نتضامن مع هالة عاهد بوجه حملة التحريض التكفيرية ضدها

“الوعي عند النسوية المتأسلمة هو أن تطعن في العلماء والبخاري”، “النسوية المحجبة أخطر بألف مرة من النسوية أم شعر أزرق وأنف مخرّم..”

“ما عندنا شي اسمه حقوق مدنية، عندنا شريعة إسلامية”، “النسوية فكر ضال وغير مقبول إسلاميًا”.

بمثل هذه العبارات الذكوريّة والتنميطية، صوّب التكفير الذكوري سهام التحريض والتشهير ضد المحامية والناشطة الحقوقية الأردنية هالة عاهد.

حصل ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية إعلان منظّمة “أهل” الأردنية إدارة هالة عاهد لجلسات تعليمية حول مبادئ النسوية وتقاطعها مع مفاهيم مثل العدالة الاجتماعية.

ومنذ 15 حزيران/يونيو 2023، يستمر خطاب الكراهية العنيف والمبتذل في الوقت نفسه ضد هالة عاهد.

ووصل إلى حد الشخصنة، فاستخدم الكارهون/ات أفظع الألفاظ وأكثرها وضاعةً، بذريعة الدفاع عن القيم الأخلاقية والأسرية والدينية.

ووجه هؤلاء اتهامات لهالة عاهد بحملها مفاهيم “تغريبية” تناقض المجتمع وعاداته وتقاليده وأحكام الدين في الأردن. ما أدّى إلى تعليق عقد الجلسة إلى إشعار آخر.

رغم أن هالة عاهد حاولت إثر ذلك توضيح خصوصية النسوية في المنطقة الناطقة بالعربية، وحقيقة اختلافها جذريًّا عن النسوية في دول الغرب، فيما يتعلّق بالسياقات والمفاهيم. كما تطرّقت إلى مدى ارتباط النسوية العربية بحركات التحرّر من الاستعمار والدكتاتوريات.

لكن الهجوم السافر تصاعد في الأيام الأخيرة إلى حد التهديد واختراق هاتفها ونشر بياناتٍ ومعلومات شخصية عنها.

بالإضافةً إلى المطالبة بملاحقتها أمنيًا ومحاكمتها قضائيًا، ونزع الجنسية الأردنية عنها لمجرّد أنها نسوية لديها موقف ينحاز إلى قضايا وحقوق النساء والفتيات، ويؤمن بمبدأ تحقيق العدالة للفئات المهمشة.

هالة عاهد في مواجهة حملات القمع والإسكان

في تغريدة لها ردًّا على حملة الشتم والإخراج من الملة التي تعرّضت لها، كتبت هالة عاهد: “أعلن مبادئي ولا أستحي منها. مع المساواة والعدالة الاجتماعية وضد الظلم والتمييز”.

وأضافت: “مخطئ من يعتقد أن حجم الهجوم وبذاءته قادر على إخافتي وإسكاتي. على العكس تمامًا، هو دافع أكبر لي للاستمرار. الطريق صعبة وطويلة لكن الرحلة تستحق..”

كما قالت في تغريدة أخرى: “ربما كان لكل متابع/ة ذي/ات ذمّة وأخلاق الحق أن يعرف/تعرف لماذا أنا نسوية. أتفهم دوافع أصحاب/صاحبات ردود الفعل المعادية على طروحاتي”.

وأردفت: “لستُ مضطرّة لقبول أو احترام أفكار هؤلاء. فهم/ن يجهلون/ن وينكرون/ن أن للنساء حقوقًا مسلوبة. ويعلنون/ن عن ذلك بذكورية صريحة”.

كما صرّحت هالة عاهد قائلةً إنها “امتداد لنساء مناضلات وحقوقيات وناشطات، كافحن وبذلن أعمارهن في سبيل قضية النساء والفتيات، وحقّقن إنجازات كبيرة في هذا الصدد”.

وختمت: “يحاولون/ن الآن سحب الشرعية عن نضالي، كوني امرأة مسلمة ترتدي الحجاب”.

تضامن حقوقي ونسوي مع هالة عاهد

دفعت الحملة الإلكترونية الممنهجة ضد هالة عاهد عددًا من المنظمات الحقوقية والنسوية في الأردن وخارجها إلى إعلان التضامن معها في مواجهة ما وصفوه/نه بـ”رهاب النسوية”.

وأصدرت أكثر من 250 شخصية أردنية بيانًا أدانت فيه تكفير وشيطنة وتهديد الناشطة هالة عاهد. وحذّرت من استمرار “هذا الخطاب السام على بعض وسائل التواصل الاجتماعي”.

وعبرت عن تضامنها مع الأستاذة هالة “بوجه هذه الحملة غير البريئة”. وقالت: “نفخر بها لما تمثله من نموذج مميز للنساء الأردنيات، فهي مدافعة شجاعة عن حقوق الإنسان ضد الانتهاكات التي طالت شرائح وفئات عديدة في المجتمع، ونالت جهودها تقدير وثناء العديد من أبناء/بنات الوطن على طول البلاد وعرضها”.

وأكدت أن “مشاركة الأستاذة هالة في دورة تثقيفية حول النسوية، يعد ممارسة لحقوقها الإنسانية والدستورية، كالحق في الرأي والتعبير والتفكير”.

وأشارت إلى أن “محاولة إسكات أو إقصاء كل رأي لمجرد الاختلاف معه، عبر الترهيب والشيطنة، وفبركة الصور والفيديوهات، والتهديد والتكفير، يُقوض الكفالة الدستوريّة لحق الإنسان في التفكير الحر، وإبداء رأيه بحرية دون خوف من سلطةٍ أو من أفرادٍ في المجتمع”.

من جهتها، عبّرت منظمة “أهل” عن ثقتها بهالة عاهد ودعمها لها.


“هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني” (همم) أصدرت بدورها بيانًا تضامنيًا دعت فيه إلى “ضرورة تعزيز مساحات الحوار في الفضاء العام”، مطالبةً النائب العام الأردني بالتحرّك الفوري لتأمين الحماية لهالة عاهد.


بجانبها، ذكّرت مجموعة “تقاطعات” النسوية بتاريخ هالة عاهد وما قدمته للدفاع عن حقوق الإنسان في الأردن.

واستنكر مركز الخليج لحقوق الإنسان (GC4HR) في بيانٍ “الحملة الجائرة ضد هالة عاهد. “في وقتٍ تستحق الاحتفاء بمنجزها في الدفاع عن حقوق المواطنين/ات المدنية والإنسانية”، بحسب تعبيره.

وحثّ المركز السلطات الأردنية على “توفير كافة أشكال الحماية لها من أجل أن تقوم بعملها السلمي دون أية مضايقات أو استهداف”.

بدوره، استغرب “الملتقى الوطني للدفاع عن الحريات” الحملة الشرسة التي تعرضت لها هالة عاهد، وهي عضو في الملتقى، وما تخلل الحملة من افتراء للمواقف والتوجهات، وتحميل لكلامها ما لا يحتمله.

ودعا الملتقى في بيان المواطنين/ات الأردنيين/ات إلى “عدم الانخراط بتلك الحملات المشبوهة”. وأكد دعمه الكامل للأستاذة هالة.

تضامن شعبيّ مع هالة عاهد

عبّر ناشطون/ات عن تضامنهم/ن مع هالة عاهد على صفحاتهم/ن في مواقع التواصل الاجتماعي.

واعتبرت الناشطة الأردنية بنان أبو زيد في تغريدة أن “التركيز على انتقاد حقوقيين/ات وشخصيات تبذل مجهودًا في سبيل قضايا المجتمع مثل هالة عاهد، تصرّف عدمي وهادم”.

وعلّق الناشط سمير مشهور عبر “تويتر” علي التهديدات بالقتل التي طالت هالة عاهد.

وكتب الناشط عمر العطعوط نقدًا لأحزاب الإسلام السياسي وازدواجية معاييرها داخل الأردن وخارجها.

من هي هالة عاهد؟

هالة عاهد هي محامية أردنية وناشطة في مجال حقوق الإنسان. فازت بجائزة “فرونت لاين ديفندر” عام 2023 لمدافعي حقوق الإنسان المعرّضين/ات للخطر عن نشاطها الحقوقي.

وفي حوار تلفزيوني معها، قالت: “طالما هناك تمييز وعنف ضد النساء وإقصاء في سوق العمل والمشاركة السياسية، سوف نواصل الكفاح”.

وتابعت: “نحن نطمح إلى واقعٍ تعيش فيه النساء بحرية ومساواة. وأن يجري العمل على تعديل التشريعات التي تنطوي على تمييز سافر ضد المرأة”.

عملت هالة مع عدّة منظمات حقوقية ونسوية للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق العمّال وحرية التعبير والتجمع السلمي.

وطالبت في مناسبات عدّة بتجديد الخطاب الديني إعادة قراءة النصوص الشرعية بفهم آخر بما يناسب الزمن الحاضر.

كذلك عبرت بشجاعة عن موقفها من قانون الأحوال الشخصية في الأردن والمستمدّ من الأحكام والآراء الفقهية في أحكام الشريعة الإسلامية.

وتطرّقت إلى أمور إجرائية مثل قضايا الطلاق والحضانة والوصاية والنفقة وتزويج القاصرات وغيرها من القضايا المتعلقة بحقوق النساء والفتيات.

تحاول المنظومة الأبوية في الأردن، بأذرعها القانونية والدينية والإعلامية والاجتماعية، كتم أصوات الناشطات النسويات وإقصائهنّ عبر تكفيرهن وعزلهن عن مجتمعاتهن المنحدرات منها.

وذلك في محاولةٍ للحدّ من عملهن على نشر الوعي في القضايا النسويّة لمقاومة الظلم والتمييز الواقع على النساء والفتيات في هذه المجتمعات.

خصوصًا وأن الجلسات التي بدأت حملة التحريض على خلفيتها قد لاقت بالفعل تجاوبًا كبيرًا للمشاركة فيها.

نؤكد في “شريكة ولكن” تضامننا المطلق مع هالة عاهد بوجه الهجوم الدنيء الذي تتعرّض له. كذلك نؤكد أن هذه الحملات ما هي إلا دافعًا إضافيًا للاستمرار بما نقوم به.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد