سوزي الأردنية.. طفلة طالتها قيم الأسرة المصرية
سوزي الأردنية، أو سوزي أيمن، هي فتاة مصرية عمرها 16 عامًا، واشتهرت في السنوات الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا تيك توك. وقد أصدرت محكمة جنح الطفل بالقاهرة أمس حكمًا بالسجن لمدة عامين مع تغريمها 300 ألف جنيه مصري على خلفية قضية اتُهمت فيها بمخالفة الآداب العامة.
القبض على سوزي
لفتت شهرة سوزي انتباه أحد المحامين الذي قدم بلاغًا ضدها للنيابة العامة المصرية في شباط/فبراير 2024. أما التهمة، فكانت هدم قيم الأسرة المصرية، والتي يستخدمها عادة المحامون الرجال المصريون في الإيقاع بصانعات المحتوى.
وجاء البلاغ بعدما ظهرت سوزي في بثًا حيًا عبر تطبيق تيك توك، أثناء مشاجرة لها مع والدها وتتهمه بالاستيلاء على أموالها من تطبيق تيك توك. وهو ما اعتبره المحامي أشرف فرحات تعديًا على قيم الأسرة المصرية بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لعام 2018.
تم القبض على سوزي في منطقة المطرية بمحافظة القاهرة فور الإبلاغ عنها. ولكن تم إخلاء سبيلها على ذمة القضية التي صدر فيها الحكم أمس.
جدير بالذكر أن المحامي أشرف فرحات هو مؤسس لحملة تُدعى “تطهير المجتمع”، والتي تتربص بالنساء والفتيات اللواتي يُقدمن محتوى على الإنترنت داخل مصر.
السجن للطفلة والبقاء للأبوية
في غرة تشرين الأول/أكتوبر 2024، أصدرت محكمة جنح الطفل حكمًا بالحبس لمدة سنتين وغرامة مالية بمئات الآلاف من الجنيهات بحق الطفلة سوزي. وصرّح محاميها أنه سيقوم بتقديم طلبًا للاستئناف على الحكم.
ورغم أنه في تحقيقات النيابة أثبت والدها أنها لم تتعدَ عليه بالقول أو الإساءة أمام جمهورها وأنه “سامحها”، استكملت النيابة إجراءاتها التعسفية بحق سوزي والتي انتهت بصدور الحكم عليها.
الهزلي في الأمر هو أن المحامي مقدم البلاغ تبرّع بالإبلاغ عن سوزي بسبب “إهانتها لوالدها”، مُتذرعًا أنها تهدم قيم المجتمع. إلا أن الجملة الشهيرة التي بسببها تم تقديم البلاغ أصبحت “تريند” «في الشارع اللي وراه»، تم استخدامها منذ البث الحي لسوزي في عدة أفلام ومسلسلات مصرية لأنها. “نكتة/إيفيه”.
لم يجرؤ المحامي على تقديم بلاغات شبيهة ضد فنانات/ين استخدموا الجملة في الدراما والسينما. ويعكس ذلك تناقضًا لدى أشرف فرحات مقدم البلاغ.
فهو إما يعتبر جمهور سوزي أكبر من جمهور السينما والدراما، أو أنه “يخاف” اتهام فنان/ة بهدم قيم الأسرة المصرية، وما سيترتب على ذلك.
تُرجعنا القضية إلى أزمة الامتيازات والطبقة. فالنساء والفتيات من الطبقات المفقرة والمهمشة يتم استهدافهن من قبل رجال يرون أنهم حماة “الأخلاق”. بينما السبب الحقيقي هو محاولة وضع هؤلاء النساء في “أماكنهن الطبيعية” خاضعات لسلطة أبوية ومجتمعية طبقية تكره و جودهن في المجال العام، ولو كان رقميًا.
لم تضع محكمة الطفل في حسبانها السن الصغيرة لسوزي وكونها طفلة قاصرة لم يتجاوز عمرها 18 عامًا بعد. إذ قضت بالحكم في حقها بالسجن، دون مراعاة لما سينتج عن الحكم كونها مازالت طالبة في الثانوي العام.
وبدلًا من أن تنتصر “محكمة الطفل” وتأمر بالتحقيق في ادعاء سوزي أن والدها سرق أموالها دون وجه حق، انقضت على سوزي بسبب رد فعلها الغاضب.
نرى القضاة ورجال القانون يدافعون بشراسة عن الرجال قتلة النساء، ويحاولون بمنتهى الإخلاص إيجاد ثغرات لإفلات القتلة من العقاب. في نفس الوقت، يهجمون بكل قوة على طفلة استاءت أن والدها سرق أموالها!