“الجديد” وهوس الـ”الرايتنغ”.. سبق صحفي على حساب أمن وسلامة الناجيات من الاغتصاب

مرّةٌ جديدة تلهث قناة “الجديد” اللبنانية وراء إثارة الرأي العام، ومداهنة الحقائق عبر إضفاء طابع فضائحي، بهدف زيادة عدد مشاهداتها.

فـ”الرايتنغ” هو الهدف، وإن تطلّب الأمر انتهاك خصوصية الأفراد. وهذا تحديداً ما حصل خلال تقريرٍ بثّته القناة، تناول قضية الاغتصاب التي تعرضت لها امرأة أثناء ممارستها للرياضة في الواجهة البحرية لبيروت.

إذ نشرت “الجديد”، على غير وجه حق، تفاصيل خاصة بالناجية، في اختراقٍ واضح لخصوصيتها وحقّها في عدم الكشف عن هويّتها أو معلوماتها الشخصية.

وشهّرت القناة بمعلوماتٍ شخصية مثل جنسيتها وعمرها ومهنتها، نقلتها عن “مصادر أمنية”، متجاهلةً الأثر الذي قد يخلّفه ذلك على أمن الضحية وسلامتها الجسدية والنفسية، بدلاً من تقليل الضرر.

إضافةً إلى ذلك، قلّلت قناة “الجديد” من هول الجريمة.

ففي حين وصفت الحديث عن وقائع الاغتصاب بالـ”تضخيم”، سلطت الضوء على شهادات تقارن بين معاناة النساء والرجال.

واعتبرت أن الخطر واحدٌ على الطرفين، متجاهلةً الخطر المضاعف الذي يتعرضن له بناءً على نوعهن الاجتماعي والجندري وخصوصية تجاربهنّ.

وهذه ليست المرّة الأولى التي تُبدّي فيها “الجديد” السبق الصحفي و”الرايتينغ” على دورها الأساسي، كإحدى أكثر الوسائل الإعلامية متابعةً في لبنان.

كما أنها ليست المرة الأولى التي لا تتوخى الحساسية الجندرية في تغطية ومعالجة قضايا المجتمع. لا سيما تلك التي تخصّ الفئات المهمشة والأكثر ضعفاً فيه، وعلى رأسها النساء.

فباتت معروفة بضربها عرض الحائط بالقواعد الإعلامية وأخلاقيات المهنة في تغطيّاتها للقضايا الاجتماعية والحقوقية. ناهيك عن استخدامها لغة التهميش أو التحريض ضد الفئات المستضعفة، كالنساء المعنّفات والأفراد الكويريات/ين واللاجئات/ين وغيرهم/ن، في بلدٍ يعاني أصلاً من قصورٍ في القوانين عن حمايتهن/م.

لوم الناجيات بدل تصديقهن

وكانت مصادر صحفية كشفت عن تعرّض شابة للاغتصاب في منطقة “البيال” في بيروت، وتحديداً في النقطة القريبة من “كيدز موندو”.

وحرصت المصادر عند نشر شهاداتٍ حول الجريمة على حماية معلومات الناجية الشخصية، نزولاً عند رغبتها.

في حين أشارت الصحافية ليلى مولانا ألين عن تواصل وسائل إعلامية لبنانية معها، خلال الـ24 ساعة الأولى على الجريمة، لطلب تفاصيل شخصية تخص الناجية.

وندّدت بنمط “لوم الناجيات” الذي يتباه الإعلام، على مبدأ عدم تصديق الجريمة إلا بالحديث المباشر مع الناجية.

كما طلبت من الإعلام احترام حالة الناجية النفسية.

وسبق أن كشفت الصحافية، عبر “تويتر”، أن الناجية “تعرّضت للاعتداء الجنسي والجسدي أمام الواجهة البحرية في بيروت، أثناء ممارستها للرياضة”.

ولفتت إلى أنها “أُصيبت بجروحٍ بالغة، وبالكاد نجت من الجريمة”.

المعتدي في قبضة القوى الأمنية.. “عند مقاومتها له، حاول خنقها”

في سياقٍ متصل، ألقت شعبة المعلومات القبض على المشتبه به في الاعتداء.

وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أنه تم “شعبة المعلومات توصلت إلى تحديد مكان إقامة المشتبه به في محلة الكرنتينا”.

وقالت، في بيان، إن المعتدي “يدعى م. م. ، وهو من مواليد عام 1993”.

وأكد البيان “توقيف المعتدي، وضبط الدراجة الهوائية التي كان يستقلها وقت حصول الاعتداء”.

وأضافت إنه “بالتحقيق معه، اعترف أنه أقدم على محاولة اغتصاب المواطنة البريطانية في محلة الواجهة البحرية في البيال، حيث قام بتمزيق ثيابها”.

وتابع أنه “عند مقاومتها له، أقدم على محاولة خنقها وكمّ فمها”.

وأشار المغتصب إلى أنه “خلال مرور عدد من الأشخاص، فرّ من المكان على متن الدراجة الهوائية التي ضبطت بحوزته”.

كما اعترف أنه “منذ حوالي 8 أشهر يقوم بملاحقة الفتيات بهدف التحرش بهن وملامسة أجسادهن وتحديداً الفتيات من الجنسيات الأجنبية ضمن مناطق الجميزة، والجعيتاوي، والروشة، والبيال، ومار مخايل، وكورنيش النهر”.

وأنه “نفّذ أكثر من 30 عملية تحرش”.

وأثارت هذه الجريمة مخاوفاً واسعة حول أمن النساء والفتيات في الشوارع والأماكن العامة في لبنان، سيّما مع تصاعد الأزمات في البلاد وتزايد المخاوف من استمرار مصادرة المساحات العامة من النساء والفتيات، في محاولةٍ لاستضعافهنّ وتهديد أمنهنّ وحيواتهنّ فيها.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد