مصر.. “الحوار الوطني” يتجاهل المطالبات بقانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء

أصدرت أحزاب ومنظمات وشخصيات نسويّة وحقوقية في مصر بيانًا مشتركًا، استنكرت فيه خلوّ توصيات الجلسة المخصّصة للعنف الأسري، في أعمال ما يُسمّى بـ”الحوار الوطني”، من المطالبات بإصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء.

وفي خضم ردّها على البيان الإعلامي الصادر عن هذه الجلسة والتي نُظِّمت بعنوان: “العنف الأسري والمخاطر الإلكترونية على التماسك المجتمعي”، انتقدت هذه الأحزاب والمنظّمات “الحوار الوطني”. واعتبرت أنه “انتقائي” في المسائل التي يطرحها ويحاول معالجها.

تفاصيل البيان وخلفيته

حرص طيفٌ واسعٌ من الحركة النسوية والسياسية المستقلّة في مصر على المشاركة في الجلسة. وذلك “لإبداء الرأي حول أفضل التدخلات الممكنة لمناهضة العنف ضد النساء”، بحسب البيان.

وأضاف أن “هذه المشاركة جاءت في ضوء الارتفاع الملحوظ في معدلات العنف ضد النساء، وتنوّع أشكال هذا العنف في المجالين العام والخاص”.

وشدد على ضرورة:

  • إصدار قانون موحد كتدخلٍ رئيسيٍّ واجبٍ لمناهضة العنف ضد النساء.
  • تحسين بيئة العدالة الجنائية إجمالًا. مثل تعديل المادة 60 والمادة 17 من قانون العقوبات. وكافة المواد التي ترسّخ وتسّهل العنف والتمييز ضد النساء.
  • إصدار وإتاحة البيانات والإحصاءات الرسمية فى هذا الصدد في مواعيدها الدورية.
  • تحسين خدمات مناهضة العنف. مثل زيادة المآوي الآمنة بصورةٍ عادلة تتناسب مع البعد الجغرافي والسكاني.
  • الاهتمام بخدمات الدعم النفسي وتحسين منظومة الإحالة للناجيات.

كما انتقد صياغة البيان الإعلامي الصادر عن الجلسة الأخيرة لما تُسمّى “لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي” في “الحوار الوطني”.

انتقائية وتجاهل منظور النوع الاجتماعي وعلاقات القوى

واعتبر أن “البيان الإعلامي المعني بالأصل بتوثيق أبرز نقاط النقاش في الجلسة، تجاهل أغلبية الآراء والتدخلات المطالبة بقانون موحد ضد العنف”.

في حين “وثّق آراء أخرى تكاد تكون فردية ولم تتبناها مجموعات واسعة من المشاركات/ين في الجلسة. مثل إنشاء مجلس قومي لمواجهة تهديدات الأسرة المصرية!”.

ما يزيد، بحسب بيان الأحزاب والمنظمات، من القلق حول “انتقاء ما يجري الإعلان عنه من نقاط تم طرحها في الجلسات”.

وأضاف: “هذا الطرح عليه خلاف واسع لأنه لا يتناسب مع توجهات الدولة في تمكين النساء، ولا مع التزامات مصر الدولية في إطار اتفاقيات حقوق الإنسان”.

ويعد “تقييدًا وإرباكًا في الأهداف والأدوار المنوط بها المجلس القومي للمرأة”.

كما لفت البيان إلى أن “البيان الإعلامي تجاهل أيضًا منظور النوع الاجتماعي وعلاقات القوى”.

وبدلًا من ذلك، “يتعامل مع قضية العنف كأنها ظاهرة نفسية. ويقوم بشمل قضايا النساء مع قضايا الأسرة، متبنيًا ألفاظًا غير واردة في القانون، مثل “القوامة”، بدلًا من مفاهيم المواطنة والمساواة أمام القانون“.

وقالت المنظمات والأحزاب: “باعتبارنا ممن شاركن/وا في هذه الجلسة، أو تابعوها من خلال وسائل الإعلام اهتمامًا منا بموضوعاتها، نهيب بإدارة الحوار الوطني ومجلس أمناء الحوار، الحرص على ضرورة رصد وتوثيق أغلب التوصيات التي عبّر عنها طيف واسع من الحركة النسوية”.

كما طالب البان المشترك بـ:

  • الإعلان عن هذه التوصيات إجمالًا من دون انتقاء أو تجاهل.
  • رصد الخلاصات العامة في الجلسات باعتبارها أطروحات محل تعزيز وتوافق من قبل نسبة ملحوظة من المشاركات/ين.
  • نشر تسجيل جلسات “الحوار الوطني” كاملة كما كان يتم في الأسبوع الأول له. وذلك بعد غياب الجزء الثاني من فاعليات الجلسة عن صفحة “الحوار الوطني” الرسمية، بالإضافة إلى بعض مداخلات الجزء الأول.

إشارةٌ إلى أنه من بين الأحزاب الموقعة على البيان المشترك: “الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي”، و”حزب الإصلاح والتنمية”، و”حزب العدل”، و”حزب العيش والحرية” (تحت التأسيس)، وغيرها.

ومن المنظمات والمؤسسات الحقوقية الموقعة أيضًا: “الجبهة الوطنية لنساء مصر”، و”جمعية المرأة المعيلة”، و”مؤسسة المرأة الجديدة”، و”مؤسسة قضايا المرأة المصرية”، و”مبادرة سند للدعم القانوني للنساء”، و”مبادرة صرخة لمناهضة العنف ضد المرأة”، وغيرها.

هذا بالإضافة إلى شخصيات عامة من سياسيات/ين وحقوقيات/ين وناشطات/ين وصحافيات/ين.

من أين جاءت فكرة القانون؟

بدأت فكرة إصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء في مصر، كنتاجٍ لنضال وحراك المنظمات والمؤسسات النسوية. وذلك بعد زيادة الوعي في أشكال العنف ومستوياته خلال السنوات الأخيرة.

كذلك مع تسليط مزيدٍ من الضوء على قضايا وجرائم لا يرصدها القانون المصري الحالي، مثل: الاغتصاب الزوجي والابتزاز الإلكتروني.

ومنذ أشهر، تناقش هذه المنظمات والمؤسسات، مشروع القانون الذي يضم آليات حماية اجتماعية.

ويتطرق بصورة مباشرة إلى تأثير عملية التوعية على المجتمع. كما يبدي اهتمامه بدعم الناجيات وتوفير أماكن آمنة لإيوائهن. خصوصًا لمن يتعرّضن للملاحقة والتهديد والتنكيل.

وفي هذا الخصوص، أكدت الجهات التي صاغت مشروع القانون أنه “يشمل مختلف القضايا الخاصة بالنساء”.

بدءًا من “الثقافة المجتمعية التي تقبل إلى حدٍّ كبير بعض ممارسات العنف الواقعة عليهنّ. ووصولًا إلى ثقافة لوم الضحية والتبرير للمعنفين والمعتدين والمجرمين”.

وهو الأمر الذي “يستدعي الوقوف عنده، لحسم أمر العقوبة بما لا يترك مجالًا لمحاولات التسامح مع الانتهاكات والاعتداءات والجرائم المرتكبة ضد النساء”.

وكانت “المفوضية المصرية للحقوق والحريات”، وثّقت في دراسةٍ سابقة 235 جريمة عنف أسري خلال عام 2022. وهي نسبة محدودة لا تعكس ما تتعرّض له النساء والفتيات فعلًا على أرض الواقع في مصر.

ومن ضمن هذه الجرائم: 119 جريمة قتل، و17 اعتداء بالضرب حتى القتل، و10 حالات شروع في القتل، و129 اعتداء زوجي، و62 حالة عنف أسري ضد فتيات. بالإضافة إلى 48 اعتداء بالضرب.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد