في اليوم العالمي للطفلات/الأطفال البريئات/ الأبرياء ضحايا العدوان… أين العدالة؟

يكاد لا يمر يوم دون أن نشهد انتهاكاتٍ خطيرةٍ لحقوق الطفلات/الأطفال، وأهمها حق الأمن والتنشئة في بيئةٍ خالية من العنف.

تتجدد قضايا العنف ضد الطفلات/الأطفال حتى أصبحت جزءًا من التركيبة التربوية والقيمية للمجتمعات. وتتم تنشئتهن/م في جوٍ يسوده العنف الجسدي والنفسي. مما يخلق شرخًا عاطفيًا واجتماعيًا في نفوسهن/م.

تعتبر المنطقة الناطقة بالعربية مكانًا غير آمن للطفلات/الأطفال، نظرًا للإفقار وسوء الخدمات العمومية كالصحة والتعليم. ويترتب على ذلك أعدادًا كبيرة منهن/م تحت خطر التسرّب المدرسي والتشرد والعنف.

ومن بين أخطر هذه المآسي هي الاستهداف الممنهج من قوى الاحتلال والقوى العسكرية للطفلات/الأطفال، كأهدافٍ سياسية بالدرجة الأولى.

لا أمان في ظل الاستعمار والأنظمة القمعية

من المحيط إلى الخليج، نشاهد تأثير الاستعمار والاستبداد على حيوات الطفلات/الأطفال. فنرى أعمارهن/م الصغيرة تنتهي بقذيفة أو رصاصة، أو بالجوع والمرض في مخيمات النزوح.

كما نشاهد كيف يستهدفهن/م الاستعمار الصهيوني في كل عدوان على غزة، كهدفٍ مباشر للقصف.

ففي عرف الاستعمار، استهداف هؤلاء ليس عشوائيًا. بل خطط خبيثة مدروسة بعنايةٍ لكسر إرادة المقاومة العابرة للأجيال، وبث الخوف في نفوس الشعب الفلسطيني المحتل. فلا يزال أكبر تهديدٍ للاستعمار الصهيوني وسائر أنظمة الاحتلال هو قدرة الشعب على توريث النضال والمقاومة.

لم تكن الأنظمة القمعية والديكتاتورية أكثر رحمةً من الاحتلال.

فقد شاهدنا جرائم النظام السوري ضد الطفلات/الأطفال، وقصفهن/م بالقنابل الكيماوية المحرمة دوليًا. ورأينا كيف تم تهجير الآلاف نحو مخيمات النزوح، والتي تفتقر لأدنى مقوّمات الحياة الكريمة.

العنف المسلّح يقتل الطفلات/الأطفال ببطء

قبل أيام، وأمام أنظار العالم، فارق 13 طفل/ة سوداني/ة الحياة في أكبر ميتم في البلاد بسبب الجوع والعطش. وذلك نتيجةً لتعطّل كامل في الحياة بسبب الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وبقيت القلة الناجية منهن/م، مهددة بالموت البطيء، بسبب نقص المؤن الغذائية.

لم يكن هؤلاء الأطفال الضحايا الوحيدات/ون لهذا العنف. فمنذ اندلاع الحرب في السودان، تم قتل عشرات الطفلات/الأطفال، ما بين الخرطوم ودارفور.

بينما امتد أثر العنف المسلح إلى جوانب أخرى من حيوات طفلات/أطفال السودان. حيث تعرضن/وا، مع عائلاتهن/م، إلى العنف النفسي والصدمات الناتجة عن أهوال الحرب، والاضطرار إلى النزوح. كما تعيش الطفلات/الأطفال المريضات/المرضى في تهديدٍ مستمرٍ، بسبب نقص الأدوية وقصف المستشفيات.

كنّ/ كانوا شاهداتٍ/شهودًا أيضًا على قتل وتجويع الطفلات/الأطفال في اليمن، بين قوات الغزو السعودية والإماراتية، والجماعات المسلحة كالحوثيين.

يصعب حصر الجرائم التي تمارسها أنظمة الاستعمار والاستبداد ضد الطفلات/الأطفال، والتي هي – بطبيعة الحال – غير معزولة عن جرائم يتعرض لها الشعب بمختلف فئاته.

لكن النزاعات المسلحة والاستهداف القاتل الذي تشنه قوات الاحتلال، أكبر ضحاياه هن/م الطفلات/الأطفال. ما بين القتلى والجرحى، وبين التهجير في مخيمات النزوح وتدمير المرافق المفترض أن تقدم لهن/م حياة كريمة.

يبقى هؤلاء مهددات/ون بحياةٍ مليئة بالخطر والرعب والصدمات النفسية. عاجزاتٌ/ون عن فهم العنف وأسبابه وتبعاته. راغباتٌ/ون بأمل طفولي في الغد، مهما كان مجهولًا.

أين العدالة؟

يتعرض الطفلات/الأطفال في الجنوب العالمي إلى تهديداتٍ متعددة واضطهاد متقاطع. نظرًا لتحكم الاستعمار والاستعمار الجديد والاستغلال الرأسمالي وسيادة النظام الأبوي في هذا الجزء من العالم.

لن تحصل الطفلات/الأطفال على حق العدالة الاجتماعية، والأمان والحياة الكريمة، دون أن ننهي، وبشكلٍ تامٍ، النظام الاستعماري الاستبدادي الأبوي الرأسمالي.

إذ أصبح قتلهن/م بطائرات الاحتلال، وقصفهن/م بالقنابل من الأنظمة الاستبدادية مشهدًا معتادًا بالنسبة للبشر داخل وخارج هذه الرقعة الجغرافية. 

تمتلئ صفحات التواصل الاجتماعي لأشخاص من دول شمال العالم. يلتقطن/ون صورًا مع طفلاتٍ/أطفالٍ في إفريقيا وآسيا، حيث المعاناة من آثار المجاعات أو الحروب، أو في خيم ومنازل مهترئة.

ولا تكون الصغيرات/الصغار محط أنظار الإعلام والتحرك الإنساني لوقف هذه المآسي. إنما يتم تحويلهن/م إلى وسيلة للتلميع الإعلامي للشخصيات التي تلتقط مثل هذه الصور، خاصة المشاهير البيضاوات/البيض.

وتدور أخبار قتلهن/م أو تعرضهن/م للجوع والحرمان من الحقوق الأساسية، أو فتك الأمراض بهن/م، كشريطٍ إخباري في القنوات الدولية.

تصرخ الطفلات/الأطفال بسبب العنف الجسدي والنفسي من المجتمع والعائلة، والأنظمة السياسية وجيوش الاحتلال.

يتم حرمانهن/م من حياةٍ عادلة، ومياه نظيفة، ووجبات متكاملة، من التعليم والصحة. ويصبح الترفيه مقرونًا بدخل الأسرة ومكانتها الطبقية.

فتكون الألعاب والمرح أمورًا طبقية، تحظى بها فقط الأسر التي استطاعت تأمين مكانًا في النظام الطبقي، ولو على هامشه.

لن تحصل الطفلات/الأطفال على حق العدالة الاجتماعية، والأمان والحياة الكريمة، دون أن ننهي، وبشكلٍ تامٍ، النظام الاستعماري الاستبدادي الأبوي الرأسمالي.

كل هذه الأنظمة المتقاطعة والمترابطة فيما بينها، تخلق في حياة الطفلات/الأطفال، ككل الفئات المهمشة، الموت والعنف والحرمان.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد