نقص “رعاية الحمل” يقتل امرأة كل دقيقتين.. و5 دول ناطقة بالعربية في صدارة القائمة

يتسبب نقص الرعاية الصحية للنساء في وفاة ملايين الأمهات في العالم أثناء الحمل والولادة. هناك امرأة تفقد حياتها كل دقيقتين لهذا السبب، ليصل الإجمالي إلى 287 ألف سيدة توفيت في عام 2020 وحده. وذلك وفق تقرير جديد صدر عن وكالات الأمم المتحدة، في 23 شباط/ فبراير الماضي.

تفتقر حوالي 270 مليون امرأة إلى الوسائل الحديثة لتنظيم الحمل والإنجاب.

نقص “رعاية الحمل” يؤدي إلى “وفاة الأمهات”

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعني مصطلح “وفاة الأمهات” تلك الوفاة التي تحدث بسبب المضاعفات المتعلقة بالحمل أو الولادة. وتحدث عندما تكون المرأة حاملاً، أو في خلال 6 أسابيع من نهاية الحمل.

ووجد تقرير الأمم المتحدة أن هنالك 9 دول تتضمن نسبًا مرتفعة وخطيرة من وفيات الأمهات. من بينها 5 دول ناطقة بالعربية تتصدر القائمة، وهي اليمن والصومال وسوريا والسودان وجنوب السودان. كما وجد أن أغلب وفيات الأمهات تحدث في الدول الأكثر فقرًا والتي تعاني من الصراعات. أو التي تضم وحدها حوالي 70% من النسبة العالمية من وفيات الأمهات.

الدكتورة جيني كريسويل، الباحثة في منظمة الصحة العالمية، والمؤلفة الرئيسية لتقرير “وفيات الأمهات”، قالت في مقابلة مع “شريكة ولكن”، إن “الرعاية الصحية للنساء أثناء الحمل والولادة وما بعدها تساعد في إنقاذ حيواتهن. وذلك لأن معظم وفيات الأمهات تحدث لأسباب يمكن الوقاية منها. كما أن نقص الرعاية أو تأخيرها يتسببان في تطور المضاعفات الطبية إلى الوفاة”.

وأضافت أن “هناك أسباب رئيسية تؤدي إلى وفيات الأمهات. من بينها النزيف الحاد، ارتفاع ضغط الدم، العدوى المرتبطة بالحمل، ومضاعفات الإجهاض غير الآمن. كما أن الحمل يتسبب بمضاعفة المشكلة في بعض الحالات مثل الإصابة بفايروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”، أو “الملاريا”.

لذلك فإن الحل هو “معالجة أوجه عدم المساواة في الحصول على خدمات الصحة الإنجابية والجنسية، وزيادة جودة رعاية الأمهات والمواليد. بالإضافة إلى التغطية الصحية الشاملة، بما يضمن استفادة جميع النساء من العلاج الطبي عند الحاجة”.

ضرورة الوقاية من الأمراض أثناء الحمل

وأشارت إلى أن “منظمة الصحة العالمية وضعت إرشادات طبية للعناية الصحية بالنساء في فترات ما قبل الولادة وأثناءها وبعدها، وأثناء الإجهاض”.

وشددت على وجوب “العمل لتصبح جميع النساء قادرات على الحصول على الرعاية، وأن يجدن مقدم/ة رعاية صحية أثناء الولادة الطبيعية. أو يحصلن في بعض الحالات الطبية على جراحات آمنة للولادة القيصرية، وعمليات نقل دمٍ آمنة. إلى جانب الوصول إلى برامج “خدمات الصحة الإنجابية”، بما فيها وسائل منع الحمل، وخدمات الإجهاض عالية الجودة”.

وتابعت أن “نسبة كبيرة من النساء في البلدان الفقيرة، أو التي تعاني من أوضاع هشة ونزاعات، لا يستطعن الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية بجودة كافية، ولا تتوفر رعاية جيدة للأمهات والمواليد”. وأرجعت ذلك إلى “نقص تمويل أنظمة الرعاية الصحية الأوّلية، ونقص العاملين/ات الصحيين/ات المدرَّبين/ات، وضعف سلاسل التوريد للمنتجات الطبية”.

وأوضحت أنه وبحسب الإحصائيات “ما يقارب ثلث النساء في العالم لا يخضعن لـ4 فحوصات سابقة للولادة، من أصل 8 مُوصى بها، ولا يتلقين رعاية أساسية بعد الولادة. بينما تفتقر حوالي 270 مليون امرأة إلى الوسائل الحديثة لتنظيم الحمل والإنجاب”.

وأكدت على أن “العناية بالصحة الإنجابية سببٌ هام لمنع وفيات الأمهات. ومن الضروري أن تهتم النساء بالتخطيط المسبق للحمل، والمباعدة بين مرات الإنجاب”.

سوء الأوضاع الصحيّة وتأثيره على صحة النساء الجنسية والإنجابية

في السياق ذاته، رصدت تقارير أممية أخرى سوء الأوضاع الصحية التي تتعرض لها ملايين النساء.

فوجد تقرير صدر في آذار/ مارس الماضي عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، إن عدد المراهقات والنساء الحوامل والمرضعات اللاتي يعانين من سوء تغذية شديد ارتفع بنسبة 25 % منذ عام  2020. وذلك في 12 دولة تأثرت بأزمة الغذاء العالمية، ومنها السودان واليمن.

كما أكّد تقرير آخر لـ”هيئة الأمم المتحدة للمرأة” على أن الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية للنساء لا تزال تحديًا رئيسيًا في الدول الناطقة العربية.

أما الدكتورة آمال زكي، مستشارة وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية لبرنامج “وعي للتنمية المجتمعية”، وهو برنامج يهتم بصحة الأم والطفل، وتحسين خدمات تنظيم الأسرة، فصرّحت بأن “كل امرأة يجب أن تتابع الحمل مع الطبيب بمجرد معرفتها بالحمل، على الأقل مرة شهريًا خلال الـ6 أشهر الأولى، ومرتين في الشهر السابع والثامن، وصولاً إلى 4 مرات في الشهر التاسع”.

الحل هو معالجة أوجه عدم المساواة في الحصول على خدمات الصحة الإنجابية والجنسية، وزيادة جودة رعاية الأمهات والمواليد.

فحوصات ضرورية أثناء الحمل

وأضافت في مقابلتها مع “شريكة ولكن”، أن النساء “يجب أن يحصلن خلال الزيارة الأولى على فحوصات وتحاليل شاملة. وذلك بهدف معرفة أي أمراضٍ أخرى قد تكون الأم مصابة بها. وأيضًا للتعرف على تاريخ المرض الوراثي خلال عائلتها، لعلاج أي مشكلات قد تتضاعف بسبب الحمل، حفاظًا على صحة الأم”.

وشدّدت على أهمية “نشر الوعي وتغيير نظرتنا إلى الحمل. فكل امرأة عليها أن تهتم بصحتها قبل الحمل، و تخطط للحمل حين تتأكد فقط أن جسدها مستعد لذلك. كما عليها أن تهتم بالتغذية السليمة، وألا تتناول الأدوية إلا بإشراف الطبيب/ة، وأن تلتزم بالإرشادات الطبية”.

واعتبرت أن “خفض وفيات الأمهات مؤشرٌ هامٌ يُقاس به تقدم الدول ونجاحها في تحقيق التنمية. لذلك، يجب تكثيف العمل على تقديم الرعاية الصحية الملائمة للنساء، وتوعيتهن على الجانب الآخر بطرق الحفاظ على صحتهن. وكلّما كانت الأم أكثر صحة، كان/ت طفلها/طفلتها كذلك. والعناية بصحة الحوامل تعني حماية الأطفال من الكثير من الأمراض مثل سوء التغذية أو التسبب في إعاقات كالتقزم”.

وقالت الدكتورة نعيمة القصير، ممثلة منظمة الصحة العالمية في مصر، في مقابلة مع “شريكة ولكن”، إن “معظم أسباب وفيات الأمهات يمكن منعها. فمصر على سبيل المثال، حققت نجاحًا كبيرًا بخفض نسبة وفيات الأمهات بنسبة 79% في الفترة بين عامي2000 و2020. وجاءت في المرتبة السادسة عالميًا من حيث خفض النسبة”.

مصر تنجح في خفض معدلات “وفيات الأمهات” بنسبة 79%

وتابعت أن “أهم الأسباب التي تؤدي إلى وفيات الأمهات تتمثل في عدم كفاية أعداد العاملات/ين الصحيات/ين و عدم حصولهن/م على التدريب الكافي، ونقص الإمدادات الطبية الأساسية. بالإضافة إلى تدني جودة الخدمات المقدمة للنساء، نتيجةً للتمييز على أساس النوع الاجتماعي. وأيضًا، عدم شمول خدمات رعاية الحمل الأساسية في برامج التغطية الصحية الشاملة”.

ولفتت إلى أن “هذه الأسباب الطبية يمكن تجنّبها، بتوفير وإتاحة العلاج اللازم للأم للمحافظة على صحتها وصحة الجنين. وكذلك بالالتزام بالنظافة داخل المنشآت الصحية، و التعرف على العلامات المبكرة للعدوى و معالجتها في أسرع وقت. بالاضافة إلى حقن “الأوكسيتوكس” مباشرةً بعد الولادة لتقليل خطر النزيف”.

وشددت على أهمية “التخطيط للحمل وتناول الفيتامينات الأساسية، والعمل على الحصول على تغذية سليمة. بالإضافة إلى المتابعة الدورية مع الطبيب/ة بما لا يقل عن 8 زيارات حتى الولادة. وكذلك الكشف المبكّر لعلاج الأمراض التي يمكن أن تنتقل من الأم إلى الجنين، مثل التهاب الكبد الوبائي”.

بالإضافة إلى وجوب “تلقّي التطعيمات المُوصى بها مثل “التيتانوس”، والتطعيم ضد فيروس كورونا. وذلك لأن الحوامل من ضمن الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الفيروس. كل هذه الإجراءات أثبتت فعاليتها في خفض نسبة وفيات الأمهات”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد