هكذا يستخدم الاحتلال الاسرائيلي “الغسيل الوردي” للتغطية على جرائمه وعنصريته!
لطالما تمّ الترويج للإحتلال الإسرائيلي أمام المجتمع الغربي على أنّه دولة متحضرة، حامية لحقوق الإنسان وجنّة للديمقراطية والحريات. وكان للغسيل الوردي أو ما يُعرف بـ pinkwashing دورًا كبيرًا في تلميع صورة الكيان الغاصب أمام العالم وإخفاء معالم جرائمه ضد الفلسطينيين/ات وعنصريته حتى ضد مستوطِنِيه ومستوطِناتِه أنفسهم/ن كيهود الفلاشا. علمًا أنّ، يهود الفلاشا هم مهاجرين/ات يهود من أصل اثيوبي يعانون/يعانين من كافة أنواع التمييز في مجتمع الاحتلال، الذي لا يعترف بمواطنيتهم/ن بسبب لون بشرتهم/ن ويمنعهم/ن حتى من التبرّع بالدم، ما يعيق تطوّر مجتمعهم/ن و يبقيهم/ن في مجتمع منغلق ومنعزل في مناطق تواجده .
فهل لمن يمارس التمييز العنصري بهذا الشكل ضد يهود الفلاشا ويعتبرهم/ن مواطنين/ات درجة رابعة ويحرمهم/ن من حقوقهم/ن ويستعمل القوة المفرطة ضدهم/ن فقط لأنهم/ن يهود أفارقة، أن لا يمارس مختلف أنواع التمييز؟
اللافت أنَّ حقيقة الاحتلال بدأت تتكشف شيئًا فشيئًا، في ظل العالم الافتراضي وإعلام التواصل الاجتماعي الذي تخطّى بأشواط الإعلام التقليدي التابع مباشرة لجيش الاحتلال، ونجح بإيصال حقيقة هذه الدولة للعالم والتي تستعمل آلتها العسكرية ضد الفلسطينيين/ات العزّل وتمارس التمييز العنصري بكافة أشكاله بحقّهم\ن.
فهل للعالم أن يغفل عن قمع الاحتلال للناشطات الفلسطينيات واعتقالهنّ والاعتداء عليهنّ وطردهنّ من منازلهنّ، وهن اللواتي وصل صدى صوتهنّ إلى أنحاء المعمورة؟
وهنا نذكر مثلًا منى الكرد التي كان لها إلى جانب نساء وفتيات أخريات الفضل الأكبر في وصول قضية حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة ولجم تغوّل الاحتلال في هذا الحيّ الذي يحاول طرد سكانه الفلسطينيين/ات وإعطاء منازلهم/ن للمستوطنين/ات، وهي نفسها التي نجحت الاثنين الماضي في منع الاحتلال من هدم خيم المتضامنين/ات مع أهالي حي الشيخ جراح وهي نفسها ستنتصر غدًا طالما ترافقها هذه الارادة إلى جانب زملائها وزميلاتها في النضال.
فهذه الشابة الفلسطينية وعبر السوشال ميديا نجحت بالكشف عن وجه الاحتلال الحقيقي خاصة للدول الأوروبية، حيث يزعم أنه يدعم النساء، ويصوّر نفسه بأنَّه نظام ديمقراطي يحترم حرية التعبير وحقوق الانسان.
كما رسّخ الإحتلال مشهد عنصريته عبر ممارساته القمعية المستمرة ضد الناشطات الفلسطينيات في مدن أراضي الـ48، وفي الضفة الغربية المحتلة، حيث قتل واعتقل منذ عام 1967 حتى تاريخه أكثر من 16 ألف فلسطينية، ناهيك عن الجرائم والمجازر التي ارتكبها ضد النساء والأطفال في قطاع غزة المحاصر في عدوانه الأخير.
هذا في العالم الواقعي أمّا في الواقع التسويقي، فيعمد الاحتلال الإسرائيلي إلى تسويق نفسه على أنَّه الملاذ الآمن الوحيد للمثليين/ات في الشرق الأوسط، مستعيناً بشركات إعلان عدّة من كافة أنحاء العالم لجذب الـ ”gay couples“ باعتبار الأراضي الفلسطينية المحتلة بيئة آمنة لهم/ن.
ممَّا لا شك فيه أن الاحتلال يستفيد من “الهوموفوبيا” أو ما يعرف برُهاب المثلية السائد والمنتشر في معظم الدول والأنظمة العربية، ويضع نفسه في خانة المدافعين عن حقوق المثليين/ات، عبر العرض على المثليين/ات الفلسطينيين/ات اللجوء السياسي داخل الأراضي المحتلة، وغيرها من الامتيازات المزعومة.
ولكن.. هل صحيح أنَّك اذا كنت فلسطيني مثلي الجنس فهذا سيعطيك امتياز عن باقي الفلسطينيين؟.. طبعًا لا.. فـ”الغسيل الوردي” الذي يستخدمه الإحتلال لا يمكنه أن ينجح في حجب عنصريته وفضائحه، خاصة أن المثلية مثلها مثل باقي الأدوات السياسية التي يستغلّها لسرقة الأراضي الفلسطينية واستيطانها، والجدل والنقاشات والحوارات مع دوائر مثليّة/ كويريّة أو نسويّة فلسطينيّة، لاتزال حول مقاطعة الأنسطة التسويقية التي ينظمها الاحتلال في سياق ما يسمى بـ”الغسيل الوردي”.
فمثليو/ات الجنس الفلسطينيون/ات القاطنون/ات في الاراضي المحتلة عام 48، يتعرضون/ن كباقي الفلسطينيين/ات لأبشع أنواع التمييز العنصري والقمع الممنهج والاعتداء الوحشي من قبل قوات الاحتلال. وهم كالفلسطينيين/ات عموما يُعتبرون/ن خطرًا على دولة الإحتلال، ويهدّدون وجودها ويهوديتها.
بالإضافة إلى ذلك، فان سلطات الاحتلال تجبر الكويريين الذين لجأوا الى داخل الاراضي المحتلة هربًا من الهوموفوبيا في مجتمعاتهم، على التجسس لصالحها ضد وطنهم/ن فلسطين وقضيتهم/ن مهددة إياهم/ن بفضح هويتهم/ن الجنسية أمام مجتمعاتهم/ن.
ففي “عالم الاحتلال الوردي”، حيث التغني المزعوم بالحرية واحترام حقوق الفرد، لا مكان للفرد الفلسطيني .. فمثليو/ات الجنس عليهم/ن أن يختاروا/ن بين هويتهما الجنسية أو الوطنية.
“الغسيل الوردي” اذًا هو من أهم استراتيجيات ايديولوجيا التطرف الاسرائيلية في التمييز والكراهية وإنكار حق وجود فلسطين.. بل هدفه أيضًا تصوير العرب و خاصةً الفلسطينيين كمجتمعات متخلفة غير قادرة على احترام حقوق أفرادها.
هذا “الغسيل” بات صعباً اليوم على الاحتلال الذي لم يعد قادر على تلطيف صورته وتحسينها لدى الغرب والرأي العام العالمي والحقوقي، خاصةً مع بروز مجموعات شبابية كويرية وغيرها، فلسطينية وغير فلسطينية، دأبت وعملت على فضح جرائم الاحتلال وتوثيق انتهاكاته لحقوق الفلسطينيين/ات وأتثبت أنه دولة عنصرية تعمل على التطهير العرقي كلما سنحت الفرصة.
الغسيل الوردي هذا و”بدعة اسرائيل اللطيفة والمتقبلة” تسقط أمام تمييزها الصارخ ضدّ مجتمع المثليات والمثليين والكويريين/ات الفلسطينيين/ات.
فأعلام قوس القزح التي تسعى وتتعمّد “اسرائيل” إظهارها كل عام على شواطىء تل أبيب ومبانيها لا تعكس الواقع على الأرض.. فلندقّق أكثر في الصورة، لنكتشف بذلك الاستنسابية والتمييز… إنَّه احتلال وردي!