لماذا تتخوّف الناشطات التونسيات من القانون الانتخابي الجديد؟

مكاسب النساء السياسية في تونس مهددة من أصحاب المال

بعد نضالاتٍ كبيرة خاضتها النساء التونسيات، مكّنتن من تحقيق مكتسباتٍ في مختلف الميادين، تستشعر منظمات حقوقية في تونس الخطر، من تراجع مكاسب النساء السياسية، بعد اعتماد قانون انتخابي جديد.

ومن المقرر أن تعتمد تونس، في الانتخابات التشريعية المقبلة، المحددة في 17 كانون الأول/ديسمبر 2022، على نظام الاقتراع على الأفراد بدل القوائم.

القانون الانتخابي الجديد نسف المكتسبات النسوية السابقة

وتتخوف ناشطات ومنظمات حقوقية من تراجع مقاعد النساء في البرلمان، مع اعتماد القانون الانتخابي الجديد.

في هذا السياق، اعتبرت عضوة “الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات”، النائبة السابقة بشرى بالحاج حميدة، أن “القانون نسف كل المكاسب السابقة”.

ورأت أنه “سيقصي الفئات الهشة والنساء والشباب والشابات. كما سيمكّن أصحاب الأموال فقط من الصعود إلى البرلمان”.

وقالت إنه “سيغذي الصراعات العروشية القبلية”، وأشارت إلى أن “من يملك المال هو من سيفوز”.

من ناحيتها، أوضحت رئيسة “الجمعية التونسية للقانون الدستوري” سلوى الحمروني، أن “شرط جمع التزكيات بالتناصف بين الرجال والنساء، هو بمثابة عقوبة ضد النساء”.

ولفتت، في مقابلة إذاعية محلية، إلى أن “المهمة ستكون صعبة على النساء، لأن دخولهن إلى الفضاء العام أصعب مقارنةً بالرجال”.

ويضع القانون تحدياً آخر أمام المترشحات، إذ يتعين عليهن، مثل المرشحين الذكور، جمع عددٍ لا يقل عن 400 تزكية من الناخبين/ات.

تعزيز فرص أصحاب المال على حساب النساء

وفي سياقٍ متصل، أوضح ائتلاف “الديناميكية النسوية”، المكوّن من 10 منظمات نسوية، أن “اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد من دون ضبط ضمانات تتيح للنساء مشاركةً واسعةً وفعلية، يعد خرقاً جسيماً لأحكام الفصل 51 من الدستور الجديد”.

وحذرت المنظمات، في بيانٍ مشترك، من “فتح الباب أمام إقصاء النساء من الترشح مقابل تعزيز فرص أصحاب الوجاهة والمال المبني على علاقات القرابة، وعلى العروشية والزبونية”، مع إقرار القانون بـ”حذف التمويل العمومي للحملات الانتخابية”.

التعارض مع مبدأ التناصف الذي يكفله الدستور

أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد، في 15 سبتمبر/أيلول 2022، قانوناً انتخابياً جديداً، لتعويض القانون الانتخابي، الذي وُضع بعد الثورة التونسية سنة 2011.

واعتُبر نشر القانون قبل 3 أشهر فقط من موعد الانتخابات التشريعية، “تشكيلاً للقانون على القياس، ومحاصرةً لهامش التحرّك، ومن شأنه أن يحدّ من المنافسة”.

كما عُدّ القانون متعارضاً مع الدستور الجديد، الذي صُدّق عليه في استفتاء شعبي في 25 تموز/يوليو 2021.

ونص على أن “الدولة تسعى إلى تحقيق التناصف بين النساء والرجال في المجالس المنتخبة”.

يشار إلى أن مبدأ التناصف بين النساء والرجال في القوائم الانتخابية، مكّن في انتخابات 2014 النساء من الفوز بنسبة زادت عن 34% من مقاعد البرلمان.

وفي حين كانت تعد هذه النسبة من بين الأعلى في العالم، تراجعت عام 2019 إلى 26%.

وتتخوف منظمات نسوية من أن فرص تحقيق نسب مماثلة، مع التعديلات الجديدة التي تضمنّها القانون الانتخابي المقرر اعتماده، ليس مضموناً.

وتُفاخر تونس بأنها من بين أول الدول التي منحت حقوقاً متقدمة ومحررة للنساء، منذ خمسينات القرن الماضي مع بناء دولة الاستقلال.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد