في يوم المرأة العربية.. إنجازات رغم الحصار الذكوري

تحتفل منظمة المرأة العربية في الأول من شباط/فبراير من كل عام بيوم المرأة العربية، الذي أقره الاتحاد البرلماني العربي أثناء انعقاد دورته الـ35 في مؤتمره التاسع، في 17 شباط/فبراير عام 1999.

مناسبة لا تبدو مألوفةً بالنسبة إلى الكثيرات، ممن لم يسمعن عنها لسببٍ أو لآخر، أو ممن لا تعنيهن المناسبات المقتصرة على الخطابات الغزلية المستهلكة، ما لم ترتبط بتعزيزٍ عمليّ لأدوارهن وموقعهن الإنساني على أرض الواقع.

فما بين تهنئةٍ بالمناسبة من هنا وتكريمٍ لشخصيات فاعلة من هناك، لا تزال حقوق الفتيات والنساء العربيات المهمشة تغرق كاهلهن، في ظل منظومة من الأعراف والقوانين والتشريعات التي تحد من إمكانية تطوّر أوضاعهن والنهوض بواقعهن.

هذه المبادرة قدمتها النائبة اللبنانية السابقة بهية الحريري، إذ دعت إلى تحديد 1 شباط/فبراير من كل عام يوماً للمرأة العربية. وهدفت إلى دفع الدول العربية نحو الاعتراف بحقوق المرأة والمساهمة في الإسراع في عملية النهوض بها وتغيير أوضاعها.

واعتُبر هذا اليوم مناسبةً لتقييم الإنجازات وتجديد العهد على المضي قدماً في مسيرة دعم النساء، والحث على بذل مزيدٍ من الجهد والعمل العربي المشترك لتعزيز دورهن في المجتمع العربي.

المرأة العربية في عيدها بحاجة لضمان المساواة وليس لخطاباتٍ عاطفية

موقع “شريكة ولكن” سأل بعض النساء عن تقديرهن للجهد العربي المبذول في إطار تعزيز مكانة النساء وأدوراهن على كافة الأصعدة. فاعتبرت إحدى المشاركات أن “السعي العربي الحقيقي للنهوض بالنساء ضعيف جداً، فمن جهة هناك الحروب التي تفرض محدودية التحرك”.

من ناحيتها، قالت مشاركة أخرى لم تسمع عن هذه المناسبة من قبل، إن “عمل المؤسسات الأهلية والدولية على تمكين النساء غير مكتمل”. وأكدت أنه “في حال اكتمل، لن يسمح المجتمع الذكوري للنساء بالنهوض، خصوصاً في ظل التهميش الذي تعاني منه”.

من جهتها، اعتبرت مشاركة ثالثة، أن “الجهد الرسمي العربي لا يعدو كونه استعراضات لا تفيد الفتيات والنساء، وأحياناً تبدو تضليلاً لحقيقة التمييز المتجذر في المجتمعات العربية ضدهن. ولن يكون هذا الجهد مجدياً في حال التشبث بقوانين لا تضمن مساواتهن في الحقوق والواجبات المدنية مع الرجال”.

وعن احتفال الدول العربية بيوم المرأة العربية، قالت: “نحن بحاجة لخطوات عملية وليس لخطابات عاطفية، فليتعاملوا مع المرأة على أساس أنها مواطن غير منتقص الأهلية، ومن ثم يتحفونا بخطاباتهم الداعمة للنساء”.

إنجازاتٌ رغم الحصار الذكوري

تعد هذه المناسبة فرصةً لتقييم الإنجازات التي حققتها نساء عربيات سنوياً، ولم يستطعن إحرازها إلا بعد أشواطٍ من النضال والصراع في وجه منظومةٍ تأطيرية رافضةٍ لخروجهن عن النمط التهميشي المعتاد، وتعتبر سعيهن المستمر نحو التقدم والازدهار خروجاً مرفوضاً عن المحورية “المقدّسة” عرفاً وقانوناً وشرعاً. الأمر الذي لطالما شكّل عائقاً أمام مسيرة نهضة النساء في المجتعات العربية.

إليكن/م أبرز الإنجازات التي حققتها النساء خلال عام 2021:

– في 15 آذار/ مارس 2021 تولت السيدة نجلاء المنقوش وزارة الخارجية في ليبيا، لتصبح أول سيدة تتولى هذه الوزارة منذ استقلال الدولة عام 1951.

– تولت الإماراتية مريم الشامسي منصب قيادة الأجهزة العلمية في الفريق العلمي لمشروع مسبار الأمل، الذي تضمن 34% من فريق العمل و80% من فريق البحث العلمي نساء.

– وصول اللبنانية رنا نقولا والسعودية مشاعل الشميمري ضمن الـ3 الأوائل في برنامج “رائد الفضاء”، بعد اجتيازهما معايير التقييم أمام لجنة التحكيم التي ضمت نخبة من الخبراء والمختصين في علوم الفضاء والاختبارات النفسية والجسدية.

– تم تكليف السيدة نجلاء بودن رمضان، بتشكيل الحكومة الجديدة في تونس، لتكون أول امرأة تكلف بهذه المهمة.

– أصبحت المصممة المصرية رباب طنطاوي أول عربية تشارك في التصميم الخارجي لسيارة سباق الفورمولا 1 لفريق مكلارين ريسينج الشهير.

– منحت اللبنانية هالة غصن، وسام التميّز الذهبي لعلوم الصيدلة والأبحاث العلمية، وجائزة التميّز الدولية لعام 2021.

– اختيرت المصرية غادة محمد عامر، ضمن أفضل 20 امرأة في العالم تفوقاً في العلوم. كما صُنفت بين أفضل 5 مهندسات في إفريقيا ضمن كتاب الصعود للقمة الصادر من الاتحاد الدولي.

– اختيرت المصرية ماري ألكسندر، ضمن قائمة أكثر 20 امرأة متميزة حول العالم لعام 2021 تكريماً لكونها أول مصرية تصل إلى منصب عمدة في أميركا.

– اختيرت الصومالية جميلة جوردون، الرائدة في عالم الذكاء الاصطناعي، ضمن قائمة بي بي سي التي تضم 100 امرأة الأكثر تأثيراً وإلهاماً حول العالم لعام 2021.

– في كانون الأول/ديسمبر أعلنت بي بي سي عن قائمة أكثر النساء إلهاماً في عام 2021، وتضمنت القائمة 4 نساء عربيات هن: وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش، الناشطة في مجال حقوق الإنسان وعارضة الأزياء السابقة الصومالية حليمة آدن، المدافعة عن حقوق العابرين/ات جنسياً ومؤسسة Trans Asylias المصرية إيمان لوكير، والمديرة التنفيذية لمنصة “لوماشين” الصومالية جميلة غوردون.

إنجازات وهمية وتسلط ذكوري مقنّع

من ناحية ثانية، أتت بعض الإنجازات مطبّقةً لمقولة “ذر الرماد في العيون”، إلا أنها أثبتت رسوخ السلطة الأبوية من ناحية وتعزيز القولبة الذكورية من ناحية ثانية.

ففي 12 تشرين الأول/أكتوبر، أصدرت وزارة الدفاع الكويتية قراراً يسمح للكويتيات بالالتحاق بكوادر الجيش، ولكن بشروط تضمن السلطة الشرعية والأبوية، تطبيقاً لضوابط فتوى هيئة الإفتاء، التي اشترطت “موافقة ولي الأمر أو الزوج والالتزام بالحجاب الشرعي الساتر والعمل في التخصصات الطبية والمجالات الفنية والخدمات المساندة فقط، وعدم حمل السلاح أو القيام بالتمرينات العسكرية الميدانية”.

وفي سياقٍ متصل، اتخذت السعودية قراراً اعتُبر استثنائياً على الرغم من أن وجوده أمر بديهي، فسمحت بانتساب النساء إلى الواحدات الأمنية المسؤولة عن أمن المعتمرين في الحرم المكي في نيسان/ أبريل 2021. كما أتاحت في حزيران/يونيو 2021 بأداء فريضة الحج للنساء من دون محرم.

يصعب الحديث عن إنجازاتٍ فعلية وحقيقية، من شأنها إحقاق العدالة والمساواة للنساء العربيات وتحسين واقعهن اليوم، إلا بعد إلغاء كافة أشكال التمييز الجنسي ضدهن، ومساواتهن الكاملة بالحقوق والواجبات مع الرجال في الدساتير والقوانين المحلية.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد