إليسا.. من دعم المغتصبين إلى مهاجمة اللاجئين/ات

تُصر الفنانة اللبنانية إليسا على موقفها المعادي للاجئات/ين كلّما سنحت الفرصة. موقفٌ تبرره بالوطنية تارة، وبحُب اللاجئين/ات تارة أخرى. وبينما تقف إليسا في تعنّتٍ أمام أي انتقادٍ لمواقفها العنصرية، تتذرّع بحقها في “حماية” بلدها واقتصاده عبر مواقفٍ ترقى إلى مستوى التحريض.

في مطلع نيسان/ أبريل الماضي، أدلت الفنانة اللبنانية بتصريحاتٍ عنصرية ضد اللاجئات/ين السوريات/ين والفلسطينيات/ين في لبنان. وكان ذلك بعد أعمال العنف، التي قام بها الكيان الصهيوني ضد المرابطات/ين في مدينة القدس.

اعتبرت إليسا أنها في موقع يخوّلها بإطلاق وابل من الاتهامات في حق الفئات الأكثر هشاشة في لبنان وهم اللاجئات/ين. وبإصرار، تواصل السير في طريق اليمين العنصري الذي يهدد استقرار المنطقة ويتآمر ضد شعوبها.

نفس الفنانة أطلّت على نساء المنطقة في عمل فني مشترك مع الفنان المغربي المتهم في عدة قضايا اغتصاب سعد لمجرد. دون أن تعطي أي بالٍ للانتقادات والنداءات التي أطلقتها أعداد كبيرة من النساء، واللواتي اعتبرن أن تعاونها معه هو تهديد لأمن جميع النساء.

تستخدم إليسا موقعها كفنانة شهيرة وثرية في مهاجمة اللاجئات/ين والتعاطف، بل والتعاون مع المعتدين جنسيًا. ما يشكّل سلطة طبقية واجتماعية تنطوي على خطرٍ يتربّص بأكثر الفئات عرضة للتمييز والعنف.

هذا الخطاب انتشر بشكلٍ كبيرٍ في الدول الناطقة العربية، بعد حالات النزوح التي فُرضَت مع النكبة الفلسطينية.

في عرف إليسا، دعم المغتصبين فخر.. ومعاداة اللاجئات/ين حبٌّ للوطن!

لم تواصل إليسا تأدية دور “نصيرة النساء” الذي حاولت تسويقه في بعض أغانيها وتغريداتها، التي لعبت فيها دور الفنانة التي تغني بإحساس للنساء وتفهم آلامهن مع العنف القائم على النوع الاجتماعي. في حين بيّن أنها تعمل وفق الترند لا المبدأ، حينما حوّلت هذه الآلام لمنتج يُدر عليها الأرباح. فيما لم تتردّد في الانقلاب على هذا الدور، من خلال التعاون مع فنان متهم بالاغتصاب.

ليست إليسا بالبعيدة عن المشهد العام أو الأخبار والمناشدات التي أطلقتها العديد من النساء، وخصوصًا الناشطات في المجال السياسي والنسوي. كان هدف هذه المناشدات وحملات الدفاع هو مقاطعة سعد لمجرد، وعدم إعطائه الفرصة في تلميع سجله، ومراكمة ثروته عبر كراهية النساء. إذ عُرفَ لمجرد بفنّه الميسوجيني (الذكوري الكاره للنساء)، وتحريضه على العنف، بجانب قضية الاغتصاب التي تم اتهامه فيها.

كل هذا لم يمنع إليسا من التعاون معه، بل والإصرار على نشر صوره والمشاركة معه في العديد من الحفلات، والفخر به. هذا الإصرار يذكّرنا بأن قضايا النساء لم تكن يومًا تهم ذوات الامتياز، بالأخص اللواتي لا ينتبهن لها، إلا إذا كانت لهن فيها منفعة.

تكون الصورة السياسية الشاملة للأجندة النسوية من خلال العمل على قضايا جميع الفئات المهمشة، ودمجها في النضال النسوي.

إذا طالعنا مواقفها من اللاجئات/ين، وإصرارها على تهديدهن/م علنًا، والمشاركة في حملات العنف ضدهن/م، تبدو تصرفات إليسا معروفة الأسباب.

فدعوة اللاجئات/ين لمغادرة الدولة المضيفة يدخل في حيّز العنف الرمزي الذي يجعلهن/م في وضعية خوف وتهديد دائمة. في هذا الصدد، تُعدّ مساهمة الرموز الفنية والسياسية والرياضية في خطاب معاداة اللاجئات/ين تطبيعًا للتوجُّه الرسمي. حين يتم استخدام عنف الدولة لترحيلهن/م وحرمانهن/م من الحقوق المنصوص عليها، ومنها الأوراق الثبوتية، وحق العمل والتعليم والصحة.

مساهمة إليسا في خطاب الكراهية ضد اللاجئات/ين وتبريره بحب الوطن، هو انجرارٌ في الأجندات اليمينية التي تتبناها الدول والأحزاب والطبقات الغنية. يحدث ذلك بغرض تشتيت الانتباه عن الفساد، وتردي الأوضاع الاقتصادية المحلية.

باستخدام إليسا للخطاب اليميني، أثبتت ولاءها الطبقي وقدرتها في التأثير على الرأي العام، بالارتكاز على خطاب الخوف على مصالح المواطنات/ين.

وطنية محفوفة بالعنصرية

تنتشر خطابات كراهية اللاجئات/ين في أماكن كثيرة من العالم. ولكن وجهها الأشهر، والذي أعطى لها زخمًا إعلاميًا وساهم في انتشارها كخطابٍ عابرٍ للحدود، هو اليمين الأوروبي والأميركي. حيث ساهمت قوّة هذا التيار الاقتصادية والإعلامية في ضخ دعاياتٍ كبيرةٍ عبر كبريات منشآت الإعلام لتطبيع معاداة اللاجئات/ين. وهذا من منطلق عنصري يعتبر انتقال البشر عبر الأرض والاستقرار خارج بلدان المنشأ، تهديدًا أمنيًا واقتصاديًا للبلدان المستضيفة.

هذا الخطاب انتشر بشكلٍ كبيرٍ في الدول العربية، بعد حالات النزوح التي فُرضَت مع النكبة الفلسطينية. وما تلاها من حروبٍ ونزاعاتٍ مسلحةٍ أجبرت شعوب المنطقة على الهجرة واللجوء إلى دول الجوار.

وفي مفارقةٍ عجيبة، ظهرت خطابات حماية الحدود من خطر اللاجئات/ين في أماكن كان التنقل بينها هو الوسيلة الأنجح للنجاة والتبادل التجاري. كما ظهرت هذه الخطابات في مناطق ترتبط ببعضها إثنيًّا واجتماعيًّا.

فاستخدام خطاب معاداة اللاجئات/ين، وربطه بالأمن القومي والأزمة الاقتصادية، ليس حكرًا على فئات اليمين، بل أصبح توجهًا شعبويًا لكثير من دول من المنطقة. وتدريجيًا، يتشكّل كوعيٍ جمعيٍ يعمل على غسل أيادي الأنظمة من القمع وتداعيات الفساد الاقتصادي، ونشر الطبقية والعنف. كذلك، يضع اللوم على الفئات الأكثر عرضة للتمييز، تحت لواء الوطنية.

تكون الوطنية بهذا المعنى مرادفةً للعنصرية ومعاداة الآخر. وتتشكّل وفق التهديد الخارجي لا البناء الداخلي، والعمل على تحسين حياة المواطنات/ين، ومن يقيم داخل البلاد بصفته إنسانًا لا عدوًا متخيلًا.

نسوية إليسا لا تمثلنا

تمثل حقوق اللاجئات/ين أهمية كبيرة بالنسبة إلى النسوية الجذرية. حيث تتكون الصورة السياسية الشاملة للأجندة النسوية من خلال العمل على قضايا جميع الفئات المهمشة، ودمجها في النضال النسوي.

النسوية الجذرية لا تهتم بالنساء لكونهن نساءٌ فقط. بل تنظر لتقاطعات حيواتهن وارتباطهن بمجموعات أوسع ينتمين إليها بموجب عوامل مختلفة.

لذلك، تتصدى النسويات لخطابات الكراهية ضد اللاجئات/ين، كون أغلبهن نساء لاجئات أو منحدرات من سياقات تدفع إلى الهجرة. أو يرفضن الارتهان للسياسات المعادية للإنسان وللفئات المهمشة، والتي تعتبر أن هناك إنسان شرعي وآخر غير شرعي.

إن الخطاب اليميني ينبع من أسسٍ أبوية واضحة، تدّعي ملكية الأرض وفق هرميات بعينها. منها مثلًا: الرجال مقابل النساء، المغايرة مقابل الكويرية، المواطنة مقابل اللجوء، الأغنياء مقابل الفقراء. وهكذا، يتم بناء المزيد من الهرميات التي تخلق دولًا عنصرية، وتستخدم اللاجئات/ين والمهاجرات/ين كقوة عاملة “رخيصة”. ولكنها، ترفض منحهم الأوراق الثبوتية، أو التصرف كأفرادٍ لهن/م الحق بالحياة والتعبير عن آرائهن/م السياسية.

لذلك، تعمل النسوية بشكلٍ قاطعٍ ضد خطابات الكراهية. كما تحرص على تفكيكها عبر إبراز أسبابها وتهديدها لجميع الفئات المهمشة، بما فيها النساء اللاجئات.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد