رحيل المناضلة المغربية عائشة الشنا

"كل انسان مسخّر لرسالة، وأنا رسالتي حماية الأمهات العازبات"

ودّع/ت المغربيون والمغربيات المناضلة الاجتماعية عائشة الشنا، إحدى أشهر الناشطات في مجال الدفاع عن حقوق النساء في المغرب.

توفيت عائشة الشنا، المعروفة بـ”ماما عيشة”، في 25 أيلول/سبتمبر الجاري، عن عمر يناهز الـ81 عاماً، بعد معاناةٍ مع المرض.

عائشة الشنا.. نصيرة الأمهات العازبات

قضت عائشة الشنا (1941- 2022) حياتها في الدفاع بشراسةٍ عن الأمهات العازبات في المغرب. وسعت إلى تعريف المجتمع بمعاناتهن، ومطالبة المسؤولين بحمايتهن وتمكينهن من جميع حقوقهن.

وفي خطوةٍ كانت تعتبر حينها تحدياً للأعراف في المجتمع المغربي، استمرت عائشة في تقديم الدعم النفسي والقانوني والاقتصادي للأمهات العازبات. ومنحهن الثقة لبناء أنفسهن والاندماج وسط المجتمع بوضعهن الجديد.

وطيلة مسيرتها النضالية، واجهت الراحلة الكثير من الهجوم، والاتهامات بالتشجيع على الفساد.

في هذا السياق، قالت عائشة الشنا في إحدى اللقاءات الصحفية، إن الهجوم “لم يقتصر على المتمسّكين بالأعراف، أو بغير المتعلمين. بل إن بعض الشخصيات المرموقة، وأصحاب الدرجات العلمية المتقدمة، كانوا يصفون نشاطها بالمساعدة على نشر الفساد”.

ونعى/ت الناشطون/ات على مواقع التواصل الاجتماعي “أيقونة العمل الإنساني، ونصيرة الأمهات العازبات في المغرب”.

اللحظة التي خلقت “ماما عيشة”

شكّلت إحدى الحوادث، التي واجهت المناضلة المغربية عام 1981، حين كانت تعمل في مجال التمريض مع وزارة الصحة، صدمةً لها.

فبحسب “ماما عيشة”، كما تناديها النساء اللواتي يلجأن إليها لطلب الحماية والمساندة، دخلت فتاة قروية صغيرة في السن إلى مكتب المساعدة الاجتماعية في الوزارة، تحمل بين ذراعيها رضيعاً كانت ترغب بالتخلي عنه للحصول على المساعدة.

ولأن الطفل “وُلد نتيجة علاقةٍ غير شرعية، ورفض الوالد الاعتراف به”.

وكانت ظاهرة تخلّي الأم العازبة عن رضيعها لوزارة الصحة أمراً شائعاً في المغرب في ذلك الوقت.

وفي مشهدٍ طُبع في ذاكرة المناضلة الراحلة، ورافقها طيلة حياتها، قالت في إحدى اللقاءات الصحافية، إنها تذكر “كيف كانت الأم القاصر تستعد للبصم على ورقة التخلي عن رضيعها/تها، بينما كان/ت الطفل/ة يصرخ/تصرخ وهي تبعده عنها”.

تلك اللحظة كانت مفصلية في تاريخ عائشة الشنا، التي أكدت أنها لم تنم ليلتها.

“أقسمتُ بأن أناضل لوضع حدٍّ لهذا الظلم الاجتماعي”.

ولهذا الهدف، أسست عام 1985 جمعية التضامن النسوي في الدار البيضاء. قدمت من خلالها المساعدة للنساء العازبات وضحايا الاغتصاب.

ومنذ ذلك الحين، تحوّلت “ماما عيشة” إلى رمزٍ لكفاح النساء من أجل النساء في المملكة المغربية والعالم العربي.

وبقيت، على امتداد 4 عقودٍ من الزمن، من أشدّ وأكبر المدافعات عن الأمهات العازبات والأطفال/الطفلات المتخلى عنهن/م، وتوفير الدعم والمأوى لهن/م، باعتبارهن/م ضحايا المجتمع والقانون.

تكريم عائشة الشنا محلياً وعالمياً

حصلت عائشة الشنا على العديد من الجوائز، خلال مسيرتها التطوعية والنضالية.

ففي عام 2009، حازت على جائزة “أوبيس” للأعمال الإنسانية الأكثر تميزاً في الولايات المتحدة الأميركية، بلغت قيمتها مليون دولار.

كما منحها نادي النساء العالمي في فرانكفورت، عام 2005، وجائزة “إليزابيت نوركال”. بالإضافة إلى جائزة “حقوق الإنسان”، من الجمهورية الفرنسية عام 1995.

علاوةً على ذلك، تقلّدت عائشة الشنا العديد من الأوسمة، منها وسام الشرف للملك محمد السادس عام 2000.

ووسام جوقة الشرف من درجة فارس، من قبل الجمهورية الفرنسية عام 2013.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد