“عروس الاسماعيلية” .. ضحية عائلتها والمجتمع والإعلام

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً في مصر بقضية “عروس الاسماعيلية” بعد انتشار فيديو يظهر شابة مصرية في ملابس زفافها تتعرض للضرب والتعنيف في الشارع على يد عريسها، الذي بدا في المقطع المصور وهو يجبرها على الدخول إلى السيارة لاستكمال إجراءات الزفاف، وهي تصرخ بأنها تريد العودة إلى منزلها بعد إصابتها بسبب هذا الاعتداء.

لكن المقلق في هذا الخبر ليس فقط الانتهاك والجريمة التي تعرضت لها في الشارع، بل إن المارة صوروا الحادثة بدل الدفاع عن العروس التي ظهرت في الفيديو بدمٍ على فستانها، إلى أن وصلت قوة أمنية إلى الموقع وتمت لملمة الموضوع.

أما المفاجأة التي صدمت رواد السوشيال ميديا فكانت انتشار فيديو تظهر فيه العروس وهي ترقص مع زوجها، وهو ابن عمها في الوقت نفسه، في حفل الزفاف وكأن شيئاً لم يكن. ثم بهدف لملمة الموضوع أكثر، انتشر لهما فيديو آخر في منزلهما بعد حفل الزفاف!

“العريس” المعنّف، و”العروس” الضحية أصبحا حديث الرأي العام الرافض للاعتداء والمتعاطف مع العروس، إلا أن الصادم كان تعاطي بعض الوسائل الإعلامية والصحفية مع القضية بمسؤوليةٍ معدومة. فتهافتت إلى تغطية الجريمة من بوابة “الترند”، وأظهرت المعنّف بصورة “الحمش” وقدّمت له هامشاً للتبجّح بتبرير اعتداءاته، كما قلّلت من خطورة الجريمة من خلال التركيز على ما أسموه “قصة حب استمرت 13 عاماً بين العروسين”.

ومن منزلهما الزوجي، أُجريت مقابلة مصورة مع الزوج المعنِّف، في اليوم التالي للزفاف، تحدث فيها بكل وقاحة عن حقه الطبيعي بضرب زوجته خصوصاً أنها ابنة عمه، بحسب تعبيره. أي أنه يحق له ضربها لأنها أولاً قريبته وثانياً زوجته! ثم أشار إلى أن موضوع العنف أمر عادي جداً “عندنا”، يقصد في صعيد مصر.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by احكي (@e7kkyeg)


كما خرجت الإعلامية المصرية ياسمين عز، في قناة مصر مباشر، مبرّرة الاعتداء الوحشي، ومستهينة بالجهود النسوية الجبارة لوضع حد لجرائم العنف ضد الفتيات والنساء. فتحدّثت بلغةٍ ذكوريةٍ، وضعت النساء في خانة التبعية، واختصرت حياتهن بـ”توفّر العريس”، وحثّتهن على الرضوخ والسكوت عن العنف.

كما تصّدر على تويتر وسم #أوقفوا_ياسمين_عز واعتبر رواد ورائدات الموقع أن موقف الإعلامية الذي وُصف بـ”المقزز”،يترجم التبريرات المجتمعية المتخلّفة في المجتمعات التي تحكمها العراف الذكورية.


من ناحيته، اعتبر “مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي” أنه “أمام تلك الحوادث ومثيلتها تظهر العيوب التشريعية وغياب آليات تنفيذ القانون، نحن دولة تفتقر إلى تدابير الحماية أو أي من الخدمات الاجتماعية التي قد تحتاج إليها الضحايا والناجيات من العنف، فلا يوجد أي ضمانة تحمي العروس من الوصم المجتمعي الذي قد يلحق بها إذا قررت الانفصال عن الزوج وإنهاء تلك الزيجة، فهو ابن عمومتها والنسب العائلي في مجتمعاتنا تكون رغبات النساء ومصالحهن فيه في ذيل القائمة”.

وقال المركز في بيان: “لعل شريط الفيديو المصور للواقعة أشار إلى الوجه القبيح للذكورية المتأصلة في المجتمع إذ لم يهب أحد لنجدتها من المارة سوى النساء، هن وحدهن يشعرن بمعاناة بعضهن البعض لأنهن اختبرن العنف جميعاً”.
وأضاف متسائلاً: “لماذا لم يحاسب أو يحاكم العريس؟ لا يوجد أي سند قانوني أو إجرائي يلزم ممثلي السلطة التنفيذية علي توقيف العريس المعتدي بالضرب على زوجته، فصاحبة الحق الأصيل في اتخاذ أي إجراءٍ قانوني هي الواقع عليها العنف وحدها دون أحد سواها. هل يوجد أي نص في قانون العقوبات يحدد أوجه الجريمة التي قام بها العريس؟ الإجابة للأسف لا، لا يوجد ما يجرّم عنف الشريك أو عنف الزوج او أياً من أشكال العنف الأسري”.
قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد