إعادة إحياء الجهود نحو إيجاد حلول مستدامة لمشكلة فقر الدورة الشهرية في لبنان

وسط التهميش المستمر لاحتياجات النساء والفتيات في خضم الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يشهده لبنان وخاصةً مع رفع الدعم عن مستلزمات الدورة الشهرية وبعض السلع الأساسية في نهاية العام 2020، نظًمت كل من جمعية في-مايل وبلان انترناشونال لمناسبة “اليوم العالمي للنظافة الصحية أثناء الدورة الشهرية” طاولة مستديرة حوارية بعنوان “فقر الدورة الشهرية في لبنان: إيجاد وتبني حلول مستدامة” برعاية وحضور السيدة كلودين عون، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، سفير استراليا في لبنان أندرو بارنز وممثلات وممثلين عن كل من وزارة الصحة والصناعة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية، البنك الدولي، هيئات الأمم المتحدة في لبنان ومنظمات دولية ومحلية ناشطة في قضايا الصحة الجنسية والانجابية.

وفي كلمتها أكدت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون  أن “حاجات النساء والفتيات قلّ ما ينظر اليها، من ضمن هذه الحاجات المستلزمات الصحية المتعلقة بالدورة الشهرية التي تتيح لهنّ الاستمرار بنشاطهنّ اليومي”. وأشارت في كلمتها إلى التهديد الذي يطال النساء من جراء الازمة الاقتصادية.

وأعربت عون أنه “انطلاقاً من عزم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على النهوض بالنساء في لبنان، ويقيناً منّا، أن استعادة الوطن لعافيته الاقتصادية لن تأتي إلا بمشاركة فعّالة من نسائه، فإنه واجب علينا، نحن المشاركات والمشاركين في هذا اللقاء أن نبذل كل الجهود لإيجاد الحلول لتلبية الحاجات الضرورية للفتيات وللنساء”.

هذه الحلول قد تأتي عن طريق الاصلاح المالي والاقتصادي وعبر تخفيض أسعار مستلزمات الدورة الشهرية وإلغاء الرسوم على إنتاجها أو استيرادها أو استيراد المواد المستخدمة في تصنيعها كما وفي التشجيع على الاستثمار في انتاجها محلياً”.

كما أكّد مدير مكتب بلان انترناشونال في لبنان سافو فيشا في كلمته على “خطورة الوضع الإقتصادي على صحة النساء والفتيات في لبنان”، مشيرًا إلى نتائج جديدة صدرت عن  تقرير “تقييم احتياجات القطاعات المتعددة” مؤخرًا، والتي أفادت أن 52% من الأسر تجد بعض التحديات في الوصول إلى منتجات النظافة أثناء فترة الحيض، مع تسجيل أعلى الأرقام في الشمال (71%) والبقاع (60%) وبعلبك (60 %). وختم فيشا مؤكدًا أن الدورة الشهرية ليست خيار وإنما حاجة بيولوجية، والوصول إلى المستلزمات المرتبطة بها هو حق من حقوق الإنسان، لذا فإنه من الضروري أخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان وصول النساء والفتيات إلى هذا الحق.

كما عرضت مديرة التأثير والمناصرة في منظّمة بلان انترناشيونال راشيل شلّيطا، تفاصيل ونتائج الدراسة الوطنية التي أعدتها منظّمتا “في- مايل وبلان أنترناشيونال” العام الماضي والتي كشفت أن ثلثي النساء والفتيات في لبنان لم يعد بإمكانهنّ الوصول الى مستلزمات الدورة الشهرية نتيجة الارتفاع الكبير للأسعار الناتج عن انهيار العملة اللبنانية. ومن ضمن المعطيات المختلفة التي تضمنها عرض شليطا، برز تغيير 87.9% من المستطلعات في الدراسة لسلوكهن الشرائي لمنتجات الدورة الشهرية لأن الأسعار ارتفعت بشكل كبير، كما أن 36% عانين من أعراض جسدية بسبب عدم تمكنهن من شراء حاجات الدورة الشهرية.

وتبع العرض طاولة نقاش مستديرة مع الجهات المعنية المشاركة أدارتها المديرة التنفيذية لمنظمة في-مايل حياة مرشاد التي أشارت إلى أن “هذا اللقاء اتى من أجل المناصرة وإيجاد حلول مستدامة طويلة الأمد لموضوع فقر الدورة الشهرية، باعتباره حق أساسي للنساء والفتيات المقيمات في لبنان وليس امتياز، وباعتبار أن الجهات المعنية كافة لديها دور أساسي لتلعبه في هذا المجال”. ولفتت مرشاد الى أن “أحد الأهداف الرئيسية التي تسعى لها كل من منظمة بلان انترناشونال وفي-مايل هو إيجاد آلية تنسيق وتعاون بين الوزارات المعنية المختلفة والمنظمات المحلية والجهات المانحة والسفارات. وأن اليوم وبعد تفاقم وازدياد حدة الازمات الاقتصادية والمعيشية بات الوضع أكثر صعوبةً، وبات هناك حاجة ملحة للتفكير في إيجاد حلول استراتيجية وبناءة”، مؤكدة “أن الجهود لن تقف عند هذه الطاولة المستديرة، بل سيتم أخذ كل التوصيات التي قدمت من كل الأطراف المعنية، وتوثيقها وتعميمها والعمل الجدي على خطة واضحة تمهيدا لتطبيقها”.

وقد خلص النقاش بين الأطراف الأساسية المعنية بالموضوع إلى التأكيد على توصيات دراسة منظمتي بلان وفي-مايل بالإضافة إلى تقديم توصيات ومقترحات عملية للتدخلات المستقبلية. ومن بين التوصيات الأساسية تمّ التأكيد على ضرورة المناصرة مع وزارة التربية والتعليم العالي لتضمين المعلومات والمعرفة حول إدارة النظافة الشهرية كجزء من المناهج التعليمية الحالية، وتوسيع نطاق جلسات التوعية حول إدارة النظافة أثناء الدورة الشهرية من قبل جميع الوزارات والمنظمات لتشمل المراهقات والشابات وأولياء أمورهن ومقدمي/ات الرعاية والمجتمع ككل. كذلك، تمّ التأكيد على ضرورة حشد الدعم للوزارات والمؤسسات الرسمية من قبل الجهات المانحة لتتمكن من تطبيق خطط طويلة الأمد خاصةً في ظلّ الأزمات المالية ونقص الموازنات الذي تعاني منه مؤسسات الدولة. وشدّد المشاركون\ات على الحاجة لدعم الإنتاج المحلي لمستلزمات الدورة الشهرية، والنظر في الضرائب الموضوعة على المنتجات والمواد الأولية التي تدخل في عملية التصنيع، بالإضافة إلى ضرورة تعميم المعلومات بين الجهات المختلفة وتعزيز التعاون والعمل المشترك لمواجهة أزمة صعوبة الوصول لمستلزمات الدورة الشهرية.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد