة من بوابة التشريعات القانونية.

من ضمن هذه الإنجازات، ساهمت في تشريع حق الانتخاب للنساء، والسفر دون إذن الزوج، وحق ضمان النساء العاملات لأطفالهن. بالإضافة إلى تعديل القوانين المتعلقة بجرائم ما يعرف بـ”الشرف“، وتوقيع اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وغيرها.

كما شاركت في تأسيس عدد من الهيئات نسائية، من بينها لجنة الأمهات في لبنان، والهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، واللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة. وشغلت منصب عضوة في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، ومنسقة المركز الإقليمي العربي لهذا الاتحاد.

نضال محلي ودولي

لم ينحصر نضال ليندا مطر محلياً، بل تعدى الحدود الوطنية إلى الساحات الدولية. إذ شاركت في مؤتمرات عربية وعالمية عدة، من ضمنها مؤتمرات نظمتها الأمم المتحدة.

بعد استقالتها من لجنة حقوق المرأة اللبنانية، انتخبت عام 1996 رئيسةً للمجلس النسائي اللبناني لمدة أربع سنوات. وترشحت في العام نفسه إلى الانتخابات النيابية، إلا أنها لم تحصل على الأصوات الكافية نتيجة بقاء النظام السياسي أسير التركيبة الطائفية، وتغييب الأصوات النسائية عن مصادر صنع القرارات.

نتيجةً لذلك، رفعت شعار “الكوتا” النسائية، وسعت لإدراجها في قوانين الانتخاب، في سبيل تعزيز مشاركة النساء في البرلمان وفي المعترك السياسي بشكلٍ عام.

“رائدة العمل النسائي”

كُرمت من عدة مؤسسات في المجتمع المدني في لبنان. بالإضافة إلى تكريمها من هيئة وطنية تضم 80 شخصية سياسية واجتماعية واقتصادية وفنية في8 آذار/ مارس 2010، في قصر الأونسكو.

كما منحها الرئيس اللبناني الأسبق ميشال سليمان وسام الأرز الوطني من رتبة ضابطة. وقلدتها الوسام السيدة اللبنانية الأولى حينها وفاء سليمان.

وفي العام 1998، منحها الرئيس الهراوي وسام الأرز الوطني برتبة فارسة. وقلدها الوسام رئيس مجلس الوزراء السيد رفيق الحريري.

وفي عام 1995،اختارتها مجلة “ماري كلير” الفرنسية، من بين 100 امرأة مؤثرة في العالم.

ولقبت برائدة العمل النسائي للعام 2002.

وعلى الرغم من حملها لواء القضية النسوية، بكلّ تحدياتها، إلا أن ذلك لم يحيدها عن بوصلة النضال الوطني لأجل فلسطين.

 

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد