الصحافية الفلسطينية ميرفت العزة في مواجهة الاعتداء الجنسي والمنظومة العشائرية

نشرت الصحافية المقدسية ميرفت العزة، في 14 نيسان/أبريل، مقطعاً مصوّراً على حسابها الشخصي في فيسبوك، روت فيه شهادتها عن تعرضها لاعتداء جنسي داخل إحدى مستشفيات بيت لحم.

وأوضحت الناجية ميرفت العزة أن المعتدي يعمل كفنّي أشعة داخل المستشفى. حيث تعمّد لمس ثدييها سبع مرات، أثناء خضوعها للتصوير الشعاعي، جرّاء تعرّضها لحادث سير.

تفاصيل الاعتداء الجنسي على الصحافية ميرفت العزة

تعرّضت الصحافية ميرفت العزة لحادث سير في بلدة بيت ساحور القريبة من بيت لحم في الثاني من آذار/ مارس 2023. قصدت على أثره أحد المستشفيات الخاصة في المنطقة التابعة لحكم السلطة الفلسطينية.

شرحت الناجية أنه في غرفة الطوارئ، تم فحصها بشكلٍ “عادي”. ثم طلب الطبيب منها إجراء صور أشعة لكتفها، ويدها، وقدمها.

 

 

 

“السلطة الطبية ذريعة لتنفيذ الاعتداء”

بعد رؤيته لهويتها، وتأكّده من عدم وجود أقاربٍ ينتظرونها في الخارج، التقط الفنيّ صورتين ليدها المصابة. ثم وضع ماكينة الأشعة فوق صدرها، و “بثواني، بلحظة، رفع البلوزة للآخر، والستيانة (حمالة الصدر) رفعها اللي فيش فيها أي قطعة حديد”، على حدّ تعبير ميرفت، متذرّعاً بأنه إجراء ضروري، لمنعها من المقاومة.

وتابعت: “وبعدين ما شفته إلا بيحط إيده الشمال على ثديي الشمال وبيهزه وبيقولي بيوجعك؟ بعدين بيحط إيده اليمين على ثديي اليمين وبيقولي ‘بيوجعك‘. بعدين حط إيده في الوسط بين الاتنين وقالي ‘بيوجعك‘. وطلع أخد صورة ورجع… أنا شفته طلع، بعرفش أخد صورة ولا مخدش صورة”.

“لحظة إدراك الانتهاك”

لم يكتفِ الفني بهذا القدر من الانتهاك. بل عاد إلى الغرفة، حسبما روت ميرفت، و”وضع إيديه التنتين على ثدييّ اليمين والشمال، وحركهم بشكل دائري وقالي ‘بيوجعوكي‘. قلتله ‘لأ‘”.

وتابعت: “لحد هلأ كنت بشك أنه بيشوف حاجة في صورة الأشعة وع أساسه بيلمس فيّي وبيفحص بصدري، بأثدائي. إلا أنه مسك بالأخير الثديين الاتنين وقال لي: لفّي” أي استديري.

حدّدت ميرفت سبب إدراكها لحقيقة الانتهاك الممارس عليها بأنها تجري فحوصات دورية للثدي والصدر، نظرًا لوجود تاريخ لسرطان الثدي في عائلتها. ولم يسبق أن تضمّن الفحص هذه الإجراءات، فضلًا عن أنها لم تقصد غرفة الأشعة بشكوى ألم في الصدر.

فأدركت حينها أن “هادا اللمس اللي انلمسته أكيد مش لمس طبيب. هون أدركت أن فيه تحرش… فيه اعتداء بيصير عليّ”.

بعد الاعتداء.. السلطة والعشائر تحاول إسكات الناجية

“حاولت السيطرة على أعصابي، لأنني وحدي في المستشفى، دون سيارتي، وأشعر بصعوبة في تحريك يدي”. وضّحت ميرفت حالتها.

إلّا أن إصراره على تصوير صدرها مرة أخرى، بعد الانتهاء من تصوير قدمها، دفعها إلى الصراخ في وجهه “لسّا بدّك تلمسني؟ لسّا بدّك تحط إيدك عليّ؟”.

وأضافت أنها “طلعت أصرّخ في ممر المستشفى. وأطلّع في وجوه الناس وأحاول أشرح. قلت بالزبط شو سوّى، قلت: جيبولي الشرطة، مسك كذا”.

وكما يحدث مع كل النساء اللواتي يفضحن تعرضهنّ للتحرّش، حدث مع ميرفت. فقد تمت مطالبتها بالسكوت “وطي حسكي، وطي صوتكي” من قبل رجال الأمن في المستشفى. فضلاً عن نهرها والاستخفاف بشكواها.

ما دفعها إلى الذهاب إلى غرفة الطوارئ ومحاولة استدعاء الشرطة. ليحضر بعدها مدير المستشفى ويشكّك بروايتها قائلاً “أنا هحقق بس ما كان فيه بينك وبينه غير الله”. وهو ما يعتبر إشارة لعدم جديّة المستشفى في اتخاذ إجراء ضد الفني المتهم بالاعتداء.

وتأكيداً على سلوكه الذكوري، أقنع مدير المستشفى عائلة الناجية بأنها “تتوهم بسبب الألم، لأنها خرجت تصرخ في المستشفى”. فاستنكروا تصرّفها دون الاستماع لها، إلّا أن ابنها كان مصرًّا على معرفة اسم المعتدي تمهيدًا لاتّخاذ الإجراءات القانونية بحقه.

النيابة ووزارة الصحة.. اتهامات وتجاهل

أوضحت ميرفت أنها تقدّمت بشكوى لدى وزارة الصحة ضد المستشفى، وأخرى بحقّ الفني في النيابة العامة. لكنّ الجهتين لم تكونا على قدرٍ كافٍ من المسؤولية.

تعمّدت لجنة وزارة الصحة إلى الاستخفاف بشكوى ميرفت وإغلاق التحقيق دون إدانة الفنّي. بالإضافة إلى تجاهل اتصالاتها والامتناع عن مشاركة القرار معها.

“أهلك موافقين على الشكوى؟”

أما النيابة العامة التي قصدتها ميرفت بعد 13 يوماً من حادثة الاعتداء، بسبب خضوعها لعملية جراحية في يدها، فقد كانت مساحة أخرى لعدم الإنصاف.

حيث سألها أحدهم “أهلك موافقين على الشكوى؟” وهو ما ردّت عليه مستنكرةً بأن عمرها 45 عاماً وليست بحاجة لموافقة أحد كي تردّ على اعتداء تعرّضت له.

في سياقٍ متصل، أشارت ميرفت إلى كمية الاتصالات والرسائل التي وردتها من نساء تعرّضن لانتهاكات متعددة ضمن المستشفيات الموجودة في مناطق السلطة الفلسطينية، مؤكدات على أنهنّ يصدقنها، ويدعمنها.

على خلاف العشائر الذين شكّلوا حلفاً مع مدير المستشفى لمحاولة إسكاتها عبر حلّ القضية بـ”فنجان قهوة”، والضغط عليها للتنازل عن الشكوى بذريعة” “متضيعيش مستقبل الشاب” و”الشاب مسكين وبدناش أهله يعرفوا”.

كما أكدت أن إصرارها على هذه الدعوى ينبع من شعورها بالمسؤولية حيال النساء الأخريات، سواء اللواتي تجرّأن على الحديث معها عن الانتهاكات التي طالتهنّ في غرف العلاج، أم اللاتي لم يجرؤن خوفاً المنظومة العشائرية الذكورية ذاتها.

تنتظر الصحافية ميرفت العزة، قراراً من النيابة العامة بحق الفنيّ، أو إجراء تحقيق جديّ بالحادثة يتضمن تفريغ الكاميرات في المستشفى وصور الأشعة التي التقطها لها. في حين لم تنصفها عائلتها، وتراجع العديد من المحامين عن متابعة القضية بسبب “الضغط العشائري”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد