الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقليات المهمشة

تتوالى التقارير والشهادات عن استخدام النظام الإيراني لأسلحة الاعتداء الجنسي والتعذيب في السجون، وتوظيفها وسائل انتقامية في حق الناشطات/ين السياسيات/ين والمعارضين/ات من المجموعات المضطهدة في إيران.

من بين هذه التقارير، التقرير الصادر يوم 22 نيسان/ أبريل لمنظمة هيومن رايتس ووتش، الذي يبين أن قوات الأمن الإيرانية اغتصبت معتقلات ومعتقلين، وعذّبتهن/م، واعتدت عليهن جنسيًا أثناء قمعها للاحتجاجات الواسعة في 2022 و2023 التي عرفتها جميع أنحاء ايران، عقب انتفاضة “النساء، الحياة، الحرية”.

استهداف على أساس الهوية

شكّلت الأقليات العرقية في إيران الأساس لانتفاضة “النساء، الحياة، الحرية”، والاحتجاجات التي رافقتها، فكانوا يسلطون الضوء أثناء ذلك تقاطعات الاضطهاد التي يعيشونها، والقهر السياسي والعنصري الذي تعيشه مجتمعاتهن/م.

لذلك سجلت تقارير المنظمات الحقوقية من بينها منظمة العفو الدولية وبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، استهدافًا كبيرًا للأقليات العرقية في إيران واستهدافها بالتعذيب والانتهاكات على أساس الهوية. حيث حقّقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها “في انتهاكات ضد 10 محتجزين/ات من مناطق الأقليات الكردية، والبلوشية، والأذرية وقعت بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني 2022. وصف فيه المحتجزون تعرضهن/م للاغتصاب على يد قوات الأمن”.

وأكدت الباحثة الإيرانية في المنظمة ناهيد نقبشندي أن “وحشية قوات الأمن الإيرانية ضد المتظاهرات والمتظاهرين المعتقلين/ات، بما يشمل الاغتصاب والتعذيب، ليست جرائم فظيعة فحسب، بل هي سلاح للظلم يُستخدم ضد المحتجزين لإجبارهن/م على الاعترافات الكاذبة. كما تُمثل هذه الأساليب وسائل ملتوية وخسيسة  لزيادة وصم الأقليات العرقية المهمشة وقمعها”.

اغتصابات جماعية وآثار مدمرة للضحايا

وأظهر التقرير تفاصيل مرعبة من شهادات الضحايا، اللواتي/الذين تعرضوا لأنواع وحشية من التعذيب والاعتداء الجسدي والجنسي، مما جعل العديد منهن/م يحاولن الانتحار، وترك العديدات/ين عرضة للألم والصدمات النفسية.


ومن بين الشهادات المؤلمة التي وثّقتها هيومن رايتس ووتش، قالت امرأة كردية “أن رجلين من قوات الأمن اغتصباها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بينما أمسكت بها امرأة من قوات الأمن وسهّلت اغتصابها”.

وأظهرت الشهادات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف بين سبتمبر/أيلول 2022 و2023، لخمس نساء، وثلاثة رجال، وطفلان. وحصلت على ثلاثة سجلات طبية تدعم شهاداتهن/م، بأن هذه الانتهاكات كانت ممنهجة وتهدف لبسط مزيد من السيطرة على الأقليات العرقية في ايران.

ومن بينها ماقالته طالبة جامعية من سيستان وبلوشستان، أن “قوات “الحرس الثوري الإيراني” اعتقلتها في أكتوبر/تشرين الأول 2022 مع حوالي 20 امرأة أخرى، بعدما تظاهرن وهتفن بشعارات مناهضة للحكومة. ضربت القوات جميع النساء بشدة أثناء اعتقالهن لدرجة أنّ إحداهن فقدت وعيها”.

“عصّبوا أعين النساء وقيّدوهن، ثم وضعوهن في حافلة صغيرة واقتادوهن إلى مكان مجهول. وصفت المرأة المكان الذي نُقلن إليه بأنه غرفة صغيرة ذات سقف منخفض. قسمتهن قوات الأمن إلى مجموعات من ثلاثة نساء، في زنزانات منفصلة”.

واستُخدم التعذيب الجسدي والجنسي لسحب اعترافات كاذبة من المحتجزات، حيث “احتجزت قوات الأمن النساء لأكثر من شهر، تعرّضن خلالها للتعذيب والعنف الجنسي، بما في ذلك الركل على أعضائهن التناسلية لإجبارهن على الإقرار باعترافات كاذبة بمشاركتهن في جماعات سياسية”.

وحسب إحدى النساء اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش “فإن قوات الأمن أعطتها أوراقاً تحمل ترويسة الحرس الثوري لكتابة اعتراف وتوقيعه”.

وعند رفضها الاعتراف بجرم لم ترتكبه “عصبوا عينيها واقتادوها إلى زنزانتها، حيث أخبرتها زميلتاها في الزنزانة أن الشيء نفسه حدث لهما. وقالت أنها رأت أنهما أيضاً أصيبتا بجروح بالغة وأنهما خائفتين.

محاولات الانتحار والألم النفسي

وفي الآثار النفسية المدمرة التي لحقت بالمتحجرات نتيجةً للتعذيب، قالت الشاهدة أنها وزميلاتها “أخبرن بعضهن أنهن إذا خرجن أحياء فسوف ينتحرن”.
وقالت أخرى “أنها تعرّضت للاغتصاب ثلاث مرات خلال 50 يومًا تقريباً من الاحتجاز، معظمها خلال الأيام الأولى من اعتقالها. ولم تتلق أي دواء أو مستلزمات صحية”.

وحاولت “امرأة الانتحار بعد تعرّضها لعنف جنسي على يد قوات الأمن، بينما احتاجت أخرى إلى عملية جراحية لعلاج إصاباتها”.
وقالت قريبة امرأة بلوشية أخرى في العشرينات من عمرها لـ هيومن رايتس ووتش “أن قريبتها اغتُصبت مرتين أثناء احتجازها في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وحاولت أيضا الانتحار بعد إطلاق سراحها”.

وقالت أخرى أيضاً “أن قريبتها اغتُصبت مرتين أثناء الاحتجاز وكانت صحتها الجسدية والنفسية سيئة للغاية بعد إطلاق سراحها، فحاولت الانتحار. ونُقلت إلى المستشفى حيث تلقت العلاج لإنقاذ حياتها”.

“وأخبرت المرأة قريبتها عن وجود حوالي 20 امرأة أخرى تتراوح أعمارهن بين 20 و26 عاما محتجزات معها، وكانت على علم بتعرض اثنتين أخريين للاعتداء الجنسي والاغتصاب”.

الاغتصاب وسيلة انتقام من الرجال أيضًا

وكشف التقرير بأن هذه الانتهاكات الجنسية والتعذيب طالت النساء والرجال بشكلٍ جماعي، حيث كان سلاح الاعتداء الجنسي مستخدمًا وسيلة للانتقام والاذلال ضد الرجال الذين تعرضوا للاغتصاب الجماعي والاعتداء الجنسي بالأدوات الحادة وانتهاك أجسادهم بهدف الانتقام منهم وانتزاع اعترافات كاذبة.

ففي شهادة لرجل كردي عمره 24 عاما من محافظة أذربيجان الغربية قال “أنه تعرض للتعذيب الشديد والاغتصاب بهراوة على يد عناصر جهاز استخبارات في مركز احتجاز سري في سبتمبر/أيلول 2022.

وفي مقاطعة أذربيجان الشرقية “اعتقل عناصر من الحرس الثوري بملابس مدنية متظاهراً عمره 30 عامًا في أكتوبر/تشرين الأول 2022. واقتادوا الرجل ومتظاهرين آخرين اعتقلوهم إلى باحة مسجد قريب وعصبوا أعينهم وبدأوا بضربهم بالهراوات والصاعقات الكهربائية. ثم أرسلوهم إلى حافلة الشرطة وأمروهم بخلع جميع ملابسهم. واحتج بعضهم، ما أثار غضب القوات الأمنية، على حد قوله. أخذ عناصر الأمن الرجل الذي قابلته هيومن رايتس ووتش ورجلا آخر إلى سيارة مكافحة الشغب وخلعوا ملابسهما بالقوة باستخدام الصاعق على ظهريهما وخلف ركبهما. وقام ثلاثة عناصر باغتصابهما”.

وفي أذربيجان الغربية أُعتقل طالب طب يدعى كيوان صمدي 24 سنة، وقال أن “عناصر الاستخبارات عذبوه واعتدوا عليه جنسيا أثناء الاستجواب، بما في ذلك اغتصابه بهراوة، واستخدام الصاعق على أعضائه التناسلية، وحرق شعر جسمه، وضربه بشدة بالهراوات، وصعقه بالكهرباء ما أدى إلى نزيف من أذنه اليسرى. قال إنهم جلدوا ظهره، ما أدى إلى إصابته بجروح والتهابات جلدية في أسفل ظهره”.

اغتصاب الضحايا أمام بعضهن/م لبث الرعي

وكان بعض الضحايا شهوداً على قيام قوات الأمن الإيرانية باغتصاب محتجزين/ات آخرين.

حيث قال المحتجزون/ات في سبع من الحالات، بأن قوات الأمن عذّبتهن/م أشخاص آخرين لإجبارهن/م على الإدلاء باعترافات”.

ووثّقت هيومن رايتس ووتش “قيام قوات الأمن الحكومية بتقييد المتظاهرين، وتعصيب أعينهن/م، وتعذيبهن/م أثناء الاحتجاز أمام آخرين.

وضربت “السلطات واعتدت جنسيًّا على امرأة بلوشية شهدت اغتصاب امرأتين أخريين على الأقل في مركز احتجاز في محافظة سيستان وبلوشستان في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ما أدى إلى إصابتهما بصدمة جسدية ونفسية”.

وأوصت المنظمة في تقريرها بأن على “بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في إيران مواصلة التحقيق في هذه الانتهاكات الجسيمة ضمن تقاريرها الأوسع عن الانتهاكات الحقوقية المتسلسلة على يد الحكومة الإيرانية”.

وقالت الباحثة في المنظمة ناهيد قالت نقشبندي بأنروايات الاغتصاب الوحشي وعواقبها المؤلمة والدائمة يجب أن تؤدي إلى حشد البلدان لتلبية الاحتياجات الصحية الجسدية والنفسية للضحايا الذين تمكّنوا من الفرار من إيران، وحشد الإيرانيين/ات في الداخل والخارج للضغط من أجل المساءلة والعدالة”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد