97% من النساء العاملات يواجهن أفكاراً نمطية في اختيار نوع العمل

تشير سلوكيات أرباب العمل في اختيار الموظفات في الأردن إلى التأثر الكبير بالموروثات والممارسات الذكورية التي تحد من عمل النساء خارج المنازل، خصوصاً في ما يخص اختيار الموظفين الرجال وتفضيلهم على النساء، في ممارسةٍ تمييزية تعاني منها النساء تقريباً في كل أنحاء العالم وفي عالمنا العربي بشكلٍ كبير.

هذا ما أكدته دراسة حديثة صدرت عن جمعية معهد “تضامن النساء” الأردني، وأجراها فريق بحث متخصص في محافظة إربد والمفرق والزرقاء وعمان، تحت عنوان “احتياجات السوق المحلي من الوظائف المقبولة اجتماعياً لدى النساء”.

وكشفت الدراسة، وهي جزء من مشروع “سنابل 2” الذي يستهدف الأردنيات واللاجئات السوريات، أن قطاعات العمل الصناعية تفضل تشغيل الرجال على تشغيل النساء، لأن أرباب العمل يعتبرون أن “لدى الرجال طبيعة جسدية قوية، وهم أكثر قدرةً على تحمل ضغط العمل والقيام بالأعمال الثقيلة، ما يحد من عمل النساء في مختلف القطاعات الإنتاجية، وينمط عملها وفق النوع الاجتماعي الذي تخضع له”.

كما أفادت الدراسة أن 97% من النساء اللواتي لا يمنعن عن العمل من قبل أسرهن أو أزواجهن يواجهن محددات وأفكار نمطية في اختيار نوع العمل، مقابل وجود نسبة 3% من النساء اللواتي يمنعن من العمل.

واللافت في الدراسة أنها كشفت عن تفضيل أصحاب العمل توظيف النساء المتزوجات اعتقاداً منهم أن “المتزوجة تلتزم في العمل ولا تبحث عن غيره، وتحاول الحفاظ عليه بسبب حاجة الأسرة إلى دخلها، وغالباً لالتزاماتها المادية، في حين أنهم يعتقدون أن “غير المتزوجة تعتبر بلا أي مسؤولية أو التزام مالي”!

وفي مقابل معادلة المتزوجات وغير المتزوجات، تبرز الدراسة تفضيل ذكوري واختزالي آخر لأصحاب العمل، هو تشغيل اللاجئات السوريات في حال توفر فرص عمل لهن على النساء الأردنيات، خصوصاً في الأعمال المهنية واليدوية لأنهن، حسب اعتقاد أصحاب العمل، “صاحبات اختصاص ويتقن العمل بخلاف النساء الأردنيات اللواتي يتعلمن هذا العمل في مؤسسات التدريب المهني”.

في سياقٍ متصل، بينت نتائج الدراسة تفضيل النساء للعمل من المنزل فوصلت نسبتهن إلى 75% من النساء العاملات، مقابل 25% منهن يعملن من خارج المنزل. وأشارت إلى أن “العاملات من داخل المنزل يعملن في أشغال غير منظمة وغير خاضعة للترخيص، وضمن مشاريع ومهن نمطية تقليدية لا تواكب التغيرات والتكنولوجيا”.

وفي حين أن انتشار كورونا أثر بشكلٍ عام على الاقتصاد وبشكلٍ خاص على عمل النساء، خلفت التدابير الاحترازية والوقائية عقبات انعكست سلباً على الواقع الاقتصادي وتقليص عدد العاملين والعاملات في المنشآت وفي بعض الحالات إغلاقها، والاقتصار على الحد الأدنى من الموظفين والموظفات. بالإضافة إلى التوقف عن خدمات الضمان الاجتماعي لعدم وجود مردود مادي لتغطية الرواتب ودفع الضرائب، وأداء الاقتطاعات.

أما عن التحديات التي تواجه النساء عند التوجه إلى سوق العمل، فكشفت الدراسة عن “ضعف مهارات النساء الأردنيات في الأعمال المهنية والحرفية وافتقارهنّ إلى أساليب الترويج لمنتجاتهن. ومن جانبٍ آخر يعانين من غلاء الأسعار وارتفاع كلفة توصيل المنتجات إلى الزبائن”.

وفي محاذاة الظروف الاقتصادية غير الداعمة، تضطر بعض النساء إلى دفع مبالغ مالية لقاء تدريبات متخصصة ومتقدمة في المهن، وهذه إحدى العقبات التي تقف أمام دخولهن إلى سوق العمل. كما أن بعض التدريبات التي تتلقاها النساء تكون أولية وغير متخصصة ومكررة. وحين يرغبن بفتح مشاريع صغيرة أو متوسطة، ينتهي معظمها بعد مدةٍ زمنيةٍ بسيطة من البدء بها، بسبب عدم إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لمشاريعهن وافتقارهن إلى المهارات الأساسية في إدارة واستدامة تلك المشاريع، والكثير منهن لا يعطين للعمل المهني أهميةً كبيرةً ويعتبرنه من الأعمال المؤقتة لحين إيجاد عمل في وظائف مكتبية وإدارية.

كما تعاني بعض العاملات من بُعد أماكن العمل في بعض المحافظات، لاضطرارهن الذهاب إلى محافظة ثانية، بما في ذلك حاجتهن إلى الخروج في ساعات الصباح المبكر والرجوع في ساعات متأخرة، ما يُؤثر عليهن اجتماعياً في بيئتهن المحافظة، عدا عن الضعف في شبكة الموصلات والتنقل عند الحاجة للخروج من المنزل. ومن جانب المعرفة والوعي القانوني، أظهرت النتائج أن السوريات والأردنيات لديهن نقص في المعرفة والوعي القانوني في القوانين والتشريعات العمالية وما يتصل بها.

أما أبرز التوصيات التي خرجت بها الدراسة فكانت على  أكثر من مستوى، إذ توجهت إلى كل من الحكومات وصناع القرار وإلى مؤسسات المجتمع المحلي والمدني ووسائل الإعلام ومؤسسات التدريب وأرباب العمل ومؤسسات التمويل.

وركزت هذه التوصيات على  ضرورة تكثيف جهود مؤسسات المجتمع المدني من أجل دعوة الحكومة الأردنية للمصادقة على اتفاقية القضاء على العنف والتحرش الجنسي في أماكن العمل. كما شددت على ضرورة إطلاق حملاتٍ إعلامية تبرز قصص نجاح لنساء حققن موائمة بين أعمالهن في الفضاءات الخاصة والفضاءات العامة. وفي سبيل  الحد من التحرش الجنسي في أماكن العمل، أوصت الدراسة وزارة العمل بعقد ورشٍ توعوية حول التحرش الجنسي، وإصدار مواد دعائية تكون بلغة بسيطة وواضحة، لزيادة الوعي حول هذا الموضوع عند أرباب العمل.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد