كتب نسوية من إيران تذكرنا بالنضال النسوي ضد الأبوية

تواصل الحركة النسوية في إيران معركتها ضد النظام الأبوي الأصولي، الذي قام منذ تولّيه الحكم بوضع النساء ضمن جبهة حرب مستمرة. ولم يكن النضال النسوي في إيران وليد اللحظة، بل يمتد لعقودٍ طويلة. حيث كانت النساء في قلب النضال ضد ديكتاتورية الشاه، وواصلن النضال ضد نظام الملالي.

بمقاومةٍ مستمرة، أعلنت الإيرانيات رفضهنّ تبديل وجه القمع، والاستيلاء على حقوقهن في الحياة والحرية.

ظلّت الحركة النسوية في إيران تبدع الشعارات والتنظيرات وأساليب الاحتجاج المتواصلة ضد الحجاب القسري، والفصل والتمييز الممنهج ضد النساء في الفضاء العام. 

وكان مقتل مهسا ژينا (جينا) أميني، المعروفة باسم مهسا أميني، النقطة الفاصلة في تاريخ الحركة النسوية في إيران. حيث تلاحمت جهود النساء من إثنيات وطبقات مختلفة، معلنات الحرب على ديكتاتورية النظام الأبوي، والمتسلح بالدين والعمامة.

التضامن الحقيقي يقتضي أن نتقصّى أصوات النساء أنفسهن، لا من نقل عنهنّ. سواءً وُثقت نضالاتهنّ كتجارب ورؤى مكتوبة، أو من خلال البحث عن أساليب المقاومة النسوية المختلفة.

 

النساء في إيران.. نضالٌ مستمرٌ

لطالما كان الانتباه لنضالات النساء يتعثر بالترند، الذي أصبح ملازمًا للقضايا. فالحاجة المتواصلة لمواكبة الترندات، ساهمت بتحويل الأنظار عن كل قضية بعد فترة قصيرة من تغطيتها. وكأن الأولوية أصبحت للسرعة في تغطية القضايا، دون الغوص فيها كتجربة إنسانية وتاريخية ثرية.

وهذا ما يجعلنا نرى قضايا الحراك النسوي الإيراني كتاريخٍ لا يزال يكتب أسمى معاني النضال ضد القمع. كل ذلك في ظل انتهاكاتٍ شنيعة وإرهابية، تبدأ بالاعتقال وحلق الرؤوس، والاجراءات التعسفية كفرض الحجاب تحت طائلة الملاحقة أو الطرد من أماكن العمل. ولا تنتهي بالتعذيب والقتل.

اليوم، نضيء محطات مهمة من التاريخ النسوي الإيراني، وهي تلك اللحظات التي نظّرت وكتبت فيها نساء إيرانيات عن واقعهن وقضاياهن. إذ تحدّين سلطة القمع الأبوية والدينية، ورفضن عزلهن، كما خطط لهن النظام الأبوي.

فيما يلي، نشارك لائحة قراءة مجموعة من الكتب التي كتبتها نساء إيرانيات، في محاولة لإيصال أصواتهن إلى العالم.

برسيبوليس: قصة الطفولة، لمرجان ساترابي 

قدّمت الكاتبة مرجان ساترابي في مجموعتها القصصية “برسيبوليس” منظورًا نسويًا وماركسيًا، حول وضع إيران بعد الثورة على الشاه وتولّي النظام الإسلامي للحكم. بطريقةٍ مرحة، ومؤلمةٍ في الآن نفسه، وثّقت حياتها كطفلةٍ في إيران، منذ سنّ السادسة وحتى الرابعة عشر. 

لم تكن مرجان فتاة عادية تشهد تحولاتٍ كبرى لبلدها. بل كانت ذات ذكاء متقدٍ، وتوجهٍ ماركسي راديكالي، بسبب نشأتها في عائلة شيوعية. 

كانت مرجان ساترابي في المدرسة الابتدائية، عندما تمّت الإطاحة بالشاه من السلطة في إيران، وتولّى نظام إسلامي محافظ مقاليد الحكم.

خلال هذه الفترة، كانت مرجان تكافح لإيجاد معنى في التغييرات الهائلة، والظلم اللامنتهي، وشبح الموت والحرب الذي حلّ على بلدها. 

من ناحيةٍ أخرى، كانت تصارع الدين والمدرسة والسلطات، التي تفرض قيودًا على الملابس والمكياج والثقافة الشعبية. نظرًا لكونها طفلة متمردة، وثّقت كيف كان عليها التعامل مع المواقف القمعية والذكورية، التي وضعت أغلالاً وقيودًا على مصير النساء والفتيات في إيران. فأصبح كل مظهرٍ منافٍ لقواعد السلطة، سببًا للسجن والإعدام.

بمقاومةٍ مستمرة، أعلنت الإيرانيات رفضهن تبديل وجه القمع، والاستيلاء على حقوقهن في الحياة والحرية.

حتى نتحرر: كفاحي من أجل حقوق الإنسان في إيران، لشيرين عبادي

في كتابها “حتى نتحرر: كفاحي من أجل حقوق الإنسان في إيران“، تقدّم محامية حقوق الإنسان، شيرين عبادي، سردية عن حياتها. وهذه السردية تتقاطع مع حياة ناشطاتٍ سياساتٍ في إيران، وتوضّح كيف يتعامل النظام معهن، والقمع الذي يتعرضن له.

قضت شيرين عبادي حياتها المهنية في الدفاع عن النساء والطفلات/الأطفال واللاجئات/ين والمعارضات/ين في إيران. كما استخدمت الكتابة والأدب لإضاءة هذه القضايا والدفاع عنها، وفازت بجائزة نوبل للسلام عام 2003. وكانت أول امرأة إيرانية ومسلمة تحصل على الجائزة الدولية. وبسبب نشاطها، تعرّضت لردّ فعلٍ عنيف من النظام في الداخل. حيث تم وضعها تحت مراقبة مشددة، واحتجازها، وكذلك تعرضت للمضايقة والتهديد. 

بالإضافة إلى كتابها، الذي روت فيه كيف يستخدم النظام في إيران مختلف الوسائل القمعية لاضطهاد النساء والأقليات، قدّمت شيرين فيلم “حتى نتحرر”. كان ذلك لتروي قصص النضال ضد نظامٍ وحشيٍّ مصمّم على إسكاتها. خلال الفيلم، قدّمت لمحة عن نضال النساء المستمر في إيران، من أجل الحرية.

حياة أعيد بناؤها: المرأة والثورة الإسلامية الإيرانية، لهالة اسفندياري

في كتاب “حياة أعيد بناؤها: المرأة والثورة الإسلامية الأيرانية“، توثق هالة اسفندياري تجارب النساء العاملات.

ويشمل التوثيق الأحداث الدرامية والمؤلمة التي عايشنها، وما حدث معهن بعد تولي النظام الإسلامي للحكم في 1979. كما يوثق الهجوم الذي حلَّ بالنساء في الفضاء العام وأماكن العمل. وسردت كيف فرضت عليهن القواعد الذكورية، لكي يحتفظن بأعمالهن، وبعضهن تعرضن للتعسف والسجن.

الخطيئة: قصائد مختارة، لفروغ فرخزاد، حررتها شوله وولبي

فروغ فرخزاد، هي شاعرة ومخرجة إيرانية. تُعرف بأنها واحدة من أكثر الشاعرات نفوذًا في إيران. وقد واجهت هجماتٍ ذكورية خلال حياتها، بسبب تحدّيها القواعد التي كانت تفرض على النساء، كيف يتصرفن ويتحدّثن.

في هذه المجموعة الشعرية المعنونة بالخطيئة، تكشف فروغ فرخزاد عن كيفية ربط كل ما يتعلق بالنساء بالخطيئة. فكان عقاب “الخطيئة” الرجم أو السجن، وهو ما يتكرّر اليوم في إيران.

أصوات من إيران: الحياة المتغيرة للمرأة الإيرانية (النوع الاجتماعي والثقافة والسياسة في الشرق الأوسط)، لمهناز كوشة

في بحث “أصوات من إيران: الحياة المتغيرة للمرأة الإيرانية“، أجرت مهناز كوشه مقابلة مع 15 امرأة إيرانية في طهران، ينحدرن في الأصل من مدن وبلدات خارج طهران، تراوحت أعمارهن بين 38 و 50 عامًا.

يتألّف الكتاب من مقابلاتٍ شخصية، وحوارات تستكشف فيها النساء علاقاتهن مع أمهاتهن وآبائهن وأزواجهن وطفلاتهن/أطفالهن. كما يفكك علاقاتهن بالمؤسسات العامة، والعلاقات الخاصة، كالخطوبة والزواج. ويتناول أيضًا قضايا رعاية الطفلات/الأطفال، والعمل المنزلي، وتوظيف النساء. 

تنقل مهناز كوشه أحاديث النساء الإيرانيات بصراحةٍ، عن مخاوفهن وطموحاتهن واحباطهن. وكيف يناقشن المشاكل الشخصية اليومية، والحلول التي يبتكرنها للتعامل مع هذه الصعوبات. كما تقدّم فيه سردًا تحليليًا، ورؤى مباشرة عن تجارب حياة الإيرانيات، وبحثهن الشجاع عن الهوية والحرية.

رغم الجبروت الأبوي، تتعالى أصوات الإيرانيات 

لدى البحث عن تواريخ نضالات النساء في كلِّ مكان، غالبًا ما نسمع عن قضاياهن بغير أصواتهن، في حين يقتضي التضامن الحقيقي أن نتقصّى أصوات هؤلاء النساء أنفسهن. سواءً وُثقت كتجارب ورؤى مكتوبة، أو من خلال البحث عن أساليب المقاومة النسوية المختلفة التي تنقل هذه التجارب وتقوّي أصوات المناضلات من أجل الحرية والعدالة.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد