دراسة نوعية في تحقيق المساواة بين الجنسين في العالم العربي…في مؤتمر “أبعاد” الإقليمي

 عقدت منظمة أبعاد مؤتمراً إقليمياً بمشاركة هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة “بروموندو” ، تخلله إطلاق دراسة استقصائية دولية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في خطوة هي الأولى من  نوعها ، لاسيما أنها تستخدم  عدسة واسعة المجال للنظر في حياة الرجال وفهم مواقفهم إزاء المساواة بين الجنسين.

 

والدراسة التي أُجريت على ما يقرب من 10,000 شخص، شارك في إعدادها شركاء بحثيين محليين من مصر والمغرب ولبنان (بما فيهم لاجئون سوريون) وفلسطين، وتضم أيضًا وجهات نظر النساء، تفنِّد العديد من القوالب النمطية المرتبطة ارتباطًا شائعًا بالرجال في هذه البلدان، وتسلط الضوء على السبل المؤدية إلى تحقيق المساواة.

تكشف الدراسة أن رغم هيمنة المواقف التقليدية على قضية المساواة بين الجنسين، فإن ما لا يقل عن 25% من الرجال أو أكثر يتبنون وجهات نظر أكثر انفتاحًا ومساواةً، كما تُبرز مدى الضغوط الهائلة التي يتعرض لها الرجال في حياتهم، ولاسيما القيام بدورهم الذكوري التقليدي في إعالة الأسرة، في أوقات يشوبها عدم الاستقرار الاقتصادي، وتحديدًا في تلك البلدان المتضررة من الصراعات. كما تؤكد الدراسة، التي جرى إعدادها بالتنسيق بين هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة “بروموندو”، النتائج الدولية الخاصة بانتقال عدوى العنف بين الأجيال على قاعدة أن العنف يولِّد العنف في جميع البلدان الأربعة. في المقابل، هناك أيضًا ما يدل على انتقال عدوى الرعاية بين الأجيال، فالآباء الذين يشجعون بناتهم على القيام بمهن غير تقليدية، أو العمل خارج المنزل، أو يسمحون لهن باختيار أزواجهن، يبدوا أنهم يُسهمون في تنشئة نساء يتمتعن بقدر أكبر من التمكين.

وفي هذا السياق يقول “جاري باركر” Gary Barker، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة “بروموندو”، والمؤلف المشارك في إعداد هذه الدراسة: “لا يزال الطريق طويلاً أمام الرجال كي يقبلوا ويؤيدوا بصورة كاملة مساواة المرأة بالرجل في المنطقة العربية، كما هو الحال في أنحاء كثيرة حول العالم. ويضيف قائلاً: “على نطاق البلدان الأربعة مجتمعة، نرى أن من بين أشد العوامل تقويضًا لعدم المساواة بين الجنسين تولِّي الرجال عدد أكبر من الأنشطة المنزلية التي جرت العادة على نسبتها للمرأة.”

يشير البحث بالفعل إلى بعض السبل الرئيسية لتحقيق المساواة، وهي ملحوظة تحديدًا في سياق مشاركة الأب: في جميع البلدان الأربعة، الرجال الذين شارك آباؤهم في العمل المنزلي والرعاية  المنسوبين تقليديًا للمرأة، وكذلك الرجال الذين تعلموا القيام بهذه الأعمال في طفولتهم، هم على أغلب الترجيحات، من ذكروا إسهامهم في علاقتهم الزوجية بهذه الطريقة.

وثمة عامل آخر مرتبط بسلوكيات الرجال التي تنم على درجة أعلى من الإنصاف؛ ألا وهو عمل المرأة خارج المنزل. في بلدين من البلدان الأربعة، كان الرجال الذين تعمل زوجاتهم خارج المنزل هم أغلب من قاموا بعدد أكبر من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر. ففي منطقة لا يعمل سوى ربع عدد نسائها تقريبًا خارج المنزل، هذا يشير إلى الأثر المزدوج المحتمل أن تحققه السياسات الرامية إلى زيادة حجم العمل المدفوع الأجر للنساء.

من جهته يقول محمد الناصري، مدير المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية: “فيما يخص عملنا في هيئة الأمم المتحدة للمرأة، يشكل هذا التقرير أهمية بالغة كونه أداة نستعين بها في تصميم برامجنا، وممارسة الضغط، وبذل جهودنا للعمل مع الدول الأعضاء، والمجتمع المدني، والمجتمعات المحلية. ورغم ما قد يبدو في النتائج من علامات لا تدعو للتفاؤل إذا ما اقتصر نظرنا على الأرقام فحسب، فإنها تؤكد على أن هناك أيضًا قصصًا حقيقية للمدافعين والمدافعات عن المساواة بين الجنسين، ممن يؤمنون بها إيمانًا قويًا. فبالفعل، هذه الدراسة بذرة، وقصصها سوف تنمو لتصبح شجرة أمل وإنسانية.”

 

 

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد