“نكبة تشريعية” في العراق.. قلق بعد تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية وقانونين آخرين

"مهزلة" المصادقة على سلة من ٣ قوانين بدفعة واحدة ومن دون تصويت

صادق البرلمان العراقي، أمس 21 كانون الثاني/ يناير على تعديل قانون الأحوال الشخصية المثير للجدل، وسط مخاوف حقوقية من فتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات بحق النساء والفتيات.

يمنح هذا التعديل العراقيات/ين -عند إبرام عقود زواج- الحق في اختيار تنظيم شؤون أسرهن/م وفقًا لأحكام المذهب الشيعي أو السني، أو تلك التي ينص عليها قانون الأحوال الشخصية النافذ والمعمول به منذ 1959.

التعديل الذي يعيد حق تنظيم شؤون الأسرة إلى قبضة المذاهب، ويعيق تحقيق دولة قانون مدني قائم على مبدأ المساواة، يثير القلق من تفاقم ظاهرة تزويج القاصرات وتقليص حقوق النساء والفتيات، تحديدًا في قضايا الزواج والطلاق والحضانة والنفقة والإرث.

أتت المصادقة على التعديل، ضمن تصديق مجلس النواب العراقي على 3 قوانين جدلية، في سلّة واحدة.

وهذه القوانين الثلاثة هي: قانون الأحوال الشخصية، والعفو العام، وإعادة العقارات إلى أصحابها. وذلك بعد خلافات امتدت لأشهر، ودفعت إلى إلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات بشأنها.

النائبة نور نافع: “التصويت تم بطريقة غير قانونية.. وهذه مهزلة تاريخية”

أثارت الجلسة البرلمانية جدلًا واسعًا، إذ شهدت الجلسة تصعيدًا في الخلافات بين النواب، وذلك على خلفية التصويت على 3 قوانين دفعةً واحدة، ما اعتُبر “مخالفة تشريعية” أتت خلال جلسة “غير دستورية”.

في هذا السياق، أكدت النائبة في البرلمان العراقي نور نافع أن ما حدث في جلسة البرلمان من تصويت على القوانين، خصوصًا قانون الأحوال الشخصي، يعد “مهزلة تاريخية” لمجلس النواب العراقي.

وأوضحت في حديثٍ صحفي مع موقع الجزيرة نت أن “التصويت على هذه القوانين تم بطريقة غير قانونية وغير شفافة، إذ تم تمريرها دون حتى رفع الأيدي من قبل النواب، وهو أمر لم يسبق له مثيل في أي جلسة سابقة”.

وأشارت إلى أنها “كانت تعارض منذ البداية تمرير قانون تعديل الأحوال الشخصية، وذلك بسبب المخاوف من أن يؤدي هذا القانون إلى تهميش دور المرأة فيها”.

وأكدت أن “هذا القانون سيزيد من الخلافات والتفكك داخل الأسرة، وسيؤدي إلى تحيز جهة على حساب أخرى، ما سيؤثر سلبًا على استقرار المجتمع العراقي”.

ورأت النائبة أن هذا القانون “سيؤدي إلى إلغاء دور المرأة في إدارة الأسرة”، وأن “العواقب المترتبة على هذا التعديل لا يمكن التنبؤ بها”، وأن “مستقبل الأسرة العراقية أصبح مجهولًا بعد إقرار هذا القانون”، على حد تعبيرها.

تصعيد داخل البرلمان.. “تصويت غير قانوني وجلسة غير دستورية”

سبق لمجلس النواب أن صوّت على مواد القوانين الثلاث في جلسته التي عقدت في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي. إلا أنه أرجا التصويت على مشاريع القوانين بمجملها إلى حين حسم نقاط الخلاف، ومضى مس بالتصويت على القوانين ككلٍّ دون أي تعديلات جديدة، ما أثار حفيظة العديد من النواب الرافضات/ين لبعض موادها.

ولم ينتهِ الأمر عند الرفض أو الاعتراض، فقد ذهب البعض إلى التصعيد واستهداف رئاسة البرلمان، إذ أكد النائب ياسر الحسيني المضي بجمع أكثر من 130 توقيعًا لإقالة رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، وذلك على خلفية ما وصفها بالمخالفات التشريعية التي شابت الجلسة.

وأوضح الحسيني، في حديثٍ صحفيٍّ للجزيرة نت، أن إدارة الجلسة “لم تكن موفقة”، وأن مخرجاتها كانت “غير دستورية”، إذ “تم التصويت على 3 قوانين دفعة واحدة بطريقةٍ غير قانونية ومخالفة لضوابط مجلس النواب، ولم يتم التأكد من اكتمال النصاب القانوني لحضور الجلسة”.

وأضاف أن “رئيس مجلس النواب أعلن بشكلٍ غير صحيح عن إقرار هذه القوانين رغم أن العديد من النواب لم يوافقوا عليها”.

وأكد أن هذا اليوم يعد “نكبة تشريعية، وسيُذكر كأفشل دورة في تاريخ البرلمان العراقي”، كما سنذهب إلى الطعن لدى المحكمة الاتحادية على مخرجات الجلسة.

هيومن رايتس ووتش: التعديل يزيد من مخاطر العنف الجنسي والجسدي ضد الطفلات

يذكر أنه منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية استبقت التصويت على مشروع الأحوال الشخصية في العراق بتقريرٍ نُشر في آب/ أغسطس الماضي، موجهةً انتقادات لاذعة على مشروع القانون ومحذرة من تمريره.

وأشارت في تقريرها إلى أنه “إذا أُقرّ التعديل، ستكون له آثار كارثية على حقوق النساء والفتيات المكفولة بموجب القانون الدولي. إذ سيسمح بتزويج الطفلات، وتقويض مبدأ المساواة بموجب القانون العراقي، وإزالة أوجه حماية للمرأة في الطلاق والميراث”.

ولفتت إلى أن “تزويج الفتيات يعرّض لتزايد خطر العنف الجنسي والجسدي، وعواقب وخيمة على الصحة البدنية والنفسية، والحرمان من التعليم والعمل”.

كما أن “تزويج القاصرات من شأنه أن يحرم عددًا كبيرًا من الفتيات من مستقبلهن ورفاههنّ”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد