ممرضات يواجهنّ كورونا بـ 400 ألف ليرة لبنانية شهرياً
الجسم التمريضي تاريخ من المعاناة والتهميش
أكثر من صرخة تردد صداها في ثورة السابع عشر من تشرين، والتي سبقت انتشار جائحة كورونا عالميًا، ونخص بالذكر صرخة المستشفيات تحديدًا في اليوم الثلاثين على انطلاق الاحتجاجات في لبنان، حيث تمَّ تنفيذ إضراب تحذيري ليومٍ واحدٍ على أن يُستتبع بسلسلة تحركات، حال فيروس كورونا دون تنفيذ أيّ منها.
أمَّا سبب الصرخة فكان عدم وجود سيولة لدى المستشفيات، ما انعكس نقصًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، مثل أدوية البنج والمعدات المستعملة في عمليات العظام وغيرها، وحينها تمّ الحديث عن مهلة شهر أو شهر ونصف كحد أقصى وإلا فستقع كارثة صحية كبيرة، علماً أنّ وزارة المال كانت قد أكدت حينها على صرف جميع مستحقات المستشفيات الخاصة والحكومية المحوّلة من وزارة الصحة العامة بالكامل وتحويلها إلى حسابات المستشفيات الخاصة والحكومية في المصارف.
هذه الأزمة الإقتصادية دفعت عدد من المستشفيات إلى الاستغناء عن عدد من الممرضين/ات على قاعدة عدم قدرتها على دفع رواتبهم/ن الأمر الذي أدى إلى تخصيص ممرض/ة لكل 20 مريض/ة، في واقع أنهك الجسم التمريضي بالكامل، خاصة أن المعيار العالمي يقرّ بوجود ممرضة لكل 4 مرضى.
على هذه الأرضية المتزعزعة صحياً التي يرزح تحتها لبنان، اجتاح فيروس كورونا البلاد، وبدأ القطاع الصحي معركته خاليًا من أدوات المواجهة، حيث تعتبر فيه النساء الأكثر تضرراً لاسيما أنّ نسبة الممرضات المنتسبات إلى نقابة الممرضين/ات في لبنان بلغت 79%.
نقيبة الممرضين/ات في لبنان تؤكد لشريكة ولكن أنّ الممرضات في خطر!
تقول نقيبة الممرضات والممرضين الدكتورة ميرنا ضومط إن الممرضات/ين يعملن/ون في بعض المستشفيات في ظل عدم وجود كميات مناسبة من المعدات التي تحميهن/م، ما يشكّل خطراً عليهن/م وعلى الصحة في لبنان، لأنَّ إصابة الممرضات/ين سينعكس على البلاد وسيجعله عرضة لانتشار الكورونا بين بناته وأبنائه.
وفي هذا الإطار طلبت الدكتورة ضومط، من جميع المستشفيات تأمين المواد اللازمة لحماية الممرضات/ين، خاصةً أنَّ غالبيتهن/م يعملن/ون في أقسامٍ مفتوحة، منتقدة أداء بعض المستشفيات في لجوئهنّ/م إلى حجر عدد من الممرضين/ات، الذين/اللواتي يتم الشك بإمكانية إصابتهم/ن بفيروس كورونا على حسابهن/م الشخصي، حيث يتم خصم فترة الحجر من رواتبهن/م، الأمر الذي دفع النقيبة إلى التحرك سريعاً، والتواصل مع وزارة العمل التي أبدت تجاوباً للحد من هذه الممارسات، على أن تتحمل المشافي كل التكاليف.
وباء الكورونا دفع باتجاه إقرار سلسلة الرتب والرواتب
أمَّا فيما يتعلق بواقع رواتب الجسم التمريضي أكدت النقيبة ميرنا ضومط، عن قيام عدد من المستشفيات بالضغط على الممرضات/ين من أجل التوقيع على معاشات قليلة، وحسم 20% من رواتبهن/م، في بدل مادي لا يتناسب وحجم العمل، الأمر الذي أدى إلى هجرة كبيرة في صفوفهن/م، وبالتالي فقدان سوق العمل للممرضات/ين.
هذا الواقع أضيف إليه حرمان الممرضات والممرضين من تصحيح أجورهن/م، بعد إقرار الدولة سلسلة الرتب والرواتب منذ عامين، ليأتي فيروس كورونا ويضغط بدوره على الحكومة، التي أقرّت منذ أيام قليلة ما تبقى من فروقات سلسلة الرتب والرواتب للموظفين والعاملين في المستشفى، والبالغة قيمتها أكثر من مليار و50 مليون ليرة، بالإضافة إلى 950 مليون ليرة السابقة.
والسؤال المشروع هنا لو لم يجتاح كورونا العالم، هل كانت الحكومة اللبنانية لتنصف الجسم التمريضي؟
ممرضات أنصفن وبعضهنّ لا زلن يعانين اقتصادياً ويواجهنَّ التنمر
مسمياتٌ وظيفيةُ كثيرة تندرج في خانة التمريض، وبالتالي المبالغ التي استفاد/ت منها الممرضات/ون خضعت للشهادة العلمية وعدد سنوات الخدمة، إلا أنّ فئة من الممرضات/ين يعانين/ون أكثر من غيرهنّ/م، ولم تنصفهنّ/م السلسلة، التي خصصت لهنّ/م 160 ألف ليرة لبنانية فقط ليصبح متوسط رواتبهنّ/م حوالي مليون ليرة لبنانية فقط، وتم زيادة مبلغ 400 ألف ليرة لمن هنّ/م على تماس مع مريضات ومرضى الكورونا، على أن يُسحب منهنّ/م هذا المبلغ عند انتهاء الجائحة.
وتحدثت إحدى الممرضات من فئة (PN) (PRACTICAL NURSE) مساعدة ممرضة، لموقعنا عن الخطر اللاتي تتعرضن له، فهنّ على تماس مع المرضى وصلة الوصل بينهنّ/م وبين الممرضات/ين، ورغم ذلك فإنَّ رواتبهنّ مجحفة، وباتت لا تلبي متطلباتهن/م اليومية في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان .
شكاوى عديدة وصلت إلى موقع “شريكة ولكن” من ممرضات أكدنّ له أنّه على الرغم من المبادرات المجتمعية التي أطلقت لدعم الجسم التمريضي والأطباء والطبيبات، إلاّ أنهنّ يعانين اجتماعياً، أولاً من تنمّر يطالهنّ على قاعدة أنهنّ مصابات بفيروس كورونا، من خلال الابتعاد عنهنّ والتهرب منهنّ، والسبب الثاني المواصلات ورفض عدد من سائقي السيارات العمومية إيصالهنّ خوفاً من العدوى بفيروس كورونا.
وفي هذا السياق تؤكد النقيبة ضومط أنّ التنمر على الممرضات غير مقبول وتشير إلى أنّ كل انسان مشروع عدوى حتى ثبوت العكس، وأنّ الممرضات هن أكثر مَن يستطعن حماية أنفسهنّ، واتخاذ التدابير التي تمنع نشر العدوى، لافتةً إلى أنّ التعامل مع كورونا يعتبر من أسهل الأوضاع التي تستطيع الممرضات التعامل معها، مقارنة بأمراض أخطر.
النساء كما عودنّنا دائماً كنَّ ولا زلن في الصفوف الأمامية في مواجهة الأزمات واليوم يواجهنّ أزمة كورونا، والأمل يبقى في إنصافهنّ وإحقاق حقوقهنّ الاقتصادية والإجتماعية.