وسائل إعلام في لبنان… ع«غير كوكب»

في تشرين الثاني ٢٠١٠ أطلّت الدكتورة ساندرين عطالله على شاشة “المؤسسة اللبنانية للإرسال” ضمن برنامج “لازم تعرف” مع لبيب غلمية أخصائي “أمراض نسائية وتوليد” للحديث عن الثقافة الجنسية وتقديم  إرشادات صحية ونصائح جنسية.

البرنامج، استمر لموسمين (وكان سيستمر لولا الضائقة الاقتصادية التي عانت منها المؤسسة الإعلامية للإرسال حينها) شكّل نقطة تحوّل في عالم البرامج التلفزيونية، مادفع عدد من القنوات في البلدان العربية إلى إطلاق برامج مماثلة.

المتابع للتعليقات في حينها يدرك تماماً حجم التناقض والشيزوفرينيا المجتمعية في النظر الى هذه البرامج، فمن جهة هي “إباحية” “خطيرة” و”تستهدف تخريب مجتمعاتنا”، هي “فسق وفجور” … ومن جهة أخرى كان حجم المتابعة العالي يظهر الاهتمام بمضمون ما يُطرح بعيداً عن الخوض في تفاصيل الدوافع التي تأتي الحاجة المعرفية أوّلها.

كان برنامج “لازم تعرف” في بداية انطلاقته صدمة في عالم ذكوري يجد في الرجل فحولة كاملة لا حاجة له لأي معلومة أو تثقيف جنسي، فهو الكامل هو صاحب القدرة الجنسية الخارقة التي يتغنى بها في جلساته! فالمجتمع الذي يخشى من زيارة طبيب نفسي ويعتبرها عيباً هل سيتقبّل فكرة الذهاب من أجل العلاج الجنسي؟

بين الأمس واليوم ما الذي تغيّر؟

إرادة الدكتورة ساندرين بعد أكثر من 10 أعوام كانت الثابت الإيجابي الأبرز  وهي التي درست الطب العام في لبنان، ثم تخصصت في مجالي العلاج بالتنويم المغناطيسي والطب الجنسي في فرنسا، وحين عادت إلى لبنان من فرنسا عام 2007، كانت أوّل طبيبة تفتح عيادة للطب الجنسي في البلاد.

أمّا المتغير فهو ما عكسه ردود الفعل على حلقة برنامج “عغير كوكب” التي ظهرت فيها الدكتورة ساندرين وتعرّضت خلالها للتنمّر في حوار خالي من كلِّ المعاني المهنية الإعلامية.

وهنا تحدثنا الدكتورة ساندرين فتبدي دهشتها من حجم المساندة وردود الفعل التي لمستها في معرض الدفاع عنها والتنديد بطريقة الحوار، رافضة الخوض مجدداً في تفاصيل ماجرى على قاعدة أنَّ الموضوع أخذ حقَّه من التفاعل، وأن الرأي العام عبّر عن رأيه بصراحة كبيرة، في ردِّ فعلٍ، يُثبت أنَّ المشاهد/ة يدرك جيداً المادة التي يتلقاها، وأن البنية التحتية التي أرساها النضال النسوي على مدار أعوام طويلة أسهمت في كسر التابو المتمثل بجسد النساء وقدرة النساء على الحديث عن الجنس، ونجحت في الحد من الاستهلاك الاعلامي الرخيص للثقافة الجنسية، رغم محاولات وسائل الإعلامية المستمرة.

الدكتورة ساندرين عطالله… لن أشارك في أي برنامج تلفزيوني إلا إذا…

تؤكد الدكتور ساندرين لموقع “شريكة ولكن” أنَّ ما جرى معها ليس المرة الأولى فقد تعرّضت للتنمر في عدد من المقابلات التلفزيونية، والتي كانت تحاكمها كمذنبة ولا تحاورها كطبيبة متخصصة هدفها التوعية حول الصحة الجنسية وتؤكد أن ما واجهته دفعها إلى عدم الظهور في قنوات مجدداً من دون دراسة كافة التفاصيل.

فهل ما رُصِد من ردود فعلٍ سيدفع القائمين على البرامج الحوارية في وسائل الإعلام اللبنانية إلى إعادة حساباتهم في التعاطي مع الضيفات، وفي وضع حد لإفلاسهم الإعلامي ومحاولة كسب “الرايتينغ” على حساب النساء وتنميط صورتهنّ والإساءة إليهن؟

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد