انتزاع النسوية من يديّ المستعمر

نشرت اللجنة الثورية النسوية المؤقتة، وهي منظمة نسوية بروليتارية في جنوب كاليفورنيا، بيانًا بعنوان ” انتزاع النسوية من يديّ المستعمر”.

واللجنة الثورية، هي فرع لتنظيم ملتزم ببناء ثورة معنيّة بتحرير النساء، يسعى لتفكيك الإمبريالية والرأسمالية والتسليع الجنسي للنساء والأشخاص المضطهدين جنسيًا.

وقد قمنا في “شريكة ولكن” بترجمته وتعديل صياغته بما يتناسب مع لغة البلدان الناطقة بالعربية وفق التالي:

 انتزاع النسوية من يديّ المستعمر، بيانٌ يفنّد ويفضح زيف مزاعم الاحتلال الصهيوني، باغتصاب مقاتلي المقاومة الفلسطينة لمستوطنات ومجنّدات إسرائيليات أثناء عملية طوفان الأقصى، والتي يستخدمها الكيان لسحب الشرعية من المقاومة الفلسطينية لتحرير الأرض.

نكتب إليكنّ/م ردًا على الادعاءات غير المثبتة بالاغتصاب الجماعي، التي تم تداولها عبر وسائل الإعلام التقليدية والشبكات الاجتماعية، والتي نعتقد أنها محاولة مباشرة لتسليح النسوية ضد النضال الفلسطيني للتحرر الوطني.

هذه الادّعاءات لا أساس لها ولا تستند إلى دليل حقيقي

لم يتسنّى للكيان وماكينته الإعلامية إثبات هذه الادّعات، فحتى مصادر وسائل الإعلام الصهيونية، مثل تايمز أوف إسرائيل، ذكرت أنه “لا يوجد دليل قاطع على حدوث حتى حالة واحدة من الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي قام بها المقاتلون الفلسطينيون، ناهيك عن حدوث ذلك بشكل جماعي”.

ففي مقال نشر بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر تم ذكر أن هناك مجرد اشتباه بوقوع مثل هذه الحالات وأن هذه “المخاوف من حصول اعتداء جنسي” تنبع من مصدرين: الأول مقطع فيديو لامرأة سروالها القصير ملطخ بالدماء، والثاني صورة لامرأة ملقاة داخل شاحنة.

في حين أن الصور القادمة من منطقة الحرب كانت صادمة للجميع على الأغلب، ولكنّ أيًا من مقاطع الفيديو التي تم نشرها لا تظهر دليلًا قاطعًا على الاعتداء الجنسي، كما أنها لا تشير بالمنطق إلى إمكانية حدوث اعتداء جنسي.

من بين العديد من التفسيرات المحتملة، اختارت وسائل الإعلام الإمبريالية والصهيونية التكهّن بأن هذين المشهدين يدلان على وقوع اعتداء جنسي. لماذا؟ من أجل تنظيم جماهير الناس لتصديق روايتهم بأن الفلسطينيين المقاتلين من أجل الحرية هم أشرار ووحشيون وإرهابيون.

(هناك مشهد ليس غير ذي صلة تمامًا ، ولكن لا يزال من المهم ملاحظة أن الفيديو الأول يبدو في الواقع أنه يظهر المرأة يتم تمريرها إلى سيارة إسعاف أو مركبة طبية).

نشر مصدر إخباري صهيوني آخر في مجلة تابلت قصة تزعم أن “النساء تعرضن للاغتصاب في منطقة “ريف” بجوار أجساد أصدقائهن”.

ومع ذلك، فإنهم ينسبون هذا الاقتباس فقط إلى مصدر يسمى “أحد الناجين” ولم يقدموا أي دليل جوهري على هذه الادعاءات.

ومن ثمَّ تم اقتباس هذه القصة من مجلة تابلت في صحيفة الأتلانتيك لإثبات ادعائهم بأن “العديد من النساء اللواتي أعدمن في المهرجان تعرضن للاغتصاب”.

ومع ذلك، لا يزال هذا هو المصدر الوحيد المزعوم مجهول الهوية، مع عدم وجود أيّ معلومات على الإطلاق عن هويتهم، ولا يوجد أيّ دليل داعم على الإطلاق لإثبات هذا الادعاء.

وبالنظر إلى عدم وجود أي دليل، من الواضح أن مشاركة الصور المنتشرة التي تزعم الاغتصاب الجماعي لنساء المستوطنات هي أداة دعائية تهدف إلى شيطنة المقاومة الفلسطينية من أجل حشد الدعم للمشروع الصهيوني لبناء دولة عرقية فوق الإبادة الجماعية وتشريد ملايين الفلسطينيين.

هذه الادعاءات التي لا أساس لها تلقي بظلالها على تاريخ العنف الجنسي المفروض على الفلسطينيين وغيرهم من قبل الكيان الصهيوني.

في تموز/يوليو 2023، تعرض الكيان الصهيوني لانتقادات بسبب تمريره قانونًا يسمح للمستوطنين اليهود بالحصول على “عقوبة أقلّ من المواطنين الفلسطينيين لدى قيامهم بالاغتصاب والاعتداء الجنسي أو التحرش الجنسي”.

حتى أن أحد السياسيين الصهاينة اعترف بأن هذا القانون “لن يحاكم المسؤولين الإسرائيليين الذين يتحرشون بالنساء الفلسطينيات عند نقاط التفتيش، ولا محققي الشاباك الذين يتحرشون بهن أثناء التحقيق”.

للكيان الصهيوني تاريخ طويل من العنف الجنسي ضد النساء الفلسطينيات. وقد سبق أن أدين جندي صهيوني باغتصاب امرأة فلسطينية والاعتداء جنسيًا على نساء ورجال فلسطينيين آخرين، وابتزازهم للمطالبة بخدمات جنسية.

وقد وضع الاحتلال “أمر حظر نشر” على القضية من أجل منع وسائل الإعلام من تغطيتها.

وكان الرقيب عمر طبيب، جندي الاحتلال البالغ من العمر 21 عامًا، قد قتل بالقرب من قطاع غزة في عام2021.

وقبل عام واحد فقط، كان يتفاخر بارتكاب العنف الجنسي ضد النساء الفلسطينيات. ففي آب/أغسطس من العام 2019، نشر طبيب صورة على تويتر مذيلة بتعليق” أنا أنفخ هذه السيجارة مباشرة بعد أن اغتصبت سيدة فلسطينية”.

ووثقت نساء فلسطينيات يزرن واحدًا من آلاف الفلسطينيين الذين اعتقلهم الكيان الصهيوني عرضتهن فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي للعنف الجنسي، بما في ذلك التحرش الجنسي والتعري القسري واللمس القسري. وغالبًا ما تواجه النساء الفلسطينيات المحتجزات لدى الاحتلال عنفًا أسوأ.

وقد وثقت بعض القصص في تقرير قدم إلى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في عام 2005. اعتقلت امرأة فلسطينية تدعى سميرة هدار محمود الجنزازرة، في عام 2002 حيث أجبرتها جنديتان من جنود الاحتلال على فتح بلوزتها أمام مجموعة من الفتيان، وألقوا نسخة من مصحفها على الأرض، ثم عصبوا عينيها ويداها مقيدتان خلف ظهرها.

وعندما جرى التحقيق معها لاحقًا هددتها قوات الاحتلال باغتصابها وتعذيب أحبائها إن لم تعترف. واعتقلت امرأة أخرى، هي كاهارا سعدي، في منزلها، وضربت أمام أطفالها الأربعة، واحتجزت في زنزانة انفرادية لأكثر من 115 يومًا بعد استجواب دام 9 أيام. في السجون الإسرائيلية، واجهت أيضًا تهديدات بالاغتصاب، إلى جانب تهديدات بالضرب والانتقام من أسرتها.

كما تعرضت امرأة أخرى هي سهير إيسان عبد الرازق الهشلمون، التي كانت تبلغ من العمر 26 عامًا فقط في ذلك الوقت، للتهديد بالاغتصاب والضرب والحبس الانفرادي المطوّل من قبل الاحتلال الصهيوني.

عندما اعتقل الكيان الصهيوني مؤخرًا فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 16 عامًا، “غازلها” جنود بالغون وتحرشوا بها جنسيًا وهددوا عائلتها بالانتقام منهم من خلال اعتقالها.

وأمر ضابط صهيوني آخر بتفتيش الأعضاء التناسلية لامرأة فلسطينية، وفي المقابل، تمت ترقيته على الرغم من خضوعه للتحقيق بتهمة الاغتصاب.

لا تقتصر الجرائم الجنسية الصهيونية على النساء. ففي العام 2010، تقدم صبي فلسطيني يبلغ من العمر 15 عامًا قائلًا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ربطت كابل تشغيل السيارة بقضيبه مهددة إياه بأنه لن يتمكن من إنجاب الأطفال بمجرد الانتهاء منه.

وما هذه سوى واحدة من عدّة قصص لا تعد ولا تحصى. فبحسب دراسة تستند إلى اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل بين الأعوام 2005 و 2012 تعرّض آلاف الرجال الفلسطينيين للتعذيب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وكان عدد كبير من هذه الحالات يتعلق بالتعذيب والعنف الجنسي. وادعى رجال وفتيان فلسطينيون أن قوات الاحتلال الإسرائيلية عرّضتهم للتعري القسري، والتحرش الجنسي بحقهم وحق أفراد أسرهم، بالإضافة إلى الاعتداء الجنسي البدني، وركل أعضائهم التناسلية والضغط عليها، ومحاكاة الاغتصاب، والاغتصاب الفعلي بأداة حادة. وأجبرت دورية الحدود الصهيونية رجلًا آخرًا على ممارسة الجنس مع حمار.

في عام 2023، صدر تقرير كشف النقاب عن تعرض 86٪ من الأطفال الفلسطينيين الذين يحتجزهم الاحتلال للضرب، وتفتيش 69٪ منهم بعد تجريدهم من ملابسهم، وإصابة 42٪ منهم عند الاعتقال، وتعرض العديد ممن يواجهون عنفًا ذا طبيعة جنسية، مثل اللمس والضرب في الأعضاء التناسلية، قبل وضعهم داخل أقفاص صغيرة.

وبطبيعة الحال، تأتي هذه الرواية أيضًا في وقت من المقرر أن يعترف فيه خمسة مستوطنين إسرائيليين بذنب اغتصابهم الجماعي لامرأة بريطانية بعد اختطافها في قبرص.

تمزيق النسوية من يديّ المستعمر

على المقلب الآخر، يمكننا الحديث عن العديد من حالات العنف الجنسي للمستوطنين الصهاينة ضد النساء الفلسطينيات، فإنّ هذه النظرة العامة الموجزة والمرعبة كافية لإظهار أن العنف الجنسي جزء لا يتجزأ من الكيان الصهيوني.

إن مزاعم الاغتصاب على أيادي الفلسطينيين المناضلين من أجل الحرية لا أساس لها من الصحة ونحن نرفض السماح لوسائل الإعلام الإمبريالية بتسليح النسوية في خدمة مستعمرة استيطانية للإبادة الجماعية.

في مثل هذه الأوقات، حيث تحقق حركة ثورية أو حركة من أجل التحرر الوطني تقدمًا كبيرًا، ستستجيب وسائل الإعلام الإمبريالية محاولةً جذب تعاطف الأشخاص ذوي الميول اليسارية بسرعة مستخدمةً شبكاتها الدعائية الممولة جيدًا من أجل سحب الدعم من خلال الادعاء بالعنف ضد الفئات المهمشة، مثل النساء.

علينا أن نبقى ثابتين في التزامنا بقضية التحرر الوطني والثورة البروليتارية، ويجب علينا فضح الدعاية الإمبريالية خطوة بخطوة.

ندعو جميع المنظمات والأشخاص الذين يناضلون من أجل تحرير المرأة إلى الوقوف مع المقاومة الفلسطينية وإدانة صريحة لاستخدام الحركة النسائية كسلاح – وهي سياسة تحررية – ضد المضطهدين الذين يناضلون من أجل حريتهم.

فلسطين حرة!

عاش النضال ضد الصهيونية والإمبريالية!

انتزعوا النسوية من أيدي المستعمر!

اللجنة النسوية الثورية المؤقتة

فرع جنوب كاليفورنيا

9 تشرين الأول/ أكتوبر 2023

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد