هل تسقط حصانة جيرار ديبارديو أخيرًا ويحاسب على اعتداءاته؟

نشرت وسائل إعلام فرنسية خبر استدعاء شرطة باريس الممثل جيرار ديبارديو، لاستجوابه بقضية اغتصاب واعتداء الجنسي. اتهاماتٌ وجهتها امرأتان تعرضتا لاعتداء جيرار جنسيًّا عليهما، في مواقع تصوير بين عامي 2014 و 2021، على حد شهادتيهما.

وأفادت قناة “بي إف إم تي في” وصحيفة Le Parisien اليومية، أنه تم استدعاء الممثل البالغ من العمر 75 عامًا لاستجوابه في باريس، يوم الإثنين 29 نيسان/أبريل 2023.

اعتداءات جنسية متكررة وعابرة للحدود

قال مكتب المدعي العام في باريس، في بيانٍ نقلته وكالة “أسوشييتد برس”، إنه تم “استدعاء ديبارديو للمثول أمام المحكمة الجنائية” بعد الاستجواب.

وتم التحفظ على الممثل البالغ من العمر 75 عامًا، لاستجوابه من قبل الشرطة في باريس لساعات، يوم الإثنين 29 نيسان/أبريل الماضي. ثم أطلق سراحه في حالة متابعة، لتبدأ محاكمته، حسب البيان في تشرين الأول/أكتوبر، بتهمة الاعتداء الجنسي الذي ارتكب في أيلول/سبتمبر 2021 ضد ضحيتين/ ناجيتين أثناء تصوير فيلم “Les volets verts”. ولم يذكر البيان إسمي الضحيتين/ الناجيتين أو موضوع الدعوى.

وذكرت صحيفة “Le Parisien” الفرنسية أن مصممة ديكور سينمائي تبلغ من العمر 53 عامًا، اتهمت ديبارديو بالاعتداء عليها في موقع تصوير الفيلم سالف الذكر سنة 2021.

ونقلت محامية الناجية كارين دوريو ديبولت تفاصيل الاعتداء. قائلةً إنه “أمسك بها وعجن خصرها وبطنها وثدييها”. وأشارت إلى أنها قدمت بلاغًا إلى مكتب المدعي العام في باريس في شباط/فبراير الماضي حول الاعتداء.

كما قدّمت الممثلة الفرنسية إيلين داراس دعوى ضد ديبارديو الذي اعتدى عليها في أثناء تصوير فيلم “ديسكو” عام 2007، حسب مكتب المدّعين في باريس.

وكان المحققون ينظرون في الشكوى التي يرجّح أنها تندرج ضمن قانون التقادم الفرنسي، ليقرروا ما إذا كانوا سيفتحون تحقيقًا أم لا.

الدعوى التي قدمتها الممثلة إيلين داراس هي الأحدث في سلسلة من الادعاءات والاتهامات التي قدمتها نساء أخريات ضد الممثل الفرنسي المعروف عالميًا في السنوات القليلة الماضية.

كما أعيد في 16 كانون الأول/ ديسمبر الماضي فتح قضية تهمة “الاغتصاب” و ارتكاب “اعتداءات جنسية” في صيف 2018 ضد الممثلة شارلوت أرنولد، عندما كان عمرها 22 عامًا. اعتداءاتٌ سبق أن اتُّهم ديبارديو بها، وتمت متابعتها قبل أن تغلق ويعاد فتحها مجددًا.

ففي نهاية آب/اغسطس 2018، أبلغت المدعية الشرطة عن تعرضها للاغتصاب مرتين في منزل الممثل في باريس. وفُتحت القضية عام 2020 فوجّهت له تهم الاغتصاب لكن تم اخلاء سبيله دون ملاحقات. وهو ما مكنه من الاستمرار في اعتداءاته إلى أن وصل الوقت لمحاكمته مجددًا عليها.

وكانت الدعاوى ضد انتهاكات ديبارديو الجنسية عابرة للحدود. حيث تقدمت الصحافية والكاتبة الإسبانية روت باسا في كانون الأول/ يناير 2023 بدعوى في إسبانيا على دوبارديو تتهمه باغتصابها عام 1995 خلال إجرائها معه مقابلة في باريس لمجلة “سينيمانيا” في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 1995.

وأشارت روت باسا في الدعوى إلى أن دوبارديو الذي كان في السادسة والأربعين، فيما كانت هي في الثالثة والعشرين، عمد يومها إلى “التعدّي” عليها من دون أن تُبدي “أيّ رضى في أي وقت”.

وروت أنها شعرت وكأنها “مشلولة” خلال الواقعة التي أشارت إلى أنها حصلت في مقر شركة “رواسّي فيلمز” السابقة للإنتاج.

الدفاع عن ديبارديو رسميًّا يحميه

في تكرارٍ لمشاهد حماية الرجال النافذين، استفاد جيرار ديبارديو، من حماية سياسية وثقافية كبيرة منذ أن تقدمت العديد من ضحاياه بدعاوى ضده.

ويحصل ديبارديو على حصانةٍ كبيرة بسبب الدعم والتبجيل الذي حققه في الأوساط الفنية الفرنسية، حيث انضم نحو 60 فنانًا/ة فرنسيًّا/ة إلى المدافعين/ات عن جيرار ديبارديو.

واستنكروا/ن، في مقالٍ نُشر في 29 نيسان/أبريل الماضي، ما وصفوه/ وصفنه بـ”إعدام بلا محاكمة” يتعرض له الممثل جراء محاكمته بتهم الاعتداء. بالإضافة إلى استنكار عرض محطة تلفزيونية شريطًا وثائقيًّا عنه، تضمّن تعليقات ذات طابع جنسي، وعبارات مسيئة للنساء خلال مخاطبة عدد منهنّ، وقيامه بتلميحات جنسية تعرضت حتى لفتاة صغيرة تركب حصانًا.

ومن بين الموقعين/ات على هذا المقال الذي نشرته صحيفة “لوفيغارو” المخرج برتران بلييه والممثلات ناتالي باي وكارول بوكيه وشارلوت رامبلينغ والممثلون جاك فيبر وبيار ريشار وجيرار دارمون، والمغنون/المغنيات روبرتو ألانيا وكارلا بروني وأرييل دومبال وجاك دوترون.

ولم يكن أنصار والمدافعين/ات عن ديبارديو من الوسط الفني فقط، بل حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صرّح بمعارضته لخطوة وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك التي أعلنت بأن “إجراءً تأديبيًّا” “سيُطلق لاتخاذ قرار في شأن وسام جوقة الشرف الممنوح سابقًا للممثل الفرنسي، الذي تستهدفه شكاوى بتهمة الاغتصاب والاعتداء الجنسي”.

ودافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الممثل جيرار ديبارديو، مندّدًا بما اعتبره “استهدافًا جماعيًّا” يتعرّض له النجم السينمائي في أعقاب التقرير التلفزيوني الصادم، الذي أبدى ماكرون بالمناسبة “إعجابًا كبيرًا به”.

ليكون السؤال الأهم الذي يُطرح كلما تمت متابعة أحد الرجال النافذين في السياسة والفن، هل يمكن أن تسقط الضحايا/ الناجيات حصانة رجال يتم دعمهم من أعلى هرم في السلطة؟ أم أن جيرار ديبارديو سيتمكن من الإفلات من المحاسبة وتكرار سيناريو متابعته عام 2020، ليكون مثالًا آخر على ارتهان القضاء والدولة في يد المنظومة الأبوية وحماية المعتدين.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد