تجميد البويضات .. حلم الأمومة المفقود

يتزايد الحديث عن حق النساء في إجراء عملية تجميد البويضات في مختلف الدول العربية.

وتجري هذه العملية عبر استئصال البويضات وتجميدها وتخزينها في النيتروجين السائل لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد.

ويحدث ذلك بطلبٍ مكتوب من صاحبتها لاستعمالها في حملٍ لاحق.

وأجريت أول عملية تجميد بويضات في العالم عام 1986، وأول طفل ولد من بويضة مجمدة من نفس الأم تمت عام 1999.

نساء يتحدثن عن تجاربهن مع تجميد البويضات في مصر

تجربة قاسية وصعبة عاشتها سحر زايد (35 عاماً) وهي لا زالت عروساً جديدة لم تتخط سنوات زواجها العامين.

إذ اضطرت إلى إجراء عملية جراحية لإزالة المبيض، وباتت تخشى ألا تنجب أبداً.

روت سحر تفاصيل تجربتها لـ”شريكة ولكن”، فقالت: “أجريت عمليةً جراحيةً أزال الأطباء خلالها المبيض لمشاكل صحية، كما أصبحت أعاني من ضعف مخزون البويضات، وللأسف زوجي دائم السفر لظروف عمله”.

وأضافت: “لذلك أخشى ألا أنجب يوماً خصوصاً أن عمري الآن 35 عاماً وتزوجت في سن الـ33. ففكرت في حلٍ لأتمكن من الإنجاب وأحقق أمنيتي في أن أصبح أماً. وفي إحدى المرات نصحني الطبيب بعملية تجميد البويضات”.

لكنها حين سَألت طبيب نساء وتوليد آخر، أخبرها أن هذه مجرّد تجارب وليست أكيدة حتى الآن.

وبعد مشاورات عدة مع متخصصين، وجدت سحر أن التجربة غير مضمونة بعد، على حد وصفها، فتراجعت عن إجرائها.

أما أميرة سيّد (40 عاماً)، فلم تخض التجربة على أرض الواقع، لكنها أرادت الاستعلام عن إمكانية تنفيذها في مصر.

لذلك، بدأت تسأل الأطباء المتخصصين عام 2018 عن إمكانية إجرائها. لكن رد الأطباء كان صادماً لها. إذ اكدوا أن هذه العملية لا تُجرى إلا للمتزوجات!

وفي حديثها لـ”شريكة ولكن”، قالت أميرة: “أردت أن أعرف التفاصيل و إمكانية إجراء العملية في حال بلغت سن الـ40 و لم أكن قد تزوجت بعد”.

واعتبرت أن “هذا النوع من العمليات حل جيد خصوصاً في ظل تأخر سن الزواج كما أنه باب أمل للنساء اللواتي يعانين من مشاكل في الإنجاب“.

وعام 2019، أعلنت ريم مهنا (40 عاماً) أول سيدة مصرية خوضها عام 2017، تجربة تجميد البويضات. فهي لم تفصح عن تجربتها إلا بعد عامين ونصف.

وأرجعت السبب إلى أنها لم تلتقِ بالشخص المناسب للزواج طوال السنوات الماضية، فرأت أن الأفضل تجميد بويضاتها.

ما هي إجراءات العملية؟

في مقابلة خاصة لـ”شريكة ولكن”، قالت الدكتورة مي علي، أخصائية أمراض النساء والتوليد وتأخر الإنجاب، إن “النساء اللواتي تخطين سن الـ35 يلجأن عادةً إلى هذا النوع من العمليات، إلى جانب المصابات بمرض السرطان اللواتي يخضعن للعلاج الكيماوي، نظراً لانخفاض مخزون المبيض كلما تقدم العمر. ما يؤدي إلى تراجع جودة البويضات”.

وأضافت أن “من ترغب في الإنجاب بعد سن الـ40 تقلّ فرص الحمل لديها إلى حدٍ ما، وقد تنجب جنيناً مشوهاً نظراً لانخفاض جودة البويضة”.

و عن إجراءات العملية، أوضحت مي أن “السيدة تحصل على أدوية لتحفيز المبيض لإنتاج أكثر من بويضة شهرياً ليكون المخزون كافياً. وبعد إجراء صورة السونار والتأكد من حجم المخزون، نسحب البويضات، إما عن طريق المهبل أو البطن”.

وأشارت إلى أنه “في الحالة الأولى يكون غشاء المهبل عرضةً للفض، لذا يتم اللجوء إلى سحب البويضة عن طريق منظار البطن. لكن الأسهل سحبها من المهبل، بعد توقيع السيدة على إقرارٍ بعدم مسؤولية الطبيب/ة. ثم يتم تجميد البويضات المسحوبة أسوةً بالحيوانات المنوية في درجات حرارة معينة لتحفظ بخصائص محددة في المعمل، إلى أن تطلبه السيدة في الوقت المناسب لتلقيح البويضة بالحيوان المنوي، وتُزرع في الرحم، ليتم الحمل بطريقة الحقن المجهري”.

ما هي نسب نجاح عملية تجميد البويضات ومخاطرها؟

أكدت الدكتورة مي أنها “لم تقابل حالة حَملت من بويضة مجمدة، وقد يرجع ذلك إلى عدم كفاءة طرق التخزين في مصر نوعاً ما”.

وقالت: “متابعة التكنيكات في الخارج متقدمة إلى حدٍ ما، لذا أنصح النساء الراغبات في إجراء العملية بالسفر إلى الخارج”.

وأشارت إلى أن “نسبة نجاح العملية هي أقل من 60%، وقد تتراوح بين 40 و50%”.

كما أضافت: “أجد أن الأمر لا يحتاج إلى كل هذا العناء الذي قد تتعرض له النساء بسبب العملية. فأدوية تحفيز المبيض على إنتاج بويضات، قد تسبب مشاكل صحية كالاكتئاب. مع العلم أن  عمليات الحقن المجهري التي نأخد فيها بويضة وحيوان منوي سليم، لا تكون نسبة نجاحها مرتفعة”.

وأوضحت أن “العلاج الكيماوي الذي تحصل عليه المصابات بمرض السرطان يتسبب في تدمير مخزون البويضات وقد يؤدي إلى انقطاع الدورة الشهرية”.

ولفتت إلى أن “مخزون البويضات بعد فترة العلاج هو المحدد لموعد إجراء العملية من عدمها”.

تجميد البوضات

أما عن مخاطر العملية، فقالت: “أحياناً قد يحدث تحفيز زائد للمبيض نتيجة الأدوية التي تحصل عليها السيدة لتزوّد مخزون البويضات قبيل إجراء العملية، ما قد يسبب اكتئاب و أعراض أخرى. إضافة إلى مخاطر المنظار العادية وغير المتعلقة بالعملية نفسها، كثقب الأمعاء أو القولون، التي قد تحدث بنسبةٍ بسيطة”.

وأشارت إلى أن “هذا النوع من العمليات غير متداول في مصر إلى حدٍ كبير ونسبته ضئيلة جداً قد لا تصل إلى 1%”.

من جهتها، اعتبرت الباحثة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والنوع الاجتماعي منى عزت أنه “في حال عدم وجود أي مبرر طبي يدفع الطبيب/ة لعدم إجراء العملية للسيدة، فلا مبرر لرفض الأطباء إجراءها”.

وأضافت أنه “عدا ذلك، كل شخص حر/ة في جسده/ا والتعامل معه/ا من دون تدخل الآخرين. ونقابة الأطباء هي الجهة المخوّلة للتحقيق في الأمر، في حال تقدمت سيدة بشكوى ضد طبيب/ة رفض إجراء العملية من دون مبرر لذلك”.

تطالب نساء كثيرات في مجتمعاتنا العربية بحقهن في تقرير مصيرهن وخياراتهن من خلال فتح مجال أوسع أمام هذا الخيار الطبي، الذي يقتصر حقهن في اللجوء إليه على حالات صحية معينة، وللمتزوجات فقط.

وهذا انتهاك لحريتهن في أجسادهن وفي تحديد موعد الحمل والإنجاب، ما يحرمهن من حلم الأمومة في كثير من الحالات.

 

كتابة: سهاد الخضري

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد