الأعضاء التناسلية .. اسمه فرج، اسمه قضيب

“عشعوش، السُرم، العص، العصبة، النم، مسدس، حمامة، بلبل، وإير”.

هي تسميات عامّية مختلفة للإشارة إلى الأعضاء التناسلية للجنسيين، الأنثوي والذكري، المُستخدمة في بعض الدول الناطقة بالعربية، منها لبنان وتونس والأردن.

لكن قاموس الأسماء العامّية للأعضاء التناسلية، ناهيكَ/كِ عن نظيراتها بالفصحى، يتسع لعشرات التعابير والكلمات.

وهي تتّسم أحياناً بالغموض والتعتيم، مثل: “بتاعي/ك” و”اللي تحت”، وفي أحيانٍ أخرى يتم تغليفها بإيحاءات العيب والعار مثل: “عيبِك/ عيبَك”.

ومرّات بالبذاءة “المنفّرة” مثل: “كس وزبّ”، حتى استحال “شتائماً” بمرور الوقت.

هناك أيضاً تسميات نابعة من ثقافة تمجيد الذكور، تعكس التباهي بالعضو الذكري وإظهار قوته، كإطلاق أسماء أسلحة عليه.

وهو أمر ينتشر غالباً في المجتمعات ذات الطبيعة القبلية، مثل الأردن والعراق. ومن هذه التسميات: “مسدس، وكلاشنكوف، ورشاش”.

في المقابل، تُطلق على العضو الأنثوي تسميات توحي بالضعف والضآلة.

من بينها “ننوس، وفنوش، والكوكو”، تماهياً مع ثقافة أن المرأة مجرد “وعاء”، وأن الرجل في العلاقة الجنسية “فاعل”، والمرأة “مفعول بها”.

وفي أفضل الأحوال، تُستخدم للدلالة على الأعضاء التناسلية مفردات “تدليل” تتسم بالغموض أيضاً، كأن يُطلق على العضو الأنثوي مثلاً اسم “سوسو” و”بوبو”.

بينما إذا كان اسم الطفل أحمد، يُشار إلى عضوه الذكري باسم “حماده الصغير”.

الأعضاء التناسلية للجنسين .. فلنسمِّ الأمور بمسمياتها!

كل هذه الأسماء والمصطلحات، لا تسمي الأمور بمسمياتها، فنقول للعضو الأنثوي “فرج”، والعضو الذكري “قضيب”!

أجيال وأجيال من الأطفال والطفلات، واليافعين واليافعات في المنطقة الناطقة بالعربية، تربّين/وا على الخوف من الأعضاء الجنسية والتناسلية.

كما نشأوا/نشأن على الخجل و/أو النفور من الحديث عنها.

حتى أصبح “جسدنا”، الذي يفترض أن يكون تحت كامل سيطرتنا، “أكبر لغز”، وأحياناً مصدر “إزعاجٍ وحيرة” بالنسبة إلينا.

ففي الطفولة، أُخبرنا بأن الحديث عن الجزء “اللي تحت” أو ملامسته “عيباً”، و”خطراً” علينا مستقبلاً، خصوصاً بالنسبة إلى الفتيات.

ويعود ذلك إلى أسطورة “غشاء البكارة” المزعوم، والاسم الصحيح له “إكليل المهبل”.

ليس مستغرباً إذن، أن تُربي هذه الأجيال أطفالها/طفلاتها على ما تربت عليه.

وحتّى إذا أصبحت أكثر وعياً وانفتاحاً، ستقف عاجزةً أمام أسئلة الأطفال والطفلات عن هذه الأجزاء الحميمة، وعن الجنس، وعن خبايا الجسد.

لن تعرف الإجابة. ولا كيف تثقّفهن/م في ما لم تعرفه إلا متأخراً جداً.

هذا الحصار الذي يُفرض على أجسادنا بالتخويف من مجرد ملامستها والسؤال عنها، عبّرت عنه الرائدة النسويّة نوال السعداوي.

فكتبت: “منذ الطفولة المبكّرة، أدركت أن هناك ما يستحيل البوح به لنفسي، أو لأقرب الناس إليّ. أولها: علاقتي بالله. ثانيها: علاقتي بجسدي”.

كذلك حين قالت: “كان مستحيلاً أن أعرف سبب الحيض حتّى دخلت إلى كلية الطب، ودرست علم وظائف الأعضاء، ومنها عضو الرحم في جسد الأنثى”.

تصحيح المفاهيم والمصطلحات

ساهمت الدورة التدريبية الإقليمية عن الحقوق والصحة الجنسية والإنجابية، التي نظّمتها جمعية فيمايل، نهاية العام الماضي، بالتعاون مع منصة “شريكة ولكن” النسويّة في تركيا، في فتح عينيّ على الكثير من المعلومات والحقائق عن أهمية التعرف إلى أجسادنا، وبناء علاقةٍ جيدة معها منذ الصغر.

وبالتالي، تنشئة أطفالنا/طفلاتنا على المنوال نفسه، بما في ذلك تسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة، ومن دون مواربة.

تصحيح الكثير من المعلومات المغلوطة عن الجسد والجنس، كانت إحدى أهم فوائد الورشة.

بما في ذلك، معرفة أن هناك آراء علمية تقول إن دورة الجنسانية تبدأ خلال تشكّل الجنين في بطن أمه، وليس في الطفولة كما هو شائع.

كانت تلك من المعلومات الصادمة لي، من بين ما عرفته خلالها!

عدت من الورشة وكلي يقين، ورغبة، بأنني بحاجة إلى تعلّم المزيد عن جسدي، مع اعتقاد بأنني لا أعلم سوى القشور عن هذا القالب، الذي أعيش فيه منذ 35 عاماً.

ولم أُصاحبه يوماً، بل وصَمَمتُ أذنيّ عن أنين شكواه مرّات.

“صفحة جديدة مع جسدي”

في الصفحة الجديدة من علاقتي مع جسدي، أصبحت أكثر ملاحظةً لكل ما يخصّه، وبالطبع يخصّني.

في تلك الأثناء، تعرضت لموقفين أشعراني بالسعادة والرضا، على بساطتهما.

الأول، حين فتحت خزانة غرفتي في فندق الإقامة في اسطنبول أثناء الورشة، ووجدت بعض الفوط الصحية المتروكة تحسباً لحاجة إحدى النزيلات.

بينما عشت ممنوعةً من ترك الفوط الصحية في حمام منزلي، بحجة “أحسن أبوكي أو أخوكي يشوفوها”. واعتادت الصيدليات أن تقدمها لي في “كيسٍ أسود”.

كان رائعاً أن أرى اهتمام إدارة الفندق بأن امرأة تحيض قد تسكن هذه الغرفة، وقد تحتاج فوطاً صحية من دون سابق إنذار.

وفي حين أنها خدمة مدفوعة، لم يحدث أن وجدت فوطاً صحية في أي فندقٍ أقمت فيه من قبل.

علماً أن كثير من المشاركات في الورشة، شاركن الملحوظة نفسها.

الموقف الثاني، كان عندما بحثت عن نوع الفوط الصحية التي أستخدمها، وهي ليست مطلوبة بكثرة لأنها مضادة للبكتريا، فعرض الصيدلي أن أُجرب علامة تجارية أخرى مضادة للبكتريا أيضاً.

مع الاستخدام الأول أدهشتني العبارات التحفيزية المدونة على الفوط على غرار:

“اصحي وتألقي، قدامك يوم جميل”، و”باي باي رائحة، أهلاً بالانتعاش”، و”ابتسمي وانتعشي، البكتريا بعيدة عنك”، و”باي باي رائحة مش هتوحشينا”.

للمرة الأولى أشعر بسعادةٍ غامرة وحماس عند تغيير الفوطة الصحية، لقراءة الرسالة المدونة عليها، حتّى مع تكرارها.

لا يفهم هذا الشعور إلا امرأة أحبطتها الرسائل الإعلانية للفوط الصحية، مثل:

“بتمري بأصعب أيامك وخايفة من البقع؟”، و”مش عارفة تنامي ونفسك تتطمني وتتحركي براحتك؟”… إلخ. وهي رسائل سلبية تنفّر من فترة الحيض.

هذان الموقفان يثبتان أننا لا نطلب الكثير، فقط احتراماً لأجسادنا وتفهماً لتغيراتها الفسيولوجية.

لكن هذا يحتاج أولاً أن نعي جميعاً أن الثدي والبظر والفرج والقضيب، هي أجزاء مهمة في الجسم وليست عيباً.

كتابة: سامية علام

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد