«كفى» الأولوية اليوم لتفعيل تطبيق قانون العنف الأسري والاستفادة من التعديلات الإيجابية

انضم لبنان إلى نادي الدول التي تجرّم التحرش الجنسي بعد مصادقة المجلس النيابي على اقتراح القانون الذي قُدِّمَ منذ عامين، بالتزامن مع إقرار بعض التعديلات في قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الاسري 293/2014، الذي سبق أن أقرّه البرلمان اللبناني في الأول من أبريل/نيسان في العام 2014 والذي اتسم حينها بالقصور في جوانب محورية، وعليه كانت الحاجة إلى نص جديد يحوي تعديلات وتدابير هامة لحماية المرأة المعرضة لخطر الاغتصاب الزوجي وانتهاكات أخرى.

وعليه نتساءل هل بات قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الاسري بشكله الحالي قادر على حماية النساء والفتيات في لبنان؟

“كفى” الأولوية لمتابعة تطبيق القانون ونعمل على قانون شامل لكافة أنوع العنف ضد النساء

المحامية ليلى عواضة  في منظمة “كفى” تحدثت لموقع “شريكة ولكن” وفي معرض إجابتها عن سؤال حول مدى قدرة هذا القانون على حماية النساء والفتيات من العنف ضدهن، فتؤكد أنه يحمي فئة من النساء ويجرد فئة أخرى من الحماية، كاشفة عن استغلال القانون لتشديد العقوبة على نساء مستغلات في مجال “الدعارة”، في تعديلات أقرت بعيدة كل البعد عن سياق التناسق في القوانين، بالإضافة إلى تناقض واضح ظهر جلياً في تعريف الأسرة الذي تم حصره في العلاقة الزوجية، مشيدةً بالإيجابيات تحديدا بالمواد المتعلقة في حق القاصر بطلب الحماية القضائية.

وفي معرض سؤالنا عمّا إذا ما كانت هذه التعديلات مقدمة لسحب البساط من المحاكم الدينية ومعها رجال الدين، وافقت المحامية ليلى عواضة وأكدت أن اعتراض رجال الدين منذ البداية على القانون، يعكس حجم تخوفهم  من انعكاساته ومن تحديد سلطتهم لتصبح الدولة هي راعية شؤون الأسرى، نافية أن يكون تأثيرهم هو من حال دون استكمال إقرار التعديلات، خاصة أن عدد منها سدَّ الطريق على استغلال بعض رجال  الدين لعدد من القوانين  ومنها قرار الحماية.

وتؤكد المحامية عواضة على أن الأولوية اليوم هو للتعاون مع القضاة من أجل تفعيل تطبيق القانون، والاستفادة من النقاط الايجابية والعمل على النقاط السلبية، خاصة أن لا قيمة لأيّ قانون دون آلية تطبيقية.

وحول ماذا إذا كانت “كفى” ستستمر بنضالها أكدت عواضة أن العمل جاري على قدم وساق مع وزارة العدل وهيئة شؤون المرأة اللبنانية على إقرار قانون جديد وشامل يشمل كل أنواع العنف الذي تتعرض له النساء، من تحرش وعنف أسري وغيرها، في محاولة لتوحيد المرجع للقضاة، الأمر الذي يمنع التداخل والتناقض في تطبيق القوانين.

ماهي التعديلات التي أخذت بها اللجان وأقرت بعضها في  الجلسة الأخيرة وماذا عن تلك التي لم تقرّها؟

منظمة “كفى” خلال السنوات الأخيرة بعد إقرار القانون في العام 2014، عملت على تعديلات هدفها تصويب القانون نحو حماية النساء وإزالة الشوائب عنه، وذلك بالتعاون مع وزارة العدل والهيئة الوطنية لشؤون المرأة في العام 2018.

فما هي التعديلات التي أخذت بها اللجان

1-     تجريم العنف المعنوي والاقتصادي وتخصيص عقوبة لمرتكبهما.

2-     تنفيذ قرار الحماية من قبل النيابة العامة.

3-     تكليف قاضي متخصص بشكاوى العنف الأسري بكلِّ مرحلة من مراحل الشكوى فإضافة إلى المحامي العام الأسري أصبح هناك قاضي تحقيق أسري وقاضي منفرد جزائي أسري.

4-     السماح للضحية بتقديم طلب حماية دون الحاجة إلى ولي أمرها في حال كانت قاصر.

5-     التعديل الجزئي لمطلب حماية الأطفال مع الضحية بغض النظر عن سن الحضانة وتم إقرار حماية الطفل البالغ 13 عاماً وما دون مع الضحية.

6-     تشديد العقوبة على مخالفة قرار الحماية بحيث أصبحت تصل إلى سنة حبس، وتشدد عند التكرار.

أمّا التعديلات التي لم يتم الأخذ بها بحسب “كفى” فهي:

1-     تعديل تعريف الأسرة ليشمل أي من الزوجين أثناء قيام الرابطة الزوجية أو بعد انحلالها. عوضاً عن ذلك قاموا بتعديل تعريف العنف الأسري عبر إضافة عبارة “يقع أثناء العلاقة الزوجية أو بسببها”. الأمر الذي يوحي بأنَّ العنف الأسري مشمول بهذا القانون هو العنف الزوجي وهذا يتناقض مع الفقرة الأولى من المادة 2 المتعلقة بتعريف الأسرة.

2-     إدراج مفهوم سوء استعمال للسلطة داخل الأسرة بالقوة الجسدية أو غيرها، في تعريف العنف الأسري.

3-     تعديل المادة 3 المتعلقة بتجريم العنف الأسري واعتبارها جريمة قائمة بذاتها. فأبقوا على الاغتصاب الزوجي وجريمة الزنا. وفي هذا السياق تساءلت حول المنطق التشريعي في ربط المشرع من خلاله بين حماية النساء منالعنف الأسري وتشديد العقوبة على النساء الضحايا في الدعارة والمفروض أن روحية القانون تهدف إلى حماية النساء من كل أنواع العنف والاستغلال.

4-     إدراج إلزام المعنف بالتأهيل في قرار الحماية.

5-     تخصيص الحماية بالنساء فقط دون سائر أفراد الأسرة.

من جهتها المفكرة القانونية انتقدت في القانون بقاء المفهوم المقترح للأسرة ملتزماً بالتعريف الرسميّ للأسرة المبنيّة على الروابط القانونية للزواج والبنوّة، من دون أن يعيد النظر في مفهوم الأسرة المكوّنة خارج روابط من هذا النحو، كما هي حال الأسر الناشئة عن المساكنة أو عن إقامة علاقات حميمة مستقرة، أو حتى شمل عاملة المنزل ضمن مفهوم الأسرة.

ووجدت أن تعريف العنف من أبرز الجوانب الضعيفة في القانون الحالي مقارنة مع التعريف المعتمد دولياً، خاصة أنه استبعد حالات العنف المبررة بالتقاليد الموروثة، كإرغام الإبنة على الزواج أو منع الزوجة من الخروج من المنزل أو الإهانات والتحقير فضلاً عن الاغتصاب الزوجي كما استبعدت اللجان المشتركة أي توسيع لحالات الإتجار بالبشر.

سجّلت المفكرة القانونية إيجاباً في شمل القانون الأطفال القاصرين حتى 13 سنة بتدابير الحماية، بعدما كان القانون الحالي يمنح الحماية فقط للأطفال الذين هم في سن الحضانة القانونية وفق قانون أحكام قوانين الأحوال الشخصية وسائر القوانين المعمول بها. وكان الاقتراح الأساسي قد هدف لشمل جميع الأطفال (أي من هم دون 18 سنة في أوامر الحماية).

و فيما يتعلق بالتعميم في تخصيص الهيئات القضائية وجدت المفكرة أن الأنسب و هو أن يلتحق القضاة في سياق تدرّجهم أو في سياق دورات تأهيلهم المستمر بدورات تدريبية أو توعوية، حيث يخشى أن يؤدي التوسّع في اعتماده في دول صغيرة كلبنان إلى تضييق مجال القضاء العادي والطبيعي بما يستتبعه من إضعاف لضمانات المحاكمة العادلة، وانتقدت رفض القانون  تضمين إخضاع مرتكب العنف لدورات تأهيل في مراكز متخصصة، بما في ذلك من تغليب المقاربة العقابية على آليات التوجيه والتأهيل.

وختمت المفكرة القانونية ملاحظاتها بالتطرق إلى صندوق مساعدة ضحايا العنف  الذي يملأ بالغرامات المحكوم بها، أشارت  إلى أن العديد من الصناديق المنشأة في السنوات الأخيرة أبرزها صندوق ضحايا الاتجار بالبشر وصندوق مساعدة المستأجرين القدامى ما تزال فارغة، في تخوف بأن يلقى الصندوق مصيراً مماثلاً.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد