لينا أبيض: أنا نسويّة وواقع المرأة موجع ومؤسف

قدّمت المخرجة لينا أبيض عملين مسرحيين ضد تعنيف النساء، نظراً لأهمية هذه الموضوع وجدّيته، الأول تحت عنوان “هيدا مش فيلم مصري” والثاني “بس أنا بحبك”. تعتبر أبيض أنّ كل فنان يهوى مواضيع  ويتبنى قضايا إجتماعية يحبّ الإضاءة عليها، وترى أنّ كل ما يتعلّق بالنساء مهم  بسبب التمييز الكبير والواضح الحاصل ضدهن. في الفترة الأخيرة، عرضت أبيض مسرحية عن نصٍّ لإميلي نصر الله بعنوان “طيور أيلول” وأعلنت أنها نسوية… هل تجد نفسها نسوية؟ وهل شعرت بالغبن وهل تعرضت لتمييز جندري؟ إليكم\ن التفاصيل في هذه المقابلة الخاصة لموقع “شريكة ولكن” مع أبيض.

ـ هل ترين أن هناك تمييزًا جندريًا ما يزال قائمًا ضدّ النساء؟ هل لديك تجارب خاصة في هذا الموضوع؟

التمييز الجندري موجود ونحتاج إلى أجيال تعمل بشكل دؤوب لفترات طويلة للوصول إلى توازن بين النساء والرجال. ليس لدي تجارب خاصة أو شخصية بسبب وضوحي في كيفية تقديم نفسي، و”صيتي” يسبقني، أي أن الناس يتنبهون حين يوجهون الحديث إليّ في موضوع يتعلّق بالنساء والمساواة.

 التمييز الجندري موجود ونحتاج إلى أجيال تعمل بشكل دؤوب لفترات طويلة للوصول إلى توازن بين النساء والرجال

ـ تحاولين دوماً كسر التابوهات من خلال مواضيع تتعلق بواقع المرأة في مسرحياتك… لماذا؟

أكسر التابوهات بالنسبة إلى علاقة المخرج بالممثل والعكس صحيح وعلاقة الممثلين ببعضهم البعض، لكن الجمهور قد لا يرى هذا الأمر، ودور المسرح في الأساس هو كسر التابوهات إذ أنه مكان نتحدث فيه عن أمور لا يمكننا التطرق إليها في المجتمع، وفيه نتحدى الذات والمجتمع. أجده ماكينة سياسية يمكن أن نعالج من خلالها المواضيع ونحاورها. نعيش في مجتمع ما زال يعاني العديد من المشاكل، هناك وحشية فظيعة في لبنان، الالتزام بالقيم يتراجع وهذا تابو ومهم جدًا أن نتحدث في هذه المواضيع. لا أتصوّر أنّ لدينا رفاهية عدم الحديث عن مواضيع جدّية ومهمّة. يومياتنا في بيروت باتت بشعة جدًا، لذا أقوم بمجهود لخلق جماليات في المسرح، كي يدخل المشاهد ويرى ما هو جميل. لديّ أسلوب مختلف عن المخرجين فأسلوبي ديمقراطي جدًا، أحترم الآخر إلى أبعد حد والاحترام متبادل ورفيع المستوى.

ـ على أي أساس تختارين مواضيعك؟

لا أختار مواضيع بل مسرحيات أو نصوص تتحداني، ما تحداني في عملي الأخير “طيور أيلول” هو رغبتي في مسرحة هذا النص منذ فترة طويلة أو بالأحرى كنت أريد العمل على نص لإميلي نصر الله. قرأت كل أعمالها خلال الصيف وأحببت “طيور أيلول” لأنّ قصصها قوية جدًا والمواضيع التي تتطرق إليها مهمة. التحدي هو بالعمل على نص صعب جدًا في المسرح أي تحويل نص غير مسرحي إلى نص مسرحي… المواضيع التي تهمني منها: الجندرية، العذرية، تعنيف النساء، اختيار الزوج، تزويج الفتيات في سن مبكرة…

المواضيع التي تهمني منها: الجندرية، العذرية، تعنيف النساء، اختيار الزوج، تزويج الفتيات في سن مبكرة…

– أعلنت أن “طيور أيلول” نسوية بامتياز. ما هو تعريفك للنسوية وهل تعرّفين عن نفسك كنسوية ولماذا؟ من أي زاوية تتناولين رواية إميلي نصر الله؟

اخترت تسليط الضوء على المواضيع المتعلقة بالمرأة بطريقة صادمة، النص لا يوحي بأنّه عنيف إلى الدرجة التي استخدمتها على المسرح. حوّلت النص ليصبح نصًا نسويًا بامتياز، هي قصة أربع فتيات يرغبن بعيش قصة حب، ولن يحققن هذا الحلم لأسباب مختلفة. هؤلاء النساء لديهن قصص مريعة، على الإنسان أن يختار الشخص الذي يعيش معه. ما زالت هذه القضايا تحصل في يومنا هذا. من الجيد أنّ إحدى الفتيات تريد أن تتعلّم وتقرأ وأن لا تكون “فقاسة أولاد” فقط لا غير وستتعلم وبالنسبة إليّ هي إميلي نصر الله. مهى نصر الله قارئة مميزة لإميلي والدتها أرتني نصوصًا تقول فيها إميلي إنها ليست كاتبة نسوية في حين أعتبر أنّ العكس صحيح، لأن لديها نظرة للإنسان. قراءتي نسوية لأن هذا ما يهمني، بسبب العنف الواقع على المرأة والكبت الجنسي وكبت المشاعر. هناك نساء يتم إسكاتهن في بيوتهن من أزواجهن. وضع المرأة مأساوي ولم تصل إلى حقوقها حتى اليوم. أعمار الممثلات تتراوح بين 17 و21  سنة وهن شعرن بأن النص يتحدث عنهن وعن محيطهن. نحاول تقديم المسرحية بطريقة حديثة مع أنها قصص قرية وليس لديّ أي انتماء للقرية. هناك تماهٍ ومحاكاة بين نص إميلي ونصنا نحن اليوم، قدمناها وكأننا نجري تمارين للمسرحية، النص معاصر وقوي والأهم أنه من خلال هذه المسرحية هناك من يخبر قصته وتجاربه خلال عرض المسرحية.

قراءتي نسوية لأن هذا ما يهمني، بسبب العنف الواقع على المرأة والكبت الجنسي وكبت المشاعر. هناك نساء يتم إسكاتهن في بيوتهن من أزواجهن. وضع المرأة مأساوي ولم تصل إلى حقوقها حتى اليوم.

– هل تجدين أن هناك غبنًا يطال النساء في عالم المسرح؟ وعلى أي أسس؟

فكرة الغبن مهمة جدًا لأن المرأة في أي مجال كانت تقوم بمجهود ليتعامل معها الآخرون بطريقة جدّية كفرد لديها مهنة وأفكار. الغبن يطال كل المجالات بما فيها المسرح. النساء يقدمن مجهودًا كبيراً وملحوظاً مقارنة مع الرجال، وبعض النساء لا يتكاتفن ويدافعن عن بعضهن، يجب على النساء أن يتحدن ويدافعن عن بعضهن البعض ويدفعن بعضهن قدمًا. ويساعدن بعضهن. الوضع موجع ومؤسف.

– هل لديك أية مشاريع أو نيّات مستقبلية للإضاءة على قضايا النساء وحقوقهنّ؟

أحضر لعمل مع نساء سوريات والموضوع هو لقاءات مع نساء سوريات قبل الحرب، وذكريات عن سوريا قبل الحرب ومن كل النقاشات والحوارات لفتتني جملة صغيرة قالتها معلمة لطفلة صغيرة “انت مزهرية”… أنت في بيت أهلك مزهرية وستذهبين إلى بيت زوجك مزهرية وتقول “أنا لست كذلك”. سأسلّط الضوء على نساء مقموعات يتحولن إلى عاملات في أماكن مختلطة.

 

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد