فتيات التيك توك الشغل الشاغل لقضاء “القيم” الأبوية.. السجن 3 سنوات بحق المصرية حنين حسام

العقوبة نفسها واجهها شادي خلف المتهم بقضايا تحرش واغتصاب!

بعد مرور سنتين على توقيف المصرية حنين حسام، المعروفة إعلامياً بـ”فتاة التيك توك”، قضت محكمة جنايات القاهرة بسجنها 3 سنوات ودفع غرامة مالية، بتهمة “الاتجار بالبشر”.

إذ لا تقتصر الممارسات الأبوية القمعية على المنظومة الأسرية فحسب. فالقوانين والأنظمة القضائية والأمنية في الدول العربية تبثت يوماً تلو الآخر أنها مجرد أدوات مطيعة لملاحقة النساء والفتيات وترويضهن على الذل المعرّف بـ”الطاعة”.

مكللة بمباركة العرف الذكوري السائد، لا تتوانى السلطات الأبوية في هذه الدول عن قمع النساء والتحكم بأجسادهن تحت مسميات عدة.

مرة تحت شعار “الشرف” وأخرى باسم “الآداب” وغيرها بذريعة الدين وقيم الأسرة، وغيرها من الأدوات التسلطية المقنّعة والمغلفة بخطابات الأخلاق.

من هي حنين حسام؟

ألقت السلطات المصرية على حنين حسام (21 عاماً) في نيسان/ أبريل 2020. إذ أمر النائب العام بحبسها 4 أيام على ذمة التحقيق.

أتى القبض على حنين، وهي طالبة في كلية الآثار في جامعة القاهرة وإحدى مشاهير تطبيق “تيك توك”، بعد بيان  رئيس جامعة القاهرة د. محمد عثمان الخشت، اتهمها فيه بأن “سلوكياتها تتنافى مع الآداب العامة والقيم والتقاليد الجامعية”.

اتهاماتٌ لا توفّر الأنظمة الأبوية جهداً حتى تكيلها ضد كل من يتعارض مع عنصريتها وأفكارها المتعصبة.

أحيلت حنين للتحقيق، على خلفية بيانٍ عنصري فضوليٍّ، يحشر أنفه في حياة الفتيات وخياراتهن، ويكيد ضدهن الحقد واللؤم الذكوري.

إذ خلّف بيان الجامعة تفاعلاً جعل من حنين حسام مادةً للانتقاد والاستشراف والتنظير، على خلفية مقطعٍ نشرته على “تيك توك”، أعلنت خلاله عن تأسيس وكالة رقمية على أحد تطبيقات البث الحي، وعرضت فرص عمل من خلال البث الحي من المنزل على الشابات “مقبولات المظهر وفوق الـ18 عاماً”.

تعرضت حنين لموجة تنمّرٍ وسخرية، بالإضافة إلى انتقاداتٍ واتهاماتٍ لاذعة. وصلت إلى حد التبليغ ضدها ثأراً “للأخلاق والقيم” فتحركت النيابة العامة في أقل من 24 ساعة لإلقاء القبض عليها بذريعة “تهديدها للآداب العامة”، وتهمة “التحريض على الفسق والفجور”.

حنين حسام

“الاتجار بالبشر” و”الاعتداء على قيم ومبادئ الأسرة المصرية”!

كانت محكمة جنايات القاهرة قضت في حزيران/يونيو 2021 بالسجن المشدد غيابياً لمدة 10 سنوات على حنين. وحكم حضوري ضد شابة أخرى تدعى مودة الأدهم بالسجن 6 سنوات، و3 شبان آخرين بتهمة “مساعدة حنين ومودة”، على خلفية اتهامهما بـ”الاتجار بالبشر”.

وعقب صدور الحكم، تم إلقاء القبض على حنين التي أنكرت التهم الموجهة إليها.

وأثارت القضية اهتماماً إعلامياً واسعاً بالنظر إلى ملابسات القضية، خصوصاً بعد توجيه النيابة العامة إليهن/م تهم “الاعتداء على قيم ومبادئ الأسرة المصرية والمجتمع”، و”الاشتراك مع آخرين في استدراج الفتيات واستغلالهن عبر البث المباشر، وارتكاب جريمة الاتجار بالبشر”.

وكان قاضي المعارضات بمحكمة العباسية، قرر بتاريخ 27 كانون الثاني/ يناير الماضي تأييد إخلاء سبيل حنين بكفالة قدرها 5 آلاف جنيه في اتهامها بالقضية، بعد رفض استئناف النيابة.

وخلال إعادة محاكمتها في محكمة جنايات القاهرة، في 18 نيسان/أبريل الجاري، قضت المحكمة بتخفيض العقوبة إلى السجن المشدد 3 سنوات، وغرامة قدرها 200 ألف جنيه، أي ما يعادل حوال 11 ألف دولار أميركي.

وفي رسالةٍ أبويةٍ صرفة، توجّه بها القاضي في محاكمة حنين حسام، المستشار محمد أحمد الجندي، خلال المحاكمة، قال لها إن المحكمة “أخذت بقسطٍ من الرحمة حداثة سنّك، هو درس لك، وردع لمن يرغب بأن يقتاد بك لمثل هذا العمل المشين، ورسالة لكل أب وأم ليراعي أبناءه، كلكم راع ولكلكم مسؤول عن رعيته”.

 

إشارة إلى أن قانون مكافحة جرائم الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات في مصر يستهدف بشكلٍ رئيسي محاربة التطرف والتنظيمات الإرهابية، التي تستخدم الإنترنت للترويج لأفكارها بين الشباب لاستقطابهن/م.

وصادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عليه في 18 آب/ أغسطس 2018، وهو يعطي السلطات صلاحيات واسعة النطاق لمعاقبة “أي شخص ينتهك قيم ومبادئ الأسرة في المجتمع المصري”، وفقاً لما ذكره مركز التحرير لسياسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن، في مقابلةٍ نشرتها DW.

لذلك، تمت إدانة الشابتين في بادئ الأمر بتهمة “انتهاك قيم المجتمع والأسرة والآداب العامة”، بموجب المواد 22 و25 و27 من قانون جرائم الإنترنت.

جدلٌ واسع.. ونشوة “انتقام” السلطة الأبوية

أثار الحكم الصادر في قضية حنين جدلاً واسعاً وردود أفعال متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين مطبّلٍ/ة للسلطة الأبوية وعازفٍ/ة على وتر الذكورية القمعية من جهة، ومناهضٍ/ة لأدواتها الاستبدادية من جهةٍ أخرى.

وعبّر العديد من المستخدمات والمستخدمين عن غضبهن/م الشديد إزاء استخدام قانون مكافحة جرائم الإنترنت خارج نطاق مكافحة التطرف والإرهاب إلى مطاردة الحريات الشخصية تحت مسميات متعددة.

وأعرب/وا عن استغرابهن/م من ازدواجية المعايير التي تنتهجها السلطات القضائية في مصر، في قضايا قيم الأسرة.

في هذا السياق، اعتبرت الصحافية والمدافعة عن حقوق الإنسان رشا عزب أن “المحكمة تتهاون في قضايا أكثر خطورة على المجتمع مثل التحرش والاغتصاب، مثل ما حصل في قضية شادي خلف.

من جهته، كشف محامي حنين عن ما اعتبره “تقبّلها للحكم”، خصوصاً أنها أمضت 21 شهراً منها، و”ستكون خلال شهر أو شهرين خارج السجن” على حدّ تعبيره.

 

 

في السياق نفسه، لم يوفّر “الداعية الإسلامي” المعروف بمواقفه المتطرفة عبد الله رشدي هذه الفرصة ليعبّر عن حقده وانتقامه الذكوري من تحرر النساء من قيود الأبوية، وشماتته بالحكم الصادر بحق حنين.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد