الاغتراب الوالدي: متلازمة الكيد… احذروا الانتقام بأطفالكن/م
هل سبق أن سمعتِ/تَ عن متلازمة الاغتراب الوالدي؟
إليكن/م نبذة عن هذه البرمجة الوالدية التي يتبنّاها الوالد/ة المغرِّب/ة عبر التحكّم بالأطفال/الطفلات للتأثير على علاقتهم/ن بالوالد/ة.
ويتم ذلك تحديداً في سياق النزاع على حضانة الأطفال/الطفلات. وهو ما تختبره أمهات كثيرات في المجتمعات العربية، التي لا تدّخر جهداً لتطويع من يخرجن عن بيت طاعة النظام الذكوري بشتى الوسائل حتى لو كانت بناتهن/م وأبنائهن/م أنفسهم/ن!
انتقام ممنهج .. الأطفال/الطفلات هن/م الوسيلة والضحية معاً
أنا أحب ماما وأحب بابا”. هذا بالضبط ما تريده براعم أكبادنا لتتفادى الذبول، في مشهدٍ تمثيليٍ يختصر الأعراض السلوكية للمتلازمة، تقفُ الطفلة أمام القاضي والذكاء يقدح من نظراتها.
ثقةٌ يافعة، تُخبر رواياتٍ عن نقاوة أرواحنا وبياضها، قبل أن تكشّر رياح الزمن عن أنيابها، فتعيث فيها الفوضى السوداء.
“ألستَ القاضي؟ أريدك أن تحكم بأن يعودا لبعضهما”! تقولها بأمل.
وتوعز إلى الحاضرين/ات والغائبين/ات بإشارة عتبٍ تختصر معاناة الكثير من الأطفال والطفلات، ممّن لا ناقة لهن/م ولا جمل في حلبة صراع الوالدين، التي يفرضها الوالد/ة المتحكّم/ة.
يريد أطفالنا وطفلاتنا الحب، ولا شيء إلا الحب. السلام، والطمأنينة، والهدوء، والسكينة، وكثيرٌ من الدفء في موجات الصقيع العابرة.
صقيعُ الانفصال، وإن عبر فوق عجز الوالدين يوماً، فإنّه يُحفَر في أفئدة الأطفال والطفلات عمراً، تماماً كبركان الوصل المتفجّر ساعة نفور. كالتهاب العلاقات وقَيحُ التجاذبات. كتواصل الأضداد مرغمَين/ات، وتنافر المتّصلين/ات طوعاً، كُرمى لعينيّ الجهل.
“قال لي أبي أن أخبرك أن أمي تعاملني بطريقةٍ سيئة وتضربني، وتتركني جائعة بلا طعام. وحين أُغضبها تحبسني في غرفةٍ مظلمة، وتقفل عليّ الباب لأيام. ولكنها لم تفعل هذا أبداً لأنها تحبني”، أخبرت الطفلة القاضي، ردّاً على سؤاله عن معاملة والديها لها، بهدف جعلها تختار العيش مع أحدهما.
مشهد قديم يعكس واقعاً متجدداً مجبولاً بالجهل والتخلف والسلطوية، ويشي بخطورة الشحن العاطفي السلبي على النمو النفسي والعقلي للأطفال والطفلات.
في متلازمة “الاغتراب الوالدي”، الأبناء/البنات هم/ن الوسيلة والضحية، يتم حقنهنّ/م بسموم الانتقام. هكذا حرفياً!
تسمَّمُ أرواحهم/ن وعقولهم/ن ويستفيد أحد الوالدين أو كلاهما من موقفٍ ما، في سبيل إلحاق الأذى بالطرف الآخر.
وغالباً ما تعاني الأمهات في المجتمعات الذكورية من محاولات الآباء لسحب البساط من تحت أرجلهنّ، لفرض تبعية الأطفال/الطفلات لهم بأي وسيلةٍ ممكنة.
ما هي متلازمة الاغتراب الوالدي؟
“الاغتراب الوالدي” هو مصطلح أطلقه طبيب الأطفال/ات النفسي والعالم البريطاني ريتشارد أ. غاردنير لوصف مفهوم محاولة أحد الوالدين لفصل طفله/طفلته وتغريبه/ا عن الوالد الآخر، بشكلٍ مقصود أو غير واعٍ كعقابٍ أو كجزء من الطلاق.
وعرّف غاردنير المتلازمة عام 1985، بأنها “اضطراب ينشأ بشكلٍ أساسي في سياق نزاعات حضانة الأطفال/الطفلات. والتعبير الأولي له هو حمل الطفل/ة على تشويه سمعة الوالد/ة من دون أي مبرر”.
وينتج هذا الاضطراب، بحسب غاردنير عن الجمع بين ما يلقّنه الوالد/ة الذي يقوم/تقوم بالتغريب ومساهمات الطفل/ة الخاصة للافتراء على الوالد الآخر المبعَد”.
إذ كشفت التجارب التي انطلقت منها دراسته أن “الوالد/ة المحرّض/ة يلقّن الطفل/ة اتهامات باطلة ضد الطرف الآخر، تتعلق بالإساءة له/ا لمنع التواصل المستقبلي معه/ا”.
ولفت إلى أن المشكلة تكمن في أن “المتلازمة تستحوذ على الطفل/ة ويرافقها نقدٌ واستنكارٌ للطرف المستهدف”.
تختصر إذن متلازمة الاغتراب الوالدي -أو متلازمة نفور الوالدين- السلوكيات السامة التي يعمد أحد الوالدين إلى اتباعها لكسب ولاء الطفل/ة والإضرار عمداً بعلاقته/ا مع الوالد/ة.
ويلجأ الوالد/ة المغرِّب/ة إليها للانتقام وإلحاق الأذى بالطرف الآخر، متجاهلاً/ة أن الطفل/ة هو المتضرر الأكبر من هذا السلوك التلاعبيّ التحريضي.
هي آلية تدور حول الانتقام عبر استخدام الأطفال/ات واستغلال عجزهم/ن، ما يحرمهم/ن من الاستقرار النفسي والعاطفي. ويؤدي بهم/ن أيضاً إلى التشتت والضياع وكل ما تشتمل عليه العواقب النفسية الوخيمة للمتلازمة، جرّاء هذا السلوك.
“التحريض”، “التلاعب”، “التزييف”، و”الإغراء” .. الشحن العاطفي لكسب الولاء
على الرغم من أن هذه الظاهرة شائعة، خصوصاً في مجتمعاتنا العربية التي تحرص على تعزيز ولاء الطفل/ة لعائلة والده/ا، إلا أن التسمية العلمية لهذه الظاهرة ليست منتشرة بسبب قلة الدراسات المرتبطة بها، لكنها ظاهرة مدروسة في علم النفس.
لم أكن أعلم منذ البداية، أن ما تتعرّض له ابنتي من “اعتداءٍ نفسيّ” متكرّر من قبل والدها وحاشيته، الذين يدفعونها إلى تصوير لقطات للإساءة إلى أمومتي، إلى جانب سلوكيات تتنوع ما بين التحريض والتزييف والإغراء، بهدف ابتزازي للكفّ عن المطالبة بحضانتها، هو تلاعبٌ مدروسٌ وممنهج.
يعتبر الخبراء/ات أن مثل هذه السلوكيات “اعتداء نفسي” بحقّ الأطفال والطفلات. إذ رصد علم النفس أثراً بالغاً لها على عقولهم/ن، لتغيير تصوراتهم/ن عن والدهن/م أو والدتهن/م.
فمن خلال هذا التلاعب التحريضي، يحاول الوالد/ة المغرِّب/ة تنفير الطفل/ة من الوالد/ة المستهدف/ة. وأن يجعله/ا يصدق/تصدق أشياء رهيبة وغير صحيحة للتأثير على تواصله/ا معه/ا.
كأن يقوم بإقناع الطفل/ة -مباشرة أو عبر التلميح- بأن الوالد/ة لا تريد/يريد رؤيته/ا، أو إخباره/ا بأكاذيب وإهانات عن الطرف الآخر بطريقةٍ ما، في محاولةٍ لجعل الابن/ة يفقد/تفقد احترامه/ا للطرف الهدف.
وهذه ليست سوى بعض الأمثلة على هذا النوع من التلاعب. فقد يصل الأمر إلى حدّ السخرية إذا أظهر الطفل/ة مشاعره/ا تجاه الوالد/ة أو قد يمنع الوالد/ة بشكلٍ مباشر من التواصل أو قضاء بعض الوقت مع الطفل/ة.
من ناحيةٍ ثانية، في حال وجود الطفل/ة عند الوالد/ة قد يتواصل الوالد/ة المغرِّب/ة بشكلٍ مفرط، أو يختلق ادعاءات كاذبة عن سوء المعاملة تؤدّي إلى مشاعر سلبية شديدة تجاه الوالد/ة المستهدف/ة.
في المقابل، يقوم/تقوم بإغداق الطفل/ة بالحاجات التي يحبها لتصدير صورة الوالد/ة المدلِّل/ة، والهدف من ذلك الحدّ من قضاء الطفل/ة وقتاً مع الوالد/ة المستهدف/ة إلى أجلٍ غير مسمى.
كما رصد الخبراء والخبيرات تكرار لجوء الوالد/ة المغرِّب/ة إلى إعادة أحداث الماضي أمام الأطفال/ات ليؤثّر/تؤثر على تفكيره/ا وتحليله/ا للأمور، وإخباره/ا عن بعض جوانب الطلاق بطريقة تسقط عنه/ا اللوم وتجعله/ا يوجه/توجّه لومه/ا وأسفه/ا نحو الطرف الآخر على ما يعيشه/تعيشه.
ويؤكّد خبراء/خبيرات علم النفس أن كثيرين/ات يستخدمن/ون البيئة الأسرية لتعزيز فكرة الازدراء تجاه الوالد/ة الهدف (الضحية)، من خلال قيام الأجداد/الجدات أو الأعمام/العمات أو الأصدقاء/الصديقات بالتواطؤ سلوكيّاً مع الوالد/ة المغرِّب/ة، ومشاركته/ا بهذا النوع من الاحتيال والتلاعب وسوء المعاملة الواقعة أولاً بحق الطفل/ة.
دور الصور النمطية في عملية الاغتراب الوالدي.. المجتمعات الأبوية أرضاً خصبة
تلعب الصور النمطيّة دوراً في تغذية عمليّة الاغتراب. ويعتبر هذا الأمر سهل التحقّق في المجتمعات التي تتبنى العادات والتقاليد بشكلٍ أساسيٍ كمعيارٍ لتقييم سلوكيات الفرد، كالمجتمعات العربية.
فالصورة النمطية المتعلقة بتوزيع الأدوار عرفيّاً بين الجنسين، عبّدت الطريق أمام الآباء في هذه المجتمعات للتلاعب بعلاقة الأطفال والطفلات بأمهاتهم/ن عبر الأحكام المسبقة المعلّبة.
“لو كانت والدتكن/م تريدكن/م، لما فضلت الطلاق”، “أنا أريد إعادتها، ولكنها تفضل الانفصال والابتعاد عنكم/ن”، “اختارت عملها ودراستها على بيتها وأطفالها/طفلاتها”،” تخلّت عنكم/ن كما تخلت عن حجابها”… وغيرها من الأحكام البالية الساذجة التي لا يحتاج الذكوريون في مجتمعاتنا لجهدٍ لاختلاقها في سبيل إسقاط حق الأمهات باحتضان أطفالهن/طفلاتهن أو التواصل معهم/ن.
ويستفيد الآباء من حصاناتهم المستمدة من العرف والدين والقانون للتمادي في أساليبهم التغريبية.
وبالتالي، فإن الصورة النمطية للوالد “رب الأسرة” أو الوالدة “التابعة” قد تؤثّر بشكلٍ مباشر على نجاح التلاعب التحريضي.
وقد تكون هذه النمطية مقنعة ليس فقط بالنسبة إلى الأطفال/الطفلات، إنما بالنسبة إلى المجتمع والمؤسسات التي قد تحكم على الوالد/ة المستهدَف/ة بناءً على الصورة النمطية للجنس أو للأمومة والأبوّة.
فيتم الطعن بأمومتهن فقط لأنهن يعملن خارج المنزل، ويُتّهمن بتفضيل العمل على أطفالهم/ طفلاتهن. في حين يتم تمجيد الأبوّة بسبب عمل الأب خارج المنزل، وتعظيم دوره واعتباره دليلاً على العطاء والتفاني والتضحية لأجل أطفاله وطفلاته!
هذا مجرد مثال على التسهيلات الذكورية الكثيرة، التي يلجأ إليها الآباء الذين يمارسون التحريض ومساعدوهم في عملية عزل الأطفال/ الطفلات عن أمهاتهم/ن. تساهم في ذلك أيضاً مجموعة من الأحكام العرفية والدينية والقانونية.
تزداد حدّة التلاعب بحال ارتباط الوالد/ة المستهدف/ة: “قالوا لأبنائي/بناتي إنني تخليتُ عنهن/م”
ربطاً بالصور النمطية لـ”تضحية الأمهات” التي تفترض المجتمعات الأبوية أنها يجب أن تصل إلى حد التخلي عن حياتها كي تستحق الأمومة، كثيراً ما تتصاعد حدّة السلوكيات التغريبية في حال قيامهن بالارتباط مجدّداً بعد طلاقهن. إشارةٌ إلى أن نسبية الأمر تختلف ما بين مجتمعات أبوية وأخرى تؤمن بالمساواة بين الجنسين.
ويلاحظ في المجتمعات العربية، أنه لدى زواج أحد الوالدين ينشأ لدى الوالد/ة المغرِّب/ة شعور انتقاميّ يحاول من خلاله “محو” الوالدة كليّاً.
إذ يرتفع منسوب الكيدية في مثل هذه الحالات عند زواج الأم من رجلٍ آخر، يصفه المجتمع العربي بأنه “غريبٌ على الأطفال والطفلات”. ويبتدع بشأنه فصول الخوف والقلق تجاههم/ن. في حين يتقبل في الوقت نفسه زوجة الأب على أنها “أم ثانية”.
ممارساتٌ كيديّة أكدتها السيدة “س.س”، وهي أمّ لطفل وطفلة يقطع والدهما أواصر تواصلهما معها.
وقالت لـ”شريكة ولكن”: “يقنع أولادي بأنني تخليتُ عنهن/م. لطالما حاول تحريضهن/م ضدي، وزاد حقده بعد أن تزوجت”.
وأضافت: “كان يعنفني جسديّاً ومعنويّاً، وقد ينسحب التعنيف إلى أطفالي، وهذا ما أخشاه. فالتعنيف بهدف التأديب عادة لديه”.
وفي سياق الأساليب التلاعبية، لا يتوانى الوالد عن منعها من التواصل معهن/م، ما يعزّز الأثر الرجعي للتغريب الممارس بحقّ طفلها وطفلتها.
كما أشارت إلى أن زوجها وعائلته “يتصرفن/ون في قضية أطفالها بأسلوب عصابة، فهم يحاولن/ون فصل أولادي عني وقطع علاقتي بهن/م بشكلٍ كاملٍ بحجة أنني أسست عائلة جديدة وأنهن/م لا ينتمين/ون إلى نفس العائلة”.
وعلى الرغم من شيوع هذه المتلازمة بين الأبوين المنفصلين، إلا أن الاغتراب الوالدي يمكن أن يحدث أيضاً بين المتزوّجين، إذ يحاول أحد الوالدين جذب طفله/ا إليه/ا وكسب ولائه/ا.
العواقب النفسية .. الطفل هو المتضرر الأكبر من هذه السلوكيات السامة
يؤدي مثل هذا السلوك الأناني إلى نتائج غير عادية ومؤذية جدّاً لنفسية الأطفال والطفلات وسلوكهم/ن، مثل توليد الكراهية المرَضيّة والاستياء تجاه الوالد/ة.
قد يجهل كثيرٌ من الآباء مدى تأثير هذا الضرر الذي يلحقونه بأبنائهن/م من خلال “التحريض” أو “الشحن العاطفي السلبي” الذي يغذونه في نفسيتهم/ن. وهو يؤدي إلى خلق شعور بالعجز لدى الطفل/ة الضحية.
وعلى الرغم من جهوزيّة بعض الأطفال/الطفلات لإبراز مقاومة ضد هذا السلوك التغريبي، وقد ينتقد دوافع الوالدين/أو الوالد/ة الذي يمارس/تمارس التغريب، إلا أنه في حالات أخرى ينجح الوالد/ة المسيطر/ة في توليد مشاعر سلبية ضدّ الوالد/ة الآخر/الأخرى.
وفي هذا السياق، أشارت الأبحاث التي تم نشرها حول هذه المتلازمة إلى أن الأطفال/ات والآباء الذين تم عزلهن/م يعانين/ون من نتائج سلبية كثيرة قد تصل إلى حد خلق الاضطرابات النفسية عند الجانبين، مثل الخجل الشديد والخوف المبالغ فيه من الهجر والقلق والاكتئاب، حتى يصل الأمر عند البعض إلى إدمان المواد المخدرة أو محاولة الانتحار.
بالإضافة إلى تأثير السلوكيات السامة على الوالد/ة المستهدَف/ة، وهي غالباً الأم في المجتمعات العربية، مثل تراجع إنتاجية العمل وغيرها من العواقب السلبية.
من جهةٍ ثانية، قد يعاني الأطفال/الطفلات الذين/اللواتي أظهرن/وا رفضاً أو مقاومةً لعملية التغريب من بعض المشاكل.
فيجدن/ون أنفسهن/م في موقفٍ صعب خصوصاً إذا كانوا/كنّ يعتمدن/ون على الوالد/ة في أمورهن/م المعيشية.
وهذا ما يفسّر عيش عدد كبير من الأطفال والطفلات حياةً مزدوجة للتعامل مع هذا الوضع. أي أنهن/م قد يلجأن/ون إلى تبنّي تصرّفات مختلفة تماماً، وأحياناً متناقضة، بحسب الوالد الذي يعيشن/ون معه/ا. ما يولّد ازدواجية وتشتت وعدم استقرار في مبادئهن/م ومفاهيمهن/م وقناعاتهن/م وسلوكياتهن/م.
من يحمي الأطفال والطفلات من الكيدية الأبوية؟
تختصر المتلازمة كيف تعكّر الكيدية صفوة الطفولة وبراءتها، بعدما حُقِنت بالاضطرابات النفسية عن قصدٍ وإهمالٍ وأنانيةٍ معاً.
في تجربتي الشخصية، وأنا أمّ محرومة من طفلتها بفعل الكيدية الأبوية، تيقنت أنني أمام خيارين أحلاهما أمرّ من العلقم.
فالوالد الذي يمارس التغريب القصري بحق ابنتي وبحقي، ويعتدي على طفولتها من دون أدنى مسؤولية، لا يتوانى عن تزييف الوقائع لغايةٍ في نفس كيديته. إما الضعف والسكوت عن حق احتضانها، وإعطائه الدليل الكاذب بأنني تخليت عنها. أو فتح معركةٍ علنية أترك من خلالها أثراً قد ينعكس على الأطفال والطفلات ونضال الأمهات بوجه الاغتراب الوالدي الممارس كيدياً عليهن.
وأنا لست سوى واحدة من كثيرات، منهنّ من تابعن، ومنهنّ من عجزن، ومنهنّ من تعبن وسلّمن أمرهنّ للقدر. والأمل كان دائماً بأن يكبر أطفالهن وطفلاتهن، ويتتبعوا/يتتبعن أثرهن.. ولكن بعد ماذا؟ بعد أن يخسروا/ يخسرن طفولتهم/ن داخل دوّامة الكيدية!؟
قد يُدرك الأطفال/ الطفلات أنه ما من حاجةٍ إلى لمّ الأوصال المتنافرة، لو أن حرارة الصقيع خفتت.
قد يكتفين/ون بالسلام لو أن ثقافة الوعي والتفاهم كانت بديلًا للانتقام. قد يركنّ/ون إلى السّكينة، لو أن يداً مسحت على حزنهم/ن بحنوٍّ ورأفةٍ لا بتسلطٍ واستملاكٍ.
قد يركنّ/ون إلى قلّة حيلتهم/ن، لو أن روحاً غطّت عري أرواحهم/ن بعطاءٍ ومسؤولية. لو أن الأنا الكيديّة تترجل عن صهوة المجتمعات الأبوية، وتُفسح المجال لفراسة الإنسانية، فترحم الطفولة وتنصف الأمومة.
فمن يحمي الأطفال والطفلات ويقي عجزهم/ن من كيد الأبوية حين تنتقم من الأمهات عبرهم/ن؟
كتابة: مريم ياغي