القضاء في لبنان يخفّض مدة عقوبة مغتصب وقاتل لطيفة قصير!

لا ينصف القضاء في لبنان النساء لا في حياتهنّ ولا حتى عند مماتهنّ، وهذا ما ينطبق تماماً على قضية لطيفة قصير الأم اللبنانية لطفلين، والتي قضت خنقاً على يد طليقها ابراهيم الذي اغتصبها بعد ارتكاب جريمته في العام 2010، وتم توقيفه إثرها ومحاكمته بالسجن لمدة 18 عاماً، وما يعني بحسب السنة في القضاء اللبناني التي تحسب بتسعة أشهر، كان من المفترض أن يقضي في السجن 14 عاماً.

اليوم وبعد ١١ عاماً، يتجدَّد حزن عائلة لطيفة مع إطلاق المحكمة سراح القاتل بذريعة “حسن سلوكه” مكتفيةً بـ11 عام من السجن، وإطلاق سراحه قبل 4 أعوام من مدة عقوبته، وذلك بعد نيل القاتل تقريراً من هيئة استشارية اجتماعية ينوه بتجاوبه والتزامه خلال السجن، وبالتالي بات مشمولاً بقانون تخفيض مدة العقوبة، من دون الأخذ بعين الاعتبار أنَّه من أصحاب السوابق في  تعاطي المخدرات والقتل.

هدية جديدة يقدّمها القضاء اللبناني لقتلة النساء، في الوقت الذي يتم فيه المطالبة بتشديد العقوبات، لتكون رادعاً يحميهنّ من العنف الممنهج ذكورياً وأبوياً ضدهنّ.

القرار أثار جدلاً كبيراً دفع المدّعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون إلى توصيه بتجميد القرار وتأجيل تنفيذه، وهو ما لم تتخذ به  محكمة الاستئناف المدنية في جبل لبنان الناظرة في قضايا تخفيض العقوبات، برئاسة القاضية أميرة شحرور حتى الساعة، خاصة أنّها بحسب صحيفة “الأخبار” صاحبة القرار الذي صدر في 22 حزيران الماضي، بأن يخرج القاتل الذي اغتصب طليقته وأمّ ولدَيه وعذّبها لثلاث ساعات قبل أن يقتلها خنقاً، من سدس العقوبة، أي ما يُعادل 36 شهراً من أصل 216 شهراً، «على أن يوضع تحت المراقبة الاجتماعية بواسطة مساعد اجتماعي يعيّن لهذه الغاية (…) وعلى أن يُقدّم طالب التخفيض كفالة مالية بقيمة 200 ألف ليرة».

جريمة قتل لطيفة قصير كانت قد ساهمت في تحريك الرأي العام حول جرائم قتل النساء وكانت من بين القضايا التي ساهمت في إقرار قانون حماية النساء من العنف الذي صدر عام 2014،وها هي اليوم تثير جدلاً حول مسار قضائي جديد قد ينسف نضال سنوات ويشرّع الأبواب امام قتلة النساء للاستفادة من تخفيض العقوبة.

وفي تفاصيل الجريمة فلطيفة قصير الشابة الثلاثينية الهادئة تزوجت بعد تعارف عائلي سريع عام 2000 من ابراهيم طالب العائد من الاغتراب، لتكتشف بعد أقل من سنة على الزواج أنها تزوّجت من معنّف، كان يضربها ويدأب على إهانتها وابتزازها مالياً جراء إدمانه المخدرات، وكان في كل مرة تهرب منه فيها يعيدها إلى منزله.

أنجبت لطيفة منه طفلين (جنى وخليل) وعاشت حياة مريرة كانت خلالها تخاف فيها على ابنيها من تداعيات إدمانه وعنفه الذي لم يوفر الطفلين في مرات عديدة.

رغم لجوء لطيفة لقضاء المحاكم الجعفرية إلا أنّه لم ينصفها ولم يحمها، على قاعدة أن الزوج قادر على فتح منزل وتحمّل نفقته.

بعد عشر سنوات من المعاناة نجحت لطيفة بالحصول على قرار الطلاق بعد دفع مبلغ ماديّ إلا أن ذلك لم يحمها من العنف، فاقتنص لحظة خروج طفليه الى المدرسة، وكمن للطيفة حيث اغتصبها وقتلها خنقاً.

قصة لطيفة لا تختلف الا بالتفاصيل عن قضايا النساء في لبنان مع قوانين الاحوال الشخصية التمييزية ضدهنّ، فلا القوانين تحميهنّ ولا مجتمع يدعمهنّ، ليقتلن يومياً باسم الذكورية والأبوية وفي بعض الأحيان كما في قضية لطيفة يقتلن مرتين.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد