السلطة الأبوية تلاحق المرشحات للانتخابات النيابية في لبنان.. “لا يمثلن العائلة”

تستمر السلطة الأبوية في ابتداع أوجه القمع ضد النساء، وملاحقتهنّ بشتى الطرق. ليست المرة الأولى التي تُحارب فيها المرشحات للانتخابات النيابية في لبنان، ويتم استخدام أساليب التخوين والتسقيط بحقّهن.

سارة زعيتر، وديمة أبو ديه، مرشّحتان لبنانيتان كشفتا بترشحهما عن مدى استفحال تحكّم السلطة الأبوية بالنساء، ومحاولتها قمعهن والاستهانة بقدراتهن.

ترشّح ديمة “لا يعبر عن هوية عائلة أبو ديه”، و سارة “لا تمثّل العائلة”. بيانات سارعت العائلتان إلى إصدارها في محاولةٍ لتقويض فرصة فوز المرشحتين، بعد أن هزتا المنظومة الأبوية وخرجتا عن بيت طاعتها.

هذه الديكتاتورية التي يمارسها من نصّبوا أنفسهم “أوصياء” على أفراد العائلة والعشيرة، خلّفت موجةً من الاستنكار المقابل لما تحمله من اضطهادٍ ومصادرة للرأي الآخر، في إطار حقٍّ مشروعٍ تكفله القوانين والأعراف.

ولاقت المرشحتان تعاطفاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لما اعتُبر استفزازاً لا يمت للعملية الديمقراطية بصلة.

كما رأى بعض مستخدمي/ات مواقع التواصل الاجتماعي أن موجة الاستنكارات التي طالت المرشحتين، ليست بالضرورة أن تمثل رأي عائليتهما. واعتبروا أن البيانات الصادرة لا تعبر عن رأي العائلتين بمجملها.

العصبية العشائرية والأبوية في بيان.. “سارة زعيتر لا تمثلنا”

على ما يبدو، أثار ترشّح سارة زعيتر حفيظة بعض المتعصبين للعنصرية العشائرية والأبوية. فسرعان ما خرج بعض أبناء عشيرتها ببيانٍ مستنكرٍ لترشحها، اختصر في سطوره تسيّد الولاءات القبائلية والعشائرية والأبوية.

إذ أشار بيان، نُسب لعشيرة آل زعيتر، إلى أن “المرشحة عن المقعد الشيعي في ​دائرة البقاع الثالثة​ (​بعلبك الهرمل) سارة منصور زعيتر، لا تمثّل العائلة”.

ولفت إلى أنها “تمثل من رشحها في حركة مواطنين ومواطنات”. وأكد أن “العائلة تبقى وفية لنجلها عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ​غازي زعيتر​”.


في المقابل، لاقت سارة دعماً من قبل روّاد/رائدات السوشيال ميديا، الذين/اللواتي رأوا/رأين في هذا البيان امتداداً للتبعية العمياء والمحاصصة الحزبية التي تمارسها السلطة الطائفية والأبوية.

ديمة أبو ديه: “هذا يتطلب الجرأة والعزم”

أتى ترشّح ديما أبو ديه عن المقعد الشيعي على لائحةٍ مدعومة من حزب القوات اللبنانية خارجاً عن المألوف. اعتبر البعض أن هذا الترشّح من قبل سيدة تنتمي إلى الطائفة الشيعية مستفزاً. وذلك نظراً لخروجه عن التبعية المألوفة، في زمن الترشيحات الطائفية والمذهبية والحزبية.​

أبو ديه، التي تحدت بترشّحها القوالب النمطية المحضّرة سلفاً، واجهت استنكاراً أيضاً بسبب ترشحها، وصلت إلى حدّ تبرؤ بعض أفراد العائلة.

وانقسمت الآراء بين من رأى/ت أن في ذلك محاولة لقمع الرأي الآخر، وبين من وصل/ت إلى حد تخوينها واستخدام التحريض العائلي للتسقيط من خطوتها.

فاستنكرت عائلة “أبو ديه”، في بيان، ترشح ديمة الذي اعتبرته “لا يعبّر عن هوية عائلة آل أبو ديه ومسيرتها النضالية”.

ووصف البيان “العائلة بأنها واحدة من عائلات البقاع الممتدة على مساحة الوطن، وكان لها شرف المشاركة بتحرير الأرض من شتى صنوف الاحتلالات وفي مختلف أحزاب المقاومة ابتداءً من الاحتلال العثماني إلى الإسرائيلي”. في إشاراتٍ ضمنية تخوينية وتسقيطية من خطوة ديمة التي لا تتناسب مع مسيرة العائلة التي “ما زالت تقدم صورتها المقاومة والداعية إلى الوحدة والتعايش”، على حدّ البيان.

من ناحتيها، أكدت ديمة على أهمية “دور المرأة في المجتمع وضرورة تفعيله وتركيزه وتعزيزه، على رغم انشغالات الشعب بظروف أخرى”. ولفتت إلى أنها “أول إمرأة تترشّح عن هذا المقعد في زحلة، وهذا يتطلب الجرأة والعزم”.

وناشدت المواطنات والمواطنين لأن ينتخبن/وا “الوطنية وليس الطائفية”.

فيفتي فيفتي تستنكر العنف الممارس ضد المرشحات

من جهتها، أعربت منظمة فيفتي فيفتي عن تضامنها مع المرشحتين، ورفضت الأساليب العنصرية والذكورية في محاربتهما.

واستنكرت المنظمة “العنف الذي يمارس بشتى الوسائل على المرشحات النساء في كافة المناطق”. وأسفت لأنه “في 2022 لا يزال هناك قمع لحرية التعبير والاختيار وتسيير لقرارات الناس بما يتماشى مع جهة معينة فقط”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد