عن مراوغة الأزواج و”الإيمان المحطّم” بالمحاكم الكنسية

هدى خوري تروي معاناتها: "جنّنتونا"!

على عكس المثل الشعبي الشائع الذي يقول: “يلي بيطلع من دينه الله يعينه”، استفاد زوج السيدة اللبنانية هدى خوري من امتياز تغيير دينه، ليعين نفسه على التملّص من دفع حقوقها.

“عمل شيعي”، أي اعتنق المذهب الشيعي، واستطاع بشحطة قلم شطب حقوق زوجته، واكتساب حقوقٍ شرعيةٍ جديدةٍ.

بهذه البساطة تمكن الزوج من “التذاكي” على السلطات الشرعية والروحية في لبنان، والالتفاف على أحكامهما.

فقرّر مغازلة الإسلام، ليتمكن من تسجيل زواج ثانٍ وترك هدى معلّقة. ثمّ حاول العودة إلى المسيحية، ليتمكّن من الطعن في حق النفقة المترتبة على الطلاق والتهرب من دفعها.

وخلال سيناريو القفز على الحبلين، والتلاعب على الدينَين، لم يتبقّ أمام الزوجة إلا “الله يعينها”.

ليس سهواً أن تسقط حقوقها في معترك فساد الزوج، وخلفه قضاة المحاكم الكنسية “الفاسدين”، وخلفهما ذكورية محاكم الأحوال الشخصية في لبنان.

فالمحاكم مفصّلة على قياس الرجال، ومرنة متى تطلّبت المصلحة الذكورية، وجاهزة دائماً لتسهيل آلية تعجيز النساء الممنهجة قانوناً وعرفاً.

عن ازدواجية المحاكم الكنسية: “مجنونة، لكنني مُنحتُ حضانة ابني القاصر”

بدأت القصة عام 2003، حين رفع الزوج دعوى لبطلان الزواج وربحها عام 2009، مستعيناً بالبند الثالث من المادة 818.

وينص هذا البند على أنّه “يعتبر/تعتبر غير قادر/ة على عقد الزواج، من لا يستطعن/ون تحمّل واجبات الزواج لأسباب ذات طبيعة نفسية”.

“مجنونة، ولكنني مُنحت حضانة ابني القاصر”، علّقت هدى بتهكّم على ازدواجية المحاكم الكنسية التي يركن إلى “فسادها” كلّ رجل أراد التخلص من “سر الزواج ومستحقات الطلاق على حدٍّ سواء”، وفق تعبيرها.

شرحت هدى في حديثها لمنصتنا كيف بات اتهام النساء بصحّتهن النفسية، حبل خلاصٍ قانوني_كنسي لبعض الرجال.

فهي، وغيرها الكثيرات، أصبحن بكبسة زرٍّ “غير عاقلات، وغير مؤهلات للزواج، بشهاداتٍ طبيّة مزوّرة استعان بها الأزواج، للتخلي عن زوجاتهم وتجريدهن من حقوقهن“.

وروت تجربتها “السيئة” مع المحاكم الكنسية من دون أن تنسى الحديث عن “حقوق النساء المظلومات اللاتي أهدرتها المحاكم الكاثوليكية”، على حدّ تعبيرها.

فخلال مشوار النضال المضني، وجدت نفسها أمام الكثير من الحالات المشابهة، ما حوّلها إلى ناشطةٍ في هذا المجال. حتى شاركت في تأسيس جمعية “معاً من أجل الأسرة”.

آثرت هدى إلا أن تتابع قضيتها “رغم استفحال الفساد”. استأنفت “القرار الجائر” لدى محكمة الروتا في الفاتيكان، وحصلت على حكمٍ وصفته بـ”المنصف”.

إذ وافقت المحكمة على تعطيل مفاعيل حكم البطلان، والبتّ بحكم الهجر على مسؤولية الزوج. الأمر الذي استدعى تحايل الأخير من خلال تغيير دينه، للتمكن من الزواج من أخرى.

ثغراتٌ “قانونيّة” منحت مراوغة الرجل شرعيّةً وانسيابيّة لـ”التلاعب بالحقوق”. وأعانته في ذلك قوّة “المال والتدخلات السياسية، وبعض رجال الدين في المحكمة، والمحامين والخبراء والوساطات”.

“إنها دائرة فساد متكاملة”، قالت هدى، التي تناضل منذ 19 عاماً “من أجل حلٍّ عادلٍ للطلاق، بينما وجدت نفسي أقاتل أمام فساد المحاكم الكاثوليكية وتمييزها ضد النساء في قضايا الزواج”.

ابتزازٌ عاطفي وعروضٌ مذهبية مغرية .. حقوق للنساء فرق عملة

بعد مناورة “التشيّع”، فقدَ الزوج خاصّية الاستفادة من الدفاع عن نفسه أمام المحاكم الروحية.

فحاول استقطاب الكنيسة مجدداً، ليطعن بحكم الهجر ويطلب البطلان مجدداً، علّه يُعفى من دفع نفقة زوجته.

وفي حديثها لمنصتنا، لفتت هدى إلى أن “العودة إلى الديانة المسيحية ليست سوى حجة يستخدمها الكثير من الرجال الذين سبق واعتنقوا الإسلام، للتأثير على المطارنة والحصول على البطلان”.

وكشفت كيف يبتز الرجال الكنيسة عاطفيّاً، وهذا ما فعله خصمها، للتلاعب بالأحكام الروحية.

مراوغةٌ تدفع النساء ثمنها. فتذهب حقوقهنّ المادية فرقاً للعملة المذهبية.

“بعد اعتناقه الإسلام، أنجب ولدين. وهو بالتالي يقدّم عرضاً مغرياً للكنيسة، إذ يقترح عودة 3 أشخاص إلى الديانة المسيحية”، قالت هدى مستهزئةً من اعتبار زيادة العدد تلك “مكسباً، أو صيداً ثميناً للدين”.

استطاع الزوج عبر ابتزازه العاطفي-الطائفي أن يوقف النفقة بقرارٍ غير قانونيٍّ، حصل عليه من رئيسٍ في المحكمة الروحية، على حدّ تصريحها.

الأمر الذي أجبرها -بعد أن رُفض اعتراضها- إلى رفع شكوى ضد المطران، وقراره المجحف لدى المحكمة العليا في الفاتيكان.

نظرت المحكمة في الشكوى المقدمة، حتى صدر عام 2008 قرار (اطّلعت منصة “شريكة ولكن” على نصّه) ألزم المطران بالعودة عن توقيف النفقه، واعتباره قراراً غير قانوني.

كما استطاعت هدى، أن تحصل عام 2015 على حكم الهجر، وهو بمثابة الطلاق لدى الطائفة المسيحية، مع تحميل الزوج كامل المسؤولية المادية، على خلاف حكم البطلان.

لأهدافٍ ما، لا يُستبعد ارتباطها بـ”الزبائنية” و”المصلحة المذهبية”، على حدّ اعتقاد هدى، لم تتوان المحكمة الكنسية في لبنان عن التواطؤ مع الزوج المراوغ.

إذ أكدت أن “القرار الأخير المرتبط بحق النفقة بقي مخفياً في أدراج المماطلة والوساطة الذكوية لـ10 سنوات”.

وقالت: “كلما راسلت المحكمة، لا أحصل على أي جواب”. وعلمت عن طريق الصدفة عام 2017 أن نفقتها جارية.

فأضافت: “حين علمت، طالبت المحكمة في روما أن تمنحني حقي المهدور بالمفعول الرجعيّ المتراكم، مع تضخم الفائدة، وهو حقٌّ تكفله لي المحكمة”.

المادة 818 مجدّداً.. أسرار التهرب من دفع الحقوق!

وصل خبر مطالبة السيدة بحقوقها لدى الفاتيكان إلى “الصيد الثمين” أي الزوج “المدلّل لدى صاحبه المطران”.

فمن المنتظر أن تزيد الطائفة الكاثوليكية 3 أفراد حال مباركة مكيدته المذهبية.

فهل نفذت ذخيرة الزوج من التدليس والمراوغة؟ وهل انتهى رصيده لدى الكنيسة التي يفترض أنها ترعى شؤون الطائفة وليس الطائفية؟

وجدت هدى نفسها مجدداً أمام دعوى “بطلان زواج” مقدمة من الزوج، بعد أن أشهَرَ الأخير من جعبته سيف “المادة 818، البند 3” للمرة الثانية.

“الأسباب النفسية” مجدداً، لكن هذه المرة بسيناريو مختلف: الزوج أدان نفسه!

قدرة الرجل على التدليس، وإن كانت فردية، تعكس غطاءاتٍ قانونية وكنسية، تضمن تملّصه من دفع الحقوق المتوجبة عليه.

أن يتّهم نفسه باضطرابات نفسية، ويقدّمها كذريعةٍ ملزِمة بإبطال مفاعيل الزواج بحقوقه ومسؤولياته تجاه شريكته، ليس أمراً معقداً في ظل توفّر خدمة التقارير الطبية المزوّرة.

تزويرٌ سبق ووقعت ضحيته هدى نفسها، في دعوى البطلان الأولى.

وعلى الرغم من تبليغ المحكمة في روما أن الزوجة هي من تولت تربية وتنشئة ابنها بمفردها “بعد إسقاط الحقوق بذريعة الجنون”، إلا أنها أخذت بدعوى “الجنون” بنسختها المحدّثة.

وعبّرت هدى عن اعتقادها بأن “المحكمة في الفاتيكان انضمت إلى لعبة المراوغة والمماطلة، واشتركت في عملية تهريب الرجل من دفع مستحقات الزوجة، بعد تراكم المبلغ بالمفعول الرجعي لأسبابٍ أجهلها وأحتاج لتفسيرٍ بشأنها”.

لم تسبتعد وجود “تواطؤ بين محامين الزوج والمحكمة في روما، كما حدث في حالاتٍ سابقة”، على حد تعبيرها.

“حُلَّت الأمور، وصار متاحاً استصدار قوانين خاصة لتمكينه من التملص من تحمّل مسؤولياته”، قالت هدى مستغربةً سرعة ابتكار مخارجٍ للزوج من قبل المحكمة في روما.

وتساءلت: “كيف أصبح الأمر بهذه السهولة، بعد أن كان معلوماً أن كلّ الدعاوى التي تصل إلى الفاتيكان من رجال غيّروا ديانتهم، يتمّ ردّها لاعتبارهم تخلوا عن الدين المسيحي؟”.

لم تستطع هدى، التي أكدت احترامها لجميع الأديان، إخفاء استنكارها لكل ما مرّت به من تلاعبٍ خلال معركتها القضائية مع الكنيسة.

بعد كل ذلك، لم تنتهِ مناورة “المادة 818” بعد. فالمؤسف، كما أكدت، أن “المحكمة أعطته مجدداً حق الدفاع بذريعة إصابته باضطرابٍ نفسي. على الرغم من أنه سبق أن استخدم هذه المادة مرتين. في استغلالٍ فاضحٍ عزّزه الغطاء الكنسي، واللا مبالاة بسر الزواج وحقوق النساء“.

“ما هي محاكم الكنيسة هذه؟ ما هي العقيدة أو القانون الديني الذي يسمح لهم بسحبي أنا، المرأة الكاثوليكية، وابني، إلى هذا الحضيض، وحرماني من حقوقي لمدة 19 عاماً؟”، تساءلت.

كما أسفت لما اعتبرته “أسبقية المال والمذهبية على الحق والمبادئ في محاكم الكنيسة”، مؤكّدةً أنها ليست الضحية الوحيدة لما أسمته “تجارة بطلان الزواج”.

واعتبرت أن “فضائح الاعتداء الجنسي أظهرت مستوى التستّر والفساد، ولا يختلف الأمر في ما يخص أمور المحاكم”.

كما أكدت أنها لن تتراجع عن الدفاع عن حقها، الذي رفضت معاملته كـ”أداةٍ لترسيخ النظام الأبوي الفاسد”.

وتمنّت أن “تكون المحاكم الكنسية نظاماً للعدالة الدينية، لكن ما نشهده هو نظام فاسد يتجاوز الحدود الجغرافية”.

“الإيمان المحطّم” بالمحاكم الكنسية .. تاريخٌ قديم وامتدادٌ جغرافي

بعد نحو عقدين من “الجرجرة” بين المحاكم الكنسية و”لا حياة لمن تنادي”، قضت محكمة روما بردّ البطلان، ومنحها الهجر بداية العام الجاري.

وبحسب هدى: “هو حكم بديهي، كان يجب أن يصدر قبل 19 عاماً، لكنه استنزف وقتي وجهدي ومالي. وهذا يعرّي الفساد المتمثل بالاستهتار بحق قضايا النساء، والمماطلة لصالح الرجال، من روما إلى محاكمنا الروحية”.

ولم تخرج المحكمة عن تراثها التمييزي ضد النساء، إذ صدر الحكم منقوصاً، ولم يتطرق إلى “الحق المادي، المتضمن للنفقة والمفعول الرجعي المتراكم منذ عام 2008، والمَخفي عني منذ ذلك الوقت بمشاركة الكنيسة”، ما يضعها مجدداً أمام معركة جديدة لملاحقة مستحقاتها المادية المغتصبة.

المرأة التي تركها زوجها “بين عشيةٍ وضحاها لأعتني بابننا بمفردي”، اعتبرت أن معركتها أسدلت الستار أمام أعينها عن “مسلسلٍ تاريخي طويلٍ في المحاكم الكنسية، وامتدادٍ جغرافي غير محدود”.

فالتعسّف الذي طالها ليس استثنائياً، بل أكدت أن “الفساد مستشرٍ، وأدواته كثيرة، ولكن قلة قليلة من النساء الكاثوليكيات، خصوصاً الفقيرات، واللاتي يعشن في مجتمعاتٍ يسيطر عليها الذكور، تحدثن عن ظلم وفساد المحاكم الكنسية”.

“اعتقدتُ أن قصتي كانت واحدة في المليون”، قالت هدى، التي تعتبر أن مفتاح استرجاع الحقوق الدينية المهدورة هو النضال المستمر بوجه ذكورية الرجال والكهنة على حدّ سواء.

واستشهدت بقضية السيناتور جوزيف كينيدي الثاني، “التي تعدّ واحدةً من من أبرز حالات الفساد الكنسي”، حين منحته الكنيسة الكاثوليكية في بوسطن بطلان زواج سريعٍ بذريعة عدم كفاءته العقلية عند إتمام الزواج، ليتمكن من الزواج من عشيقته في أوائل تسعينيات القرن الماضي.

قرارٌ كنسي لم يسقط الزوجة “شيلا روش كينيدي” في فخّ استسلام النساء الذي يعوَّل عليه. فقاومت وثارت إلى أن أجبرت الكنيسة على العودة عن قرارها.

إذ كتبت بعد سنواتٍ من المعاناة كتاباً بعنوان “الإيمان المحطم”، في دلالةٍ على تواطؤ الكنيسة ضد النساء، واندثار إيمانهنّ بعدل القضاء الروحي.

وأكدت أنه “ليست النساء المسلمات فقط من يتعرضن للاضطهاد في قضايا الطلاق، فالمسيحيات أيضاً يتعرضن للإيذاء والعنف الصامت من قبل سلطات الكنيسة”.

وشددت على إيمانها بأنّ “الاضطهاد ليس من خصائص الدين”. كما كشفت أن تجربتها وتجارب العديد من النساء “تفضح أن الظلم جاء نتيجة ممارسات السلطات والمؤسسات الدينية الفاسدة”.

مراسلات كثيرة، وتجاهلٌ متعمّد!

لم تنحصر معركة هدى في الساحة الكنسية، بل جرّتها مراوغات زوجها إلى ساحة الجدال مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.

خاطبت الصرح الشرعي، الذي لطالما أبدى حساسيته من مجادلة النساء حول حقوقهن، وخير دليلٍ على ذلك، سياسة التجاهل المعتمدة طيلة 8 سنواتٍ من انطلاق الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة عند الطائفة الشيعية.

بالعودة إلى هدى، السيدة التي لم تسأم المواجهة والنضال، ككثيرٍ من المناضلات اللبنانيات والعربيات اللاتي رفضن الأحكام الجاهزة المطهيّة فوق ألسنة حقوقهنّ المحترقة. فإنّ أغصان معركتها وصلت فروعها إلى المؤسسات الشيعية الرسمية التي تجاهلت مراسلاتها.

الأمر ليس مستغرباً، فـ”المكاسب المذهبية” التي تحدّثت عنها هدى في الكنيسة، هي نفسها الأطماع الساذجة التي ترنو إليها السلطات الدينية على اختلافها، في دولةٍ أرست دعائمها فوق أعمدة المذهبية والطائفية.

“ما یھمني أن تكن/وا على درایةٍ بمثل ھذه الممارسات الخادعة، التي تشوّه صورة الدین الإسلامي الذي نحترمه”.

كتبت هدى في خطابٍ تفصيليّ (اطّلعت “شريكة ولكن” عليه)، بعثته إلى رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بتاريخ 19 أيار/مايو 2020، سردت فيه حيثيّات “المسرحيّة” التي أدّاها الزوج، وكان الدين الإسلامي أحد أدواته لتحقيق مصالح شخصية لا أكثر.

و”حين كان تغيير الدين ليس بسبب القناعة”، حاججت السيدة الجهة المخاطَبة حول “ما إذا كان هذا التلاعب بدیانات الله، وإساءة استخدام القوانین الدینیة لأغراض مادیة آنية، يعتبر شرعياً ومرحّباً به كونه من رجالٍ”، على قاعدة “الصيد الثمين” و”المكتساب المذهبية”.

هذه الممارسات التي “تسببت بإفقار حیاة العدید من النساء والأطفال والطفلات من الزیجات المسیحیة الأولى، والتي تؤدي إلى وضعٍ غیر عادلٍ وغیر منصف”، دفعت هدى للنضال بكلّ ما أوتيت من عزيمةٍ وإرادة.

فلم تيأس لا من مؤامراتٍ ولا فوقية ولا تهميش ولا حتى “تطنيش/ تجاهلٍ” معتاد لخطابات النساء، مارسه المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تجاه خطابها أيضاً.

فرّقتهن الأديان وجمعهنّ خطر الذكورية ووهنها

تعدّدت الديانات والنضالات، لكن المعاناة ذات وجهٍ ذكوريٍّ ثابت. أصلها متجذّر في المنظومة الأبوية-الطائفية الفاسدة، وفروعها متفرعنةٌ في فضاء المحاكم الروحية والشرعية بكلّ أريحيّة وانبساطٍ وتسلّط.

فمن صرخات نادين جوني التي صدحت بوجه محاكم “جعفرية” سلبتها أمومتها، قبل أن يخطفها الموت من ابنها وعائلتها ومن ساحات النضال، إلى تمرّد فاطمة حمزة، الذي هزّ عرش المحكمة نفسها فسجنتها على ذمّة الأمومة.

وها هي قضية السيدة هدى خوري تفضح تواطؤ الكنيسة مع الرجال، وتُثبت أن النساء وإن فرّقتهنّ “الطوائف” يجمعهنّ خطر “الذكورية” ووهنها.

فما الأديان في دولتنا الطائفية سوى أدواتٍ لمصالح أبوية لا قدسية لها، تُحللّ استباحتها في معادلة قوّة السّلطة. وتُمنح استراحتها في معادلة قوة الحق.

وما بين الاستباحة والاستراحة، تذهب حقوق النساء و”بالجملة” فرق عملة!

 

ملاحظةٌ قد لا يؤخذ بها.. كوني امرأة

لعلّ ما قد يمنحني -ككاتبة هذا التحقيق- الأمل في التهرب من الملاحقة، بعد نسب الأقوال إلى صاحبة التجربة نفسها، هو أمل الحصول على تقريرٍ مزوّرٍ من طبيبٍ نفسي متعاون مع المحاكم الكنسية، يجعلني بشحطة قلمٍ غير مسؤولة عن كلّ حرفٍ كتبته، “لأسباب ذات طبيعة نفسية”، وإذا لم تنطبق عليّ أحكام القانون رقم 818، فيبقى الحلّ في تغيير ديني.

لمَ التزوير؟ لا حاجة لذلك! فأقل ما يُقال في رداءة هذا الحال: جنّنتونا!

كتابة: مريم ياغي

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد