استدعاء حياة مرشاد للتحقيق.. إنّها معركة انتزاع الحريّات وتصديق الناجيات

في محاولةٍ جديدة لقمعِ الصحافيات/ين وكم أفواههنّ/م، استدعى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة وحماية الملكيّة الفكريّة، رئيسة تحرير منصّة “شريكة ولكن”، والمديرة التنفيذية لمنظّمة “FEMALE”، الصحافية والناشطة النسويّة، حياة مرشاد، للمثول أمامه يوم الخميس الواقع فيه 1 حزيران/يونيو المُقبل.

وطلب المكتب التابع لقوى الأمن الداخلي، مثول حياة مرشاد أمامه، استجابةً لشكوى “قدح وذمّ” مقدّمة بحقّها من قِبل المخرج المسرحي جو قديح.

جاء ذلك على خلفية مطالبات أطلقتها “شريكة ولكن”، في نيسان/أبريل الماضي، لمقاطعة مسرحيّة من كتابة قديح وإخراجه، كان من المقرّر عرضها على مسرح مونو، تضامنًا مع عدد من الناجيات اللواتي كشفنَ تحرُّش قديح الجنسي والجسدي المتكرّر بهنّ.


وفي مخالفة صارخة للقانون، يُصرّ المحامي العام الاستئنافي في بيروت، القاضي زاهر حمادة، على مثول الزميلة حياة مرشاد للتحقيق معها أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، رغم إبرازها بطاقة عضويتها في نقابة محرّري/ات الصحافة اللبنانية، وإثباتها أنّ الدعوى تتعلّق بعملها الصحفي.

ويُشكّل هذا الإجراء انتهاكًا فاضحًا لحقوق الصحافيات/ين، فمن خلاله يُخالف القاضي حمادة قانون المطبوعات، خصوصًا المادتيْن 28 و29، اللتين تنصّا على أنه إذا اقتضت دعوى المطبوعات تحقيقًا مع الصحافي/ة، “فعلى قاضي التحقيق أن يقوم به”.

نشدّد على حقّ الزميلة حياة مرشاد في عدم الامتثال للاستدعاء كونها صحافية بالدرجة الأولى، والجهة الوحيدة المخوّلة لمتابعة مثل هذه القضايا هي محكمة المطبوعات. وعليه، كان المحامي الموكَّل بمتابعة القضية، فاروق مغربي، توجّه يوم الخميس الواقع فيه 11 أيار/مايو الجاري إلى مكتب جرائم المعلوماتية لإبلاغه بقرار عدم المثول.

وبدلًا من القيام بواجبه في تنفيذ القوانين التي ينصُّ عليها الدستور اللبناني، استدعى مكتب جرائم المعلوماتية، الزميلة حياة مرشاد، مرّةً ثانية بسبب رفضِ القاضي زاهر حمادة قرار عدم مثولها أمام المكتب، وطلب حضورها غدًا الخميس الواقع فيه 25 أيار/مايو.

ولكن نظرًا إلى أن هذا التاريخ يصادف عطلة رسميّة في لبنان، تم تأجيل الامتثال إلى يوم الخميس 1 حزيران/يونيو المُقبل.


نطالب القضاء اللبناني بلعب دوره البديهي في تأمين الحماية للنساء، وتحقيق العدالة للناجيات من التعنيف الممنهج والممارس بحقهنّ من قبل المعتدين والمتحرّشين والمغتصبين، بدلًا من استدعاء الصحافيات اللواتي يكشفنَ هذه الممارسات والجرائم.

كما نسأل النيابة العامة التمييزية البت بالطلب الذي تقدّم به وكيل الزميلة حياة مرشاد، وحثّ المحامي العام الاستئنافي للرجوع عن إشارته.

نعتبر أن هذا الإجراء هو استكمالٌ للحملة المُمنهجة على الحريّات العامة في لبنان، ونؤكّد أنّنا ماضيات في معركتنا لحماية حريّتنا والحفاظ على حقوقنا كصحافيات/ين بشتّى سُبل الاحتجاج والضغط المُتاحة.

ونُطالب نقابة محرّري/ات الصحافة اللبنانيّة التحرُّك للدفاع عن حقوق الصحافيات/ين المنتسبات/ين إليها. فمن الأجدى مكافحة التجاوزات والانتهاكات التي تتعرّض لها العاملات/ين في الحقل الإعلامي، عوضًا عن ملاحقة التجمعات الصحفية التي ترفع الصوت بوجهِ القمع الممنهج.

في ظلّ الخطر اليوميّ الذي يتربّص بالحراك النسويّ في لبنان، وتزايد الملاحقات الأمنية والقانونية، يلتهي القضاء اللبناني بحملاتٍ تهدف إلى إسكات الناشطات والصحافيات بدلًا من حماية حقّهنّ في النشر والتعبير.


فهذا الادّعاء هو الثالثُ من نوعه ضدّ منصّة “شريكة ولكن”، أمام مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية لعام 2023، بسبب تغطيات صحفيّة سابقة نفّذتها المنصّة داعمًا لناجياتٍ من العنف الذكوريّ. 

وفي حين تكثُر الجرائم والاعتداءات ضد النساء والفتيات في لبنان، بات المكتب المذكور وسيلةً يستخدمها المعتدون لمحاولة تكميم أفواه الصحافيات والعاملات على فضح الاعتداءات والانتهاكات ضد النساء.

من هنا، نشدّد على مبدأ تصديق الناجيات مهما كثُرت محاولات إسكاتنا وعلى دورنا الصحفي في إيصال أصواتهنّ حتى تحقيق العدالة لهنّ.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد