العدالة الإنجابية للنساء في غزة الآن
يتعمّد كل كيان استعماري استهداف العرق والإثنية للجماعات المستعمَرة، وخصوصًا النساء. يرجع ذلك إلى اعتبار إنجابية النساء مفتاحًا للإبادة الإثنية والعرقية. ويحدث ارتكازًا على الهوية الاجتماعية وارتباطها بالدور الإنجابي، وتصوير النساء كأدوات إنجاب.
منذ بداية العدوان الصهيوني الأخير على غزة في السابع من أكتوبر، وهذا الكيان يتفنن في إبادة الشعب الفلسطيني ومحاولة محوه بتواطؤ إمبريالي عالمي، وآخر إقليمي مشين.
هذا العدوان استهدف كل مظاهر الحياة في غزة، قتل الناس والكائنات الحية، دمر البيوت والمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء والإغاثة. كما قطع الماء والكهرباء والمحروقات، ومنع إمدادات الغذاء والدواء. كل ذلك بجانب محاولات مستميتة لتدمير الكادر الطبي، الذي قد يساعد في نجاة المصابات/ين والمرضى.
لا يكون الدمار الاستعماري في اتجاه واحد، بل يعمد لتدمير جميع سبل الحياة، بما فيها استهداف النساء الحوامل والرضع والأطفال.
وجود الفلسطيني واستمراره كنسلٍ وسلالة يهدد المشروع الاستيطاني الصهيوني.
جرائم إبادة إنجابية
تتعرض النساء في غزة لتبعات الحرب الاستعمارية بشكلٍ مضاعفٍ. فرغم أن ضريبة الشهادة والإصابة موزعة بالتساوي بين جميع سكان القطاع بغض النظر عن النوع الاجتماعي، إلّا أنّ هناك تبعات لا يمكن تجاوزها.
وذلك، خصوصًا، عند النظر إلى تفاقم حالات الإجهاض القسري، نتيجة القصف واستشهاد الحوامل وحالات الولادة المبكرة. وكذلك بالنظر إلى إجراء عمليات قيصرية دون تخديرٍ، أو استئصال الأرحام بعد الولادة، بسبب نفاد موارد المستشفيات. كما يتعرض الرضع والخدّج لخطر الموت، نتيجة استهداف وسائل الرعاية الطبية.
فمع الاستهداف المتكرر لمجمّع الشفاء الطبي، يواجه عشرات الرضع خطر الموت، بينما فارق بعضهن/م الحياة بالفعل نتيجة انقطاع التيار عن الحضّانات وأجهزة التنفس الصناعي جرّاء انعدام الوقود بسبب الحصار. بينما تواجه الطواقم الطبية ظروفًا قاسية في محاولات إنعاش حديثي الولادة يدويًا بعد توقف الأجهزة. ليرتفع بذلك عدد الطفلات/الأطفال ضحايا العدوان إلى أكثر من 4500 شهيد/ة في أسابيعٍ قليلة.
لا يمكن قراءة هذا الاستهداف بمعزل عن التصفية الإنجابية التي يرتكبها الكيان منذ استيلائه على الأرض. حيث كان يخطط باستمرار لجعل بنك أهدافه هو الأطفال والرضّع، واستهداف القدرة الإنجابية للنساء الفلسطينيات. وذلك باعتبار أن وجود الفلسطيني واستمراره كنسلٍ وسلالة يهدد المشروع الاستيطاني الصهيوني. فهذا المشروع شأنه شأن كافة الأنظمة الاستبدادية يعتمد على المنظور الأبوي للنساء، اللواتي يستهدفن خصيصًا لكونهن مُنجبات، محتملات أو فعليّات، لأجيالٍ من المقاومات/ين.
View this post on Instagram
نساء وفتيات غزة وحصار العدالة الإنجابية
أثر العدوان الصهيوني بشكل كبير على الدورة الشهرية للنساء والفتيات في غزة. إذ اضطرت عديدات منهن لتناول حبوب لتأخير الحيض، بسبب انعدام توفّر الفوط الصحية وعدم وجود مياه للاستحمام والتعقيم. بالإضافة إلى عدم وجود أماكن آمنة لفعل ذلك، جرّاء القصف واستهداف المنازل والملاجئ.
من ناحية أخرى، تتفاقم الآلام الجسدية الناتجة عن الدورة الشهرية، بسبب الإصابات والنوم على البلاط والبرد، وحتى بسبب الحالة النفسية الناتجة عن الخوف والصدمة.
تعيش الآن آلاف النساء والفتيات تحت خطر الوفاة، نتيجة مضاعفات الحيض والعدوى الناتجة عن عدم توفر المستلزمات الصحية اللازمة. كما تعيش الكثيرات في خطر جسدي ونفسي حقيقي لذات السبب.
جهزت ملابسه وسريره وتحلم باحتضانه.. #القصف_الإسرائيلي يهدد باجهاض حمل “هند” الذي انتظرته 22 عاماً #غزة #غزة_تحت_القصف pic.twitter.com/1YQ0AQhxSc
— blinx (@BlinxNow) October 20, 2023
هذا المشروع شأنه شأن كافة الأنظمة الاستبدادية يعتمد على المنظور الأبوي للنساء، ويستهدفهن خصيصًا لكونهن مُنجبات، محتملات أو فعليّات، لأجيالٍ من المقاومات/ين.
لا عدالة إنجابية دون إنهاء الاستعمار
لا يمكن لأي منظمة أو مجموعة نسوية في العالم أن تحاضر عن العدالة الإنجابية والسيادة الجسدية، دون مناهضة للاستعمار في فلسطين وحول العالم. ولا يمكن أن تحظى النساء في العالم بحقوقهن في السيادة على أجسادهن أو يطالبن بها، دون أن ينخرطن في معركة النساء الفلسطينيات.
تحديدًا، النساء في غزة اللواتي يتعرّضن للإبادة والاستهداف الاستعماري الموجّه لإنجابيتهن، والجرائم التي تجعل كل واحدة منهن عرضة لخطر الموت. سواء كان السبب مضاعفات الحيض، أو/و الإجهاض القسري، أو/و الولادة المبكرة، والموت أثناء الولادة وفقدان الرضع والأطفال/الطفلات، نتيجة القصف والعدوان.
نوجّه دعوة لكل التنظيمات النسوية بأن ترفع صوتها لوقف الإبادة في غزة، عن وقف الإبادة الإنجابية لنساء غزة، عن وقف إبادة طفلات/أطفال غزة.