الكيان الصهيوني والإرهاب النفسي…عن الآثار غير المرئية

يشكل الإرهاب النفسي ركيزة أساسية في الحرب الاستعمارية التي يقودها الاحتلال الصهيوني ضد غزة وجنوب لبنان. حيث يستخدم الغارات والتعذيب والتجويع وغيرها من الانتهاكات أداةً لبسط الخوف وعدم الاستقرار بين الناس.

في لبنان…امرأة أجهضت بسبب الغارات الصهيونية

في ظل تواصل العدوان الصهيوني على جنوب لبنان، فإن آثار الحرب تمتد لتشمل مختلف مناحي الحياة.

في هذا الصدد، خلّف كيان العدو خسائر بشرية ومادية جمّة بعد شنه لغارة على بلدة عبّا الجنوبية، ما نتج عنه إجهاض امرأة حامل جرّاء الصدمة الناتجة عن الغارة.

ونُقلت الضحية إلى المستشفى قبل أن تفقد جنينها نتيجة الإصابة بحالة صدمةٍ شديدة بسبب تواجدها بالقرب من مكان الغارة.

يتعمّد العدو الصهيوني بث الذعر والقلق، ما يخلّف صدمات نفسية شديدة الأثر. كما أن جرائمه الإنجابية بحق نساء غزة وجنوب لبنان تنتقل من القتل المباشر نحو العنف الممنهج بما فيه العنف النفسي.

إن الإجهاض الناتج عن الصدمة والخوف من العدوان هو أحد أشكال جرائم الحرب، التي تختفي من عناوين الأخبار والاحتجاجات. فغالبًا لا يتم التعامل بجدية مع الآثار المدمرة للعنف النفسي للاستعمار.

آثار العدوان…بين اضطراب ما بعد الصدمة والخوف المرضي

يمكن لنا التنظير بسهولة عن آثار الحرب الاستعمارية المدمرة على الصعيد السياسي والاقتصادي. لكن لن يكون التنظير والتحليل مهما بدى دقيقًا، قادرًا على نقل التأثيرات الحقيقية للحرب على المستوى النفسي والاجتماعي.

ففي غزة تبلورت هذه الآثار في شكل مأساة تاريخية، ستشكل في المستقبل أحد أفظع الصدمات العابرة للأجيال. حيث خلفت الحرب الاستعمارية دمارًا نفسيًّا يصعب نقل صورته الحقيقية.

في هذا الصدد، شكّل الرعب والخوف الشديد الناتج عن صوت الغارات والقصف، والتي ظهرت بشكل متساوي بين الكبار والصغار، عامل صدمة كبير نَقل بالصوت والصورة مشاهد قاسية لأطفال/طفلات لا يستطعون إغماض عيونهن/م من شدة الخوف، وآخرون لا يستطعون النوم مخافة فقدان أهلهن/م في الغارة.

كما شكّل الرعب والصدمة الناتجة عن الاعتقال والتعذيب في السجون الوحشية للاحتلال، أحد أكبر الأدلة على سلاح العنف النفسي المدمر، الذي استخدمه الاحتلال ضد الأسرى/الأسيرات.

وتعتبر قصة بدر دحلان واحدة من بين أكثر المشاهد المؤلمة لجرائم الاحتلال النفسية ضد الشعب الفلسطيني. حيث ساهم تعرضه للتعذيب الشديد أثناء اعتقاله في مفاقمة حالته النفسية، فخرج بحالةٍ من الصدمة الشديدة تسببت في فقدانه القدرة على النوم وانتكاسته في حال رؤية الكلاب أو سماع الصراخ.

ولا تعد هذه حالات فردية أو نماذج معزولة في غزة. حيث يعاني معظم سكان غزة، إن لم يكن الجميع، من صدمات نفسية ناتجة عن فقدان الأحبة والأهل. والتأثير المدمر للنزوح وصوت القصف والعنف النفسي الذي يعيشه السكان بفعل استمرار الإرهاب الصهيوني.

دماء نازفة وصدمات عابرة للأجيال

يقوم العنف النفسي الذي يخلفه العدوان الصهيوني على غزة وجنوب لبنان، على قواعد حرب نفسية وسياسية يهدف بها الاحتلال إلى تحقيق انتصارات وهمية من حلال التخويف والكسر والاخضاع.

يستخدم هذا الكيان الوحشي سلاح الإبادة من أجل الضغط على الشعبين، وجعل الخوف محركًا للتحكم بهما أو جعلهما يتوقفان عن مقاومة الاحتلال.

في هذا النهج الإجرامي يوظف الكيان عدة أسلحة، منها السلاح القائم على تقنيات معالجة بالذكاء الاصطناعي. وهي أسلحة يتم تطويرها بهدف جعل صوت الغارات ونطاق قصفها لا يخلف الموت فقط، بل الخوف والصدمة والحزن. وذلك باستهدافها للبيوت والشوارع المكتظة وخيام النزوح.

كما تتضمن أصناف من الحرب النفسية التي تعد عامل ضغط وهي في يد الاحتلال. إذ يتصور أن وجود حالة من الخوف وانتشار الهلع بين صفوف الناس، سيعجل من انتصاره في حرب جعلها الوجه الأعنف والأكثر وحشية لتاريخه الاستعماري.

غالبًا ما يغيب التأثير النفسي للحرب الاستعمارية عن السرديات العامة عن جرائم الاحتلال. ويتم التعامل معاها وكأنها مجرد آثار جانبية، في تجاهل لحقيقة أن الصدمات والخوف والقلق والاضطرابات النفسية الناتجة عن الحرب، تمتد آثارها لأجيال عديدة.

ويصعب التشافي منها في ظل منظومة مبنية على قهر واضطهاد الاستعمار وتبرير جرائمه

تنتقل بهذا الصدمات لأجيال قادمة، وستكون ذاكرة حية شاهدة على أفظع وأشنع الجرائم الاستعمارية.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد